لا تزال تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيّد، حول حملته الانتخابية الرئاسية وكلفتها، تلقى موجة سخرية وتندّر غير مسبوقة، إذ اعتبر المعلقون أنها محاولات للتغطية على الأزمة العميقة التي تمرّ بها البلاد وتواصل الخطاب الشعبوي.
وقال سعيّد أمام مجلس الوزراء، الخميس، مستنكراً مطالبته بالتخلي عن الحصانة والمثول أمام القضاء الجناحي في قضايا انتخابية بسبب الإشهار السياسي والدعاية عبر صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، إن تكاليف حملته الانتخابية بلغت نحو 50 ديناراً (17 دولاراً أميركياً)، وإنه رفض تلقي التمويل الرسمي، مشدداً على أنه أعلم هيئة الانتخابات مراراً بأنه لا علم له ولا صلة بصفحات "فيسبوك" التي دعمته وروجت له خلال الانتخابات.
وشنّ ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة ساخرة، مشككين في المبلغ البسيط الذي أوصل سعيّد إلى قصر الرئاسة، ومنتقدين ما وصفوها بمحاولات التلاعب بالعقول.
ورأى المحلل شكري بن عيسى، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الأمر المثير للتونسيين الذين ينتظرون من خطابات رئيس الجمهورية حلولاً، تحوله من قائد للبلاد ومسؤول عن إدارة الشأن العام إلى معلق على الأحداث السياسية بجملتها، فلا يفوّت أي مستجد، وكأنه أصبح محللاً سياسياً".
وأضاف بن عيسى أن "رئيس الجمهورية في هذه القضية متهم، كما يعلم المطلعون على تقرير محكمة المحاسبات الذي يشير إلى أرقام أعلى مما أعلنه رئيس الجمهورية. لكن هذه سمة من سمات الرئيس الشعبوية، لأنها تتجاهل الحقائق الفعلية بشكل غريب ومدوٍّ، لتتحدث في معطيات وأرقام لا علاقة لها بالواقع ولا بالحقيقة حتى تصبح عين الحقيقة".
واعتبر أن "الرئيس الذي يريد إصلاح العدالة والقضاء لا يريد أن يتخلى عن الحصانة ليواجه هذه التهم، على غرار باقي المواطنين. إذا أراد أن يكون القانون فوق الجميع، فكان بالأحرى أن يكون من الأوائل الذين يواجهون القضاء من دون حصانة، لاعتبار أن ما حدث في الحملة لا علاقة له بما بعد مباشرته لوظيفته الرئاسية، والحصانة تتعلق بما يقوم به خلال ولايته، وليس قبلها. وهناك آراء قانونية أخرى تعتبر أن تعليق الرئيس العمل بالدستور في القسم المتعلق بالسلطة التنفيذية وتعويضه بالأمر 117 يعني أنه فقد الحصانة".
وأضاف بن عيسى أن "هناك مغالطة كبرى يقوم بها سعيّد، من خلال محاولات إلهاء الشعب في السياق الذي جاءت فيه، فهو ملاحق أخلاقياً بعد إضراب الجوع الذي يخوضه نور الدين البحيري المهدد صحياً وفي حياته، كما أكده طبيبه".
وكتب المستشار السابق لدى الرئيس منصف المرزوقي، البشير النفزي، على "فيسبوك": "إذا كان بخمسين ديناراً تصبح رئيساً للجمهورية، فلا شك في أن القانون الانتخابي هو الأفضل في العالم، والدستور الحالي هو الأمثل كونياً، وهيئة الانتخابات هي الأصدق والأكثر حياداً، والقضاء هو الأنزه... إذن أين المشكل، ولماذا تحب نسفهم جميعا؟!".
وعلّق القيادي في حزب "التيار الديمقراطي" وعضو البرلمان هشام العجبوني أن "نفقات حملة رئيس الجمهورية قيس سعيّد الانتخابية، من دون اعتبار حملات التسويق الرقمي، ناهزت 46 ألف دينار وليس 50 ديناراً كما ادعى". وانتقد استغلال سعيّد لمنصبه في تصفية حساباته السياسية.
وقال الناشط السياسي أمان الله الجوهري: "كيف أصبحت رئيساً؟ صرفت 50 ديناراً. فقط؟ وفي سليانة كتبنا رقم 17 على الدواب. والحمد لله الدواب محايدة. كفاك استخفافاً سيّدي الرّئيس".