استمع إلى الملخص
- **قوانين الأسواق الرقمية والخدمات الرقمية:** تركز الحملة الأوروبية على قانوني الخدمات الرقمية والأسواق الرقمية، مما أدى إلى تحقيقات عديدة وضغوط على شركات مثل "آبل" لتقديم تنازلات.
- **تحديات مستقبلية ومواجهات قانونية:** تواجه شركات التكنولوجيا تحديات قانونية وإعلامية، مع استمرار المفوضية الأوروبية في مكافحة التضليل الإعلامي وخطاب الكراهية، مصممة على تطبيق القوانين بصرامة.
كان العام الحالي صعباً لكبرى شركات التكنولوجيا، لكنّ الأشهر الأخيرة منه قد تشهد مزيداً من الصعوبات مع بدء الاتحاد الأوروبي تطبيق نظام قانوني جديد يهدف إلى ضبط عمل عمالقة الإنترنت.
وبعد عام على دخول لوائح خاصة بالخدمات الرقمية فريدة من نوعها في العالم حيز التنفيذ في الاتحاد الأوروبي، حققت بروكسل أكبر انتصار لها في وجه منصات التواصل الكبرى بإرغامها "تيك توك" على إلغاء التطبيق بصورة دائمة في السوق الأوروبية لاعتباره يحفّز إلى "الإدمان" لدى مستخدمي الموقع.
جاء هذا القرار بعد سلسلة طويلة من التدابير استهدفت في مطلع الصيف شركات التكنولوجيا العملاقة آبل وميتا ومايكروسوفت، فيما يقول مسؤولون أوروبيون إن مبادرات أخرى ستتخذ بحلول نهاية السنة، من بينها فتح تحقيقات جديدة وإدراج أسماء إضافية على قائمة المنصات الخاضعة للوائح الأوروبية.
وتتمحور الحملة الأوروبية الحالية حول قانونين باتا معروفين في جانبي المحيط الأطلسي، وهما قانون الخدمات الرقمية DSA (Digital Services Act) المتعلق بالمحتوى على الإنترنت، وقانون الأسواق الرقمية DMA (Digital Markets Act) الخاص بالتنافسيّة.
"ليست سوى البداية"
ومنذ بدء تطبيق قانون الأسواق الرقمية، فتح الاتحاد الأوروبي عدداً من التحقيقات، وشدّد الضغط على "آبل" لحضها على التراجع في معركتها القانونية مع شركة إبيك غايمز صاحبة لعبة "فورتنايت" حول مسألة احتكار على متجر تطبيقاتها.
وأُرغمت "آبل" في النتيجة على تقديم تنازل للتكتل الأوروبي لا تطبقه في أي مكان آخر من العالم، يسمح بتنزيل متجر "إبيك غايمز" على هواتف آيفون في التكتل.
ورأت النائبة في البرلمان الأوروبي والخبيرة في المسائل الرقمية، ستيفاني يون كورتان، أنّ "المفوضية الأوروبية تضطلع بالمهمة، إنها تطبق قانون الأسواق الرقمية بموارد محدودة وضمن مهلة قصيرة بالنسبة إلى قضايا المنافسة الطويلة". فيما أكد الخبير في منظمة الحقوق الرقمية الأوروبية غير الحكومية، جان بينفرا: "هذه ليست سوى البداية".
ووضعت المنظمة ومجموعات أخرى منها "المادة 19"، في يوليو/ تموز الماضي قائمة بمجالات لا تلتزم فيها شركة آبل بحسبها بقانون الأسواق الرقمية، وأوضح بينفرا لـ"فرانس برس": "نتوقع أن تعالج المفوضية هذه المسائل أيضاً في الوقت المناسب".
خلافات تحت أضواء الإعلام
تنتقد "آبل" بعض بنود هذا القانون، مؤكدةً أنها قد تشكل انتهاكاً لخصوصية المستخدمين ولسلامة البيانات. كانت الشركة الأميركية العملاقة في يونيو/ حزيران الماضي أوّل شركة تُتهم رسمياً بمخالفة أحكام قانون الأسواق الرقمية، وهي تواجه غرامات فادحة إذا لم تقدم للمفوضية أجوبة تعتبر مرضية.
وفي الثامن من أغسطس/ آب الحالي، أعلنت المجموعة إدخال تعديلات على متجر تطبيقاتها التزاماً بأحكام قانون الأسواق الرقمية، فيما سارع تحالف Coalition for App Fairness الذي يضم شركات تسعى للتوصل إلى تسوية عادلة تتيح إدراج تطبيقاتها على متجر "آبل"، إلى اعتبار هذه التعديلات "غامضة".
كما سينصبّ الاهتمام على القضية المتعلقة بموقع إكس بمتابعة حثيثة لتقييم مدى السلطات الجديدة الممنوحة للاتحاد الأوروبي. فأحكام قانون الخدمات الرقمية المتعلقة بمكافحة التضليل الإعلامي وخطاب الكراهية، أثارت مواجهة بين مالك المنصّة الشهيرة الملياردير إيلون ماسك والمفوض الأوروبي المكلف بالمسائل الرقمية تييري بروتون. وقد تفضي المسألة إلى فرض غرامات على المنصة في الاتحاد الأوروبي وصولاً إلى حظرها تماماً في حال ارتكبت المزيد من الانتهاكات الكبرى.
وأكدت المفوضة الأوروبية لشؤون المنافسة مارغريتي فيستاغر، أن بروكسل تتقدم "بسرعة قصوى". لطالما كان هدف قانون الأسواق الرقمية المعلن تقليص مدّة التحقيقات الطويلة حول قضايا المنافسة التي كانت حتى الآن تمتد لسنوات، ومع دخول هذا القانون حيز التنفيذ، لم تعد تستغرق سوى 12 شهراً. لكن بوسع المجموعات المستهدفة الطعن في القرارات أمام محاكم الاتحاد الأوروبي، ممّا ينذر بمعارك قانونية طويلة.
"أسلحة" شركات التكنولوجيا
عدا اللجوء إلى المحاكم، تملك شركات التكنولوجيا الكبرى أسلحة من نوع آخر. ففي يونيو الماضي، أعلنت "آبل" أنها سترجئ نشر وظائف جديدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي بسبب "غموض بشأن اللوائح" المنظمة. من جهته، رأى جان بينفرا أن المجموعة الأميركية تسعى من خلال مثل هذه الإعلانات إلى "الضغط على المفوضية الأوروبية حتى لا تتشدد كثيراً في تطبيق التشريعات".
فيما اعتبر دانيال فريدلاندر مدير جمعية سي سي آي إيه أوروبا (لوبي شركات التكنولوجيا) أنه "بدل إعلان تدابير عقابية محتملة على خلفية موقف سياسي بامتياز، يجدر بالتحقيقات الجارية في إطار قانون الأسواق الرقمية التركيز على إقامة حوار حقيقي بين المفوضية الأوروبية والشركات المعنية". لكن المفوضية تبدو مصممة على المضي قدماً لضمان عدم إفلات أي من شركات القطاعات الرقمية بما في ذلك الذكاء الاصطناعي من هيئات الضبط الأوروبية.
(فرانس برس)