"شبح" بورتون يفتتح "فينيسيا الـ81": قصة متواضعة فيها تلفيق وافتعال كثيرين

28 اغسطس 2024
تيم بورتون في افتتاح "موسترا 81" (ألبيرتو بيتزولّي/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **عودة تيم بورتون:** المخرج الأميركي تيم بورتون يعود إلى موضوعاته القديمة في فيلمه الجديد "بيتلجوس، بيتلجوس"، استكمالًا لفيلمه الشهير "بيتلجوس" (1988)، بمشاركة نجوم مثل مايكل كيتون ووينونا رايدر.

- **قصة الفيلم:** ليديا (وينونا رايدر) تصبح مقدمة برامج رعب مشهورة، وتتعقد الأمور عندما تفتح ابنتها أستريد (جينا أورتيغا) بوابة الحياة الآخرة، مما يعيد بيتلجوس إلى الحياة، مما يخلق تداخلًا مثيرًا بين عالمي الأحياء والأموات.

- **تقييم الفيلم:** رغم التقنيات الحديثة، لم يرقَ الفيلم إلى مستوى النسخة الأصلية، حيث تبدو القصة متواضعة والشخصيات تفتقر إلى الابتكار، لكنه قد يجذب الأجيال الشابة.

في رصيد المخرج الأميركي تيم بورتون، المرشّح لـ"أوسكار" وغيرها من الجوائز المرموقة، أكثر من 20 فيلماً روائياً، إلى مسلسلات وأفلام قصيرة، ما يعني غزارة جليّة في الإنتاج. لكنّ المُلاحظ أنّه، في مهنته المنطلقة أوائل سبعينيات القرن الـ20، يعود بين حين وآخر إلى موضوعاته القديمة، ولو بعد سنوات طويلة، للاشتغال عليها مُجدّداً، وتحويلها من أفلام روائية قصيرة إلى أخرى طويلة، أو تنفيذ تكملة ـ أجزاء لها. مثلاً: "باتمان" (1989)، و"عودة باتمان" (1992).

جديده "بيتلجوس، بيتلجوس" ليس استثناءً، ففيه يعود إلى أحد أهم أفلامه، وأبرز أفلام الرعب الأميركية  في الثمانينيات الماضية، "بيتلجوس" (1988)، الفائز بـ"أوسكار" أفضل مكياج (النسخة 61، 29 مارس/آذار 2989)، لاستكمال الفانتازيا القديمة بحشدٍ من نجوم مختلفين، سواء شاركوا في الفيلم القديم، أو أنّهم مشاركون جدد.

جديده هذا، الذي افتتح الدورة الـ81 (28 أغسطس/آب ـ 7 سبتمبر/أيلول 2024) لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي (موسترا)" (خارج المسابقة، علماً أنّ عروضه الرسمية تبدأ في 6 سبتمبر/أيلول المقبل)، محاولة غير موفّقة لأحد أهم المخرجين تميّزاً في عصره، في استعادته مجد فيلمه القديم، المتميّز حينها بخيال إبداعي مدهش، وإيقاع متدفّق ومثير، وبعبث وسخرية، مستخدماً التقنيات الجديدة والإبداع في فنّ المكياج، وغيرها.

يُعتبر "بيتلجوس، بيتجلوس" عودة تيم بورتون ومايكل كيتون للعمل معاً مجدداً. فالممثل يؤدّي دوره القديم، الشبح بيتلجوس، مع الممثلة المراهقة وقتذاك وينونا رايدر، مؤدّية ليديا ديتز، وكاثرين أوهارا في دور والدتها ديليا.

في النسخة القديمة، يتعرّض الزوجان مايتلاند (ألِك بالدوين وجينا ديفيس) لحادث سيارة على أثناء عودتهما إلى المنزل، يودي بحياتهما. يستغرقان وقتاً ليُدركا أنّهما ميتان، لكنّهما يعانيان مصيراً أسوأ، إذْ بيع منزلهما الغريب، الواقع على قمة تلّ، إلى عائلة ديتز الثرية. تفشل محاولتهما في إخافة الوافدين الجدد، وطردهم من المنزل. إلى هذا، ترى عائلة ديتز في وجود أشباح في المنزل فرصةً مالية جديرة بالانتهاز. لكنْ، مع مرور الوقت، ترغب في التخلّص من الزوجين مايتلاند، أو من شبحيهما. لذا، تستعين عائلة ديتز بالشبح بيتلجوس، أو طارد الأرواح الشريرة الذي لا يموت، لطرد هذه العائلة من المنزل. ورغم أداء المهمة، تتعقّد الأمور أكثر، بعد أن اتّضحت نواياه.

في النسخة الجديدة، أصبحت ليديا إحدى أشهر مُقدّمات برامج الرعب والأشباح والظواهر الخارقة، لكنّها لا تزال تعاني كوابيس الشبح بيتلجوس، الذي تمّ التخلص منه. تنقلب حياتها رأساً على عقب، عندما تفتح ابنتها المراهقة أستريد (جينا أورتيغا) خطأ بوابة الحياة الآخرة، ويعود بيتلجوس إلى الحياة مجدّداً، ثم مطاردته الحثيثة لليديا، المغرم بها، والعازم على الزواج منها. هو نفسه يتعرّض للملاحقة ومحاولات للانتقام من حبيبته السابقة دولوريس (مونيكا بيلوتشي). في أثرهما، يحاول الشرطي والمحقّق وولف (ويليام دافو) القبض على دولوريس وبيتلجوس، بسبب ما أثاره من فوضى عارمة في عالمي الأحياء والأموات ـ الأشباح. هكذا يحصل مزج سلس بين العالمين، وتقبّل تداخل عوالمهما.

رغم الفرق الزمني بين الفيلمين، تميل الكفّة بالتأكيد إلى النسخة القديمة. فالجديدة لا تخرج نهائياً عن كونها مجرّد قصة متواضعة، فيها تلفيق وافتعال كثيرين، وتجهد في استدعاء أحداث الفيلم الأصلي وجمالياته وشخصياته، بدلاً من ابتكار أخرى خاصة ومميّزة. أيضاً، هناك خيوط كثيرة في الحبكة لا تذهب إلى أي مكان، ويمكن التكهن بكثير منها، وببقية الأحداث، وحتى بالخاتمة.

كثيرٌ من الدراما العائلية المتكرّرة، حتى على مستوى المواقف. بناء الشخصيات والمحتوى إجمالاً لا يكادان يخرجان عن كون الجديد فيلماً للنسيان كما شخصياته، وبشدّة. يؤكّد هذا حضورٌ مستغربٌ للغاية لدافو وبيلوتشي، لأدائهما المهدر، وربما المنتقص من تاريخيهما السينمائيين. مؤثّرات بصرية بدت رائعة ومبتكرة، والفيلم عامة منفّذ باحترافية وإقناع شديدين. إجمالاً، الفيلم ليس فظيعاً، لكنه بعيد كثيراً عن أنْ يكون جيّداً، أو فوق الجيد.

مع ذلك، ربما تُعجب النسخة الجديدة الأجيال المعاصرة والشباب، ممن يُقبلون على هذا النوع من الأفلام، رغم إخفاقه بجدارة في أن يكون من أبرز أفلام نوعه، إذْ يصعب تصنيفه في الكوميديا القاتمة، أو أفلام الرعب والأشباح، أو الفانتازيا، أو الأفلام الخارقة للطبيعة. إنّه يحتوي على بعض هذا، من دون أنْ يتميّز في أي منها. ولعلّ تخيّل وتصوير الحياة الآخرة، وحياة وعوالم الأموات والأشباح، غنيٌّ ولا يخلو من غرابة وفانتازيا، ومن طرافة أيضاً. عالم الأحياء أقل غرابة، خاصة بما يتعلق بديكورات داخلية وأزياء، وهذان الجانبان لافتين للأنظار.

المساهمون