هاجمت السلطات الجزائرية بشدة قناة رسمية فرنسية، على خلفية بثها فيلماً بعنوان "الجزائر السرية"، يتطرق الى ملف الإرهاب والعشرية الدامية في التسعينيات في الجزائر، ويلمح لدور الأجهزة الأمنية في تلك الأحداث.
ونشرت السلطات ردًا حادًا عبر وكالة الأنباء الرسمية، ضد السلسلة التي تبث حتى 18 مارس/ آذار المقبل، وتروي قصة التحقيق في حادث اختطاف تاجر سلاح ألماني في الجزائر، تتطور فيه الأحداث بشكل تتداخل فيه السياسة والأمن والإرهاب.
وجاء في الرد الجزائري أن "وسائل السمعي البصري العمومية بفرنسا لم تطوِ بعد ملف العشرية السوداء. لا يزال الحقد ضد الجزائر وشعبها ومؤسساتها الشرعية يرمي بثقله في وسائل الإعلام العمومية الفرنسية، والعمل الخيالي ليس الوحيد على شاكلته، والذي أنتجته القناة الفرنسية-الألمانية (آرتي) عن العشرية السوداء، وهو يهدف إلى تحديث أطروحة "من يقتل من؟" ويؤكد مرة أخرى أن وسائل الإعلام هذه لا تيأس من أمانيها في رؤية الفوضى تحط من جديد على أرض الجزائر".
وكانت القناة قد بثت الليلة الماضية فيلماً عن فترة العشرية الدامية في التسعينيات في الجزائر، تضمن مرحلة تورط الجيش والأجهزة الأمنية الجزائرية في الأحداث الدامية، مستندًا إلى القرارات السابقة لبعض الضباط المنشقين المتواجدين في الخارج، وهي السردية التي ترفضها السلطات الجزائرية بالكامل وتنفي حدوثها، وتعتبر أن مثل هذه الاهتمامات هي محاولة لتبرئة الجماعات الإرهابية من المجازر الدامية.
واتهمت السلطات الجزائرية وسائل الإعلام الفرنسية بالسعي للعودة إلى إثارة الجدل حول من يقف وراء المجازر وعمليات التقتيل التي كانت تشهدها الجزائر خلال الأزمة الدامية في التسعينيات، حيث كانت وسائل إعلام غريبة توجه اتهامات للجيش الجزائري بالتورط في بعضها.
وذكر الرد الجزائري أن وسائل الإعلام الفرنسية "التي بسطت السجاد الأحمر للجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، (تم حظرها في مارس/آذار 1992) وهو الحزب المسؤول عن وفاة ما يزيد عن 200 ألف شخص، تثبت أن أطروحة "من يقتل من؟" لا تزال مستمرة بقوة في وسائل إعلام الخدمة العمومية الفرنسية. بينما ينبغي على وصاية هذه المؤسسات الإعلامية التي ترحب بحركة رشاد الإرهابية، وريثة الجبهة الإسلامية للإنقاذ، أن تستخلص العبر من فشل الربيع العربي الذي تحول بالفعل إلى فوضى وإبادة جماعية في سورية وليبيا".
واعتبر نفس المصدر أن على "الذين قرروا إنتاج هذه الرداءة إحقاق الحق حول هذه الذاكرة التي لا تزال صادمة لدى الجزائريين، وذلك من خلال الشروع بنبذ تلك الفكرة المتداولة لسنوات عدة والتي مفادها أن رشاد وسلفها الجبهة الإسلامية للإنقاذ هما حركات ثورية، وهي نظرية أخرى تمت تغذيتها بشكل واسع في هذا الإنتاج لوسيلة اعلام عمومية فرنسية".
واتهمت السلطات الجزائرية وسائل الإعلام العمومي في فرنسا "بدعم منظمة إرهابية في الجزائر (رشاد) لا تتبنى نفس التفكير لفرنسا الرسمية المنخرطة في حرب ضد الإرهاب الاسلاماوي بمنطقة الساحل"، مشيرة الى ان هذا يؤكد وجود "رغبة واضحة في محاولة توفير الظروف للفوضى في الجزائر وهي فوضى لا يريد الجزائريون عيشها مجددا ولا الغوص فيها".
ويالمقصود بحركة رشاد، تنظيم سياسي أسسه ناشطون ومعارضون وقيادات سابقة لـ"الجبهة الإسلامة الانقاذ"، يقيمون في الخارج، تخصصوا في مهاجمة السلطة والجيش والأجهزة الأمنية، وتتهمها السلطات بأنها تقف وراء الشعارات المثيرة للجدل، المتعلقة بمهاجمة الجيش وجهاز المخابرات، حيث تم تصنيفها كتنظيم إرهابي في الجزائر.