شبكات إيرانية تقتحم انقسام التعديلات القضائية الإسرائيلية

27 يونيو 2023
من تظاهرة لمعارضي التعديلات القضائية (فرانس برس)
+ الخط -

لاحظ باحثون في تل أبيب أن شبكات إيرانية عملت على تعزيز الانقسام الإسرائيلي الداخلي الذي تفجر بعد طرح حكومة بنيامين نتنياهو التعديلات القضائية. وقد استغلت هذه الشبكات التصدع المجتمعي الإسرائيلي لتأجيج الخلافات بين معارضي التعديلات والمؤيدين لها. وحسب الاستنتاجات التي توصل إليها الباحثون الإسرائيليون، وعرضها مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في ورقة نشرها الخميس الماضي، فقد نشطت الشبكات الإيرانية على تطبيقات واتساب، وتويتر، وإنستغرام، وتيلغرام، وهو ما تقاطع مع معلومات نشرتها صحيفة هآرتس الأسبوع الماضي أيضاً. وخلص الباحثون، الذين ينتمون إلى منظمتي Active Info وFake Reporter، إلى أن الشبكات الإيرانية التي نشطت بكثافة على مواقع التواصل العبرية، وتقمص الناشطون فيها دور ناشطين إسرائيليين مؤيدين ومعارضين للتعديلات، كثفت دعواتها لفرض كل طرف من الطرفين المتعارضين وجهة نظره.
وتوصل الباحثون الإسرائيليون أيضاً إلى أنه استجابة لدعوات الشبكات الإيرانية في الفضاء السيبراني، فقد رفع إسرائيليون لافتات على بيوتهم، سبق أن حددت هذه المجموعات الشعارات التي كتبت عليها. وقد دشنت هذه الشبكات مجموعات بالعبرية على "واتساب" باسم المعارضين والمؤيدين للتعديلات. وأطلقت إحدى المجموعات، التي قدمت نفسها كمعارضة للتعديلات، على نفسها اسم "إين كول"، التي تعني بالعربية "من دون صوت". وحسب التحقيقات، تقمّص أحد أعضاء الشبكة الإيرانية دور ناشطة في الاحتجاجات على التعديلات القضائية، وتواصل مع ناشطة إسرائيلية تدعى ألونا، وطلب منها رفع يافطة تؤيد مطالب رافضي هذه التعديلات على منزلها، وهو ما حصل بالفعل، فعلّقت الناشطة الإسرائيلية يافطة كتب عليها "من دون ديمقراطية لن يكون لك صوت"، على بيتها الكائن وسط فلسطين المحتلة.
ووفق ما كشفته التحقيقات، فإن عناصر الشبكة الإيرانية لم يتوقفوا عند هذا الحد، بل تقمص أحدهم شخصية ناشط يميني إسرائيلي مؤيد للتعديلات القضائية، واتصل بألونا على هاتفها النقال من دون أن يظهر رقم الهاتف الذي اتصل منه، وفتح تحقيقاً معها حول أنشطتها في إطار الاحتجاجات ضد التعديلات القضائية وكيفية انضمامها إلى مجموعة "إين كول". 
وتبين أن ناشطين إيرانيين عمدوا إلى تعميم منشوراتهم الهادفة إلى إثار حماسة معارضي التعديلات القضائية مستخدمين وسمَي "إين كول"، و"الديمقراطية".

وفي المقابل، فقد نشطت مجموعات إيرانية أخرى قدمت نفسها على أنها مؤيدة للتعديلات القضائية، من بينها مجموعة "هتسياديم"، أي "الصيادون"، إلى جانب مجموعة أطلق عليها اسم "مشباط بوغديم"، أي "محاكمة العملاء"، حيث تعمدت تبني خط تحريضي قوي ضد المحتجين على التعديلات القضائية. ونشرت مجموعة "محاكمة العملاء" صوراً لعناصر شرطة إسرائيلية تعرضوا لناشطين يمينيين مؤيدين للتعديلات ووصفتهم بـ"العملاء". كما نشرت صورة ورقم هاتف لأورلي بارليف، وهي واحدة من قادة الاحتجاجات ضد التعديلات القضائية ووصفتها بأنها "خائنة".
وقد وظفت الشبكة الإيرانية أيضاً منصة تويتر في محاولة لتعميم رسائلها المؤيدة والمعارضة للتعديلات القضائية، كما كشفت التحقيقات. وأبرز التحقيق أن الذين يديرون مجموعة "إين كول" ارتكبوا خطأً دلل على أنهم يعملون من إيران، حيث ظهر على صفحة "إنستغرام" التابعة للمجموعة بأنها تعمل من طهران.
ويرى نيتسان يسعور، وهو باحث إسرائيلي متخصص في مجال تحليل عمليات التأثير في الشبكات الاجتماعية، أن مجموعات خارجية تلاحظ عمق الصدع الاجتماعي، وتحاول التأثير عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بهدف تعميقه وتوسيعه، من خلال السعي للتأثير على الجدل العام حول التعديلات القضائية.
ونقلت "هآرتس" عن يسعور، الذي شارك في التحقيقات حول أنشطة الشبكة الإيرانية في الفضاء السيبراني، قوله إن مجموعات التأثير الخارجية لا تتردد في دعوة طرفي الصراع داخل إسرائيل إلى استخدام العنف من أجل محاولة إملاء مواقفها على الطرف الآخر. وقد توجه الباحثون في منظمتي Active Info وFake Reporter، إلى  جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية (الشاباك)، الذي يتولى مهمة إحباط الهجمات المعادية في الفضاء السيبراني، وأجهزة أمنية إسرائيلية أخرى للمساعدة في حل لغز الشبكات الإيرانية الافتراضية التي تنشط في مجال التأثير على اتجاهات الإسرائيليين بشأن التعديلات القضائية.
وقد وافق "الشاباك" على استنتاجات الباحثين وأكد أنه "سيعمل على إفشالها"، حيث لفت هذا الجهاز إلى أن إيران توظف مواقع التواصل الاجتماعي العبرية في تأجيج مظاهر الصدع المجتمعي والسياسي بين المنتمين إلى كل ألوان الطيف الحزبي في إسرائيل. ودعا "الشاباك" الإسرائيليين إلى عدم الاستجابة للطلبات التي تقدم لهم عبر مواقع التواصل حول تفاصيل شخصية عنهم وعدم التعاون مع أشخاص لا يعرفونهم.
وعلى الرغم من أن جهاز "الشاباك" يدّعي أن "يقظة" الجمهور الإسرائيلي ستجعله قادراً على التعرف إلى محاولات الشبكات الإيرانية، فإن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي لا يشاركه هذا الرأي. وحسب استنتاجات الورقة، التي صدرت الخميس، فإن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير تعامل مع منشورات مجموعة "محاكمة العملاء" على أنها من نتاج أنشطة اليسار الإسرائيلي المعارض للتعديلات القضائية، وهو ما اعتبر المركز أنه مؤشر إلى نجاح التحركات الإيرانية.

المساهمون