سعد الدين إبراهيم... من مستشار مبارك إلى جاسوس مسلسل "هجمة مرتدة"
قدم مسلسل "هجمة مرتدة" الذي أنتجته شركة "سينرجي للإنتاج الفني"، التابعة للاستخبارات العامة المصرية، شخصية ربطها كثيرون ببروفيسور علم الاجتماع السياسي في "الجامعة الأميركية في القاهرة"، سعد الدين إبراهيم، كشخص مدان بالتجسس لجهات أجنبية وتلقي أموال من منظمات دولية بطرق غير شرعية.
لم يتردد المسلسل في استعراض هذا التجسيد رغم أن محكمة النقض العليا (أعلى سلطة قضائية في مصر) برأته من كل ما نسب إليه من تهم، في حكم انتقد السلطة التنفيذية التي وجهت له الاتهام. وكان الحكم أحد أشهر أحكام محكمة النقض المصرية في مجال حقوق الإنسان.
الغريب أن ضابط الاستخبارات المسؤول الذي يلعب دوره الممثل هشام سليم قال في الحلقة العاشرة من المسلسل، يوم الخميس، في حديثه لعميلة من عملاء الجهاز، عن الدكتور "سعيد خليل" (المقصود به سعد الدين إبراهيم) إنه "كالمأذون الذي يزوج الناس في الحرام، إذ إنه عندما يريد أحد أجهزة الاستخبارات الخارجية تجنيد عملاء فإنه يلجأ إليه". وأكد الضابط للعميلة أنه أوقع 6 عملاء عن طريقه.
وعندما سألته العميلة التي تلعب دورها الممثلة هند صبري "ولماذا لا تلقون القبض عليه، رغم ذلك؟"، أجاب الضابط أن "الجهاز منذ نشأته لم يقدم قضية واحدة للمحكمة وحصلت على البراءة"، مخالفاً بذلك حقيقة أن محكمة النقض العليا برأت سعد الدين إبراهيم و25 آخرين في تلك القضية.
وقالت محكمة النقض العليا في حيثيات حكمها في الطعن الذي قدمه سعد الدين إبراهيم وبقية المتهمين، في جلسة 7 يناير/كانون الثاني عام 2003، "إن الحكم المطعون فيه قد كيف وسيلة الحصول على المال بوصفين مختلفين أحدهما ينفي الآخر لأنه حيث يكون التبرع بالمال ينتفي وصف الحصول عليه بطريق الاحتيال، مما يعيب الحكم بالتناقض في الإسناد وفي التسبيب بما ينفي بعضه البعض الآخر، ولا يعرف معه أي الأمرين استقر في عقيدة المحكمة عن وسيلة حصول الطاعن (سعد الدين إبراهيم) على المال وبالتالي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم مما يعيبه ويوجب نقضه للطاعن وباقي الطاعنين لوحدة الواقعة...".
والعميلة في المسلسل ربطها متابعون بالباحثة داليا زيادة التي تشغل حالياً منصب مديرة "مركز دراسات الديمقراطية الحرة" الذي يقدم نفسه على أنه "مركز أبحاث يعمل من القاهرة، يهدف إلى إصدار دراسات وتقارير والقيام بأنشطة توعية عامة ونصح صناع القرار بشأن مكافحة الإسلام السياسي والتطرف العقائدي، ونشر ثقافة الديمقراطية الحرة التي تتجاوز صندوق الانتخابات وتمتد لتشمل ضمان الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين".
وعززت هذا الربط داليا زيادة نفسها بمنشور لها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" الخميس، قالت فيه "ربنا أعظم كاتب سيناريو. الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه".
انضمت داليا زيادة منذ مارس/آذار عام 2016 إلى "المجلس القومي للمرأة" عضوة في لجنة العلاقات الخارجية. وعملت مديرة تنفيذية لـ"مركز ابن خلدون للدراسات الديمقراطية" الذي أسسه سعد الدين إبراهيم من إبريل/نيسان عام 2012 وحتى نوفمبر/تشرين الثاني عام 2014.
وبين عامي 2007 و2012، عملت مديرة إقليمية لمنظمة "المؤتمر الإسلامي الأميركي"، وهي منظمة مقرها الرئيسي في العاصمة الأميركية واشنطن. تقول المنظمة إنها "تعمل على محاربة الإرهاب وصد أثر جماعات الإسلام السياسي على المسلمين داخل الولايات المتحدة، ونشر قيم التسامح والحوار الديني والثقافي بين الشرق والغرب وبين المسلمين وغير المسلمين".
وعن هذا الربط بين أحداث الواقع والمسلسل، كتب مجدي عسل على "فيسبوك": "يعني الـCIA والموساد واستخبارات شرق أوروبا شربوا المقلب واقتنعوا إنها عميلة لهم، العبد الفقير إلى الله مش هيقتنع! نجاحها في مهمتها الوطنية بعناية واقتدار أقنع الجميع (الوطني والعميل) بأنها عميلة ضد بلدها... ليتم نصب الشباك للمتربصين بمصر، وتحرر مصر نفسها من مشروع الفوضى الخلّاقة. شكراً_داليا زيادة".
وكتبت راوية البرديسي تعليقاً على منشور زيادة: "الدور اللي بتعمله هند صبري في (هجمة مرتدة) هو الدور اللى لعبته في الحياة داليا زيادة اللي احنا هاجمناها وقلنا عليها خاينة عشان اشتغلت مع سعد الدين إبراهيم وعملت لقاء مع مذيع إسرائيلي وأشادت بالعلاقات معهم وشجعت الشباب على التعاون سويا... أكيد في ناس كتير غيرها".
سعد الدين إبراهيم اهتم خلال مسيرته الأكاديمية بتطوير وتقدم حقوق الإنسان والمجتمع المدني. وأكاديمياً تناول أبرز القضايا التي يواجهها المجتمع المدني المصري، مثل دور "جماعة الإخوان المسلمين" في السياسة المصرية، وحقوق الأقلية المصرية، خصوصاً الأقباط.
ومنذ بداية الألفية واجه إبراهيم معارضة الحكومة المصرية، وخصوصاً سلطة الرئيس المخلوع حسني مبارك (1928 ــ 2020) التي أشار إليها بـ"الجملكية" نسبة إلى جمال مبارك. واعتُقل بتهم تلقي أموال من الخارج، وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات بتهمة "الإساءة لصورة مصر" و"الحصول على أموال من جهات أجنبية من دون إذن حكومي". ودعت "منطمة العفو الدولية" (أمنستي) حينها إلى إطلاق سراحه.
في أغسطس/آب عام 2000 وجهت له النيابة المصرية تهمة التجسس لحساب الولايات المتحدة الأميركية. الاتهام تصل عقوبته إلى الحكم بالسجن لمدة 25 عاماً مع الأعمال الشاقة. لكن محكمة النقض المصرية برأته.
وكان من المقربين من مبارك، وكتب عنه في مقال "أشهد أيضاً أنه في سنوات الوئام العشر الأولى من رئاسته (1981-1991)، حينما كان يطلب مني، مُباشرة، أو من خلال زوجته الوفية سوزان ثابت، المشورة في إحدى القضايا الوطنية، العربية أو الدولية، أنه كان يأخذ دائماً بأقرب التوصيات إلى نبض الشارع المصري والشارع العربي. وكانت أزمات منطقة الخليج، وكذا الصراع العربي الإسرائيلي، والفلسطيني الإسرائيلي، كلها على تِلك الشاكلة".
يعتبر سعد الدين إبراهيم من أنشط الداعين للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ودخل سابقاً الأراضي المحتلة للمشاركة في مؤتمر تنظمه جامعة تل أبيب الإسرائيلية عن مصر، ليلقي محاضرة عنوانها "دروس من قرن الاضطرابات في مصر".
وهاجمه حينها طلاب فلسطينيون، متهمين إياه بالتطبيع مع إسرائيل وخيانة بلده.
مسلسل "هجمة مرتدة" أنتجته الاستخبارات العامة من خلال شركتها "سينرجي للإنتاج الفني"، ويتناول ما يقول صانعوه عنه أنه أحد ملفات الاستخبارات المصرية، حيث يخوض "سيف العربي" (أحمد عز) و"دينا أبو زيد" (هند صبري) سلسلة من العمليات السرية التي تهدف كشف المؤامرات والمخططات التي تسعى لتقسيم المنطقة العربية، ونشر تنظيم "القاعدة" في العالم.