ستارلينك للإنترنت طوق نجاة للسودانيين في ظل انقطاع الاتصالات

03 ابريل 2024
يعاني السودانيون من تردي خدمات شركات الاتصالات (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في بلدة تمبول بالسودان، تجمع 50 شخصًا حول طبق ستارلينك للحصول على إنترنت وسط الحرب، حيث تعد هذه الأجهزة، المهربة من دول مجاورة، طوق نجاة للتواصل والمعاملات المالية رغم حظرها.
- أجهزة ستارلينك، بسعر يصل إلى 1500 دولار، توفر الإنترنت بثلاثة دولارات للساعة، مما يجعلها مصدر ربح بعد تعويض التكلفة، وتساعد السودانيين في التواصل مع الخارج وتحويل الأموال.
- قوات الدعم السريع والجيش السوداني لهما تأثيرات مختلفة على استخدام ستارلينك؛ الدعم السريع يستفيد ماليًا ويفرض رسومًا، بينما الجيش يقدم الأجهزة مجانًا في بعض المناطق، مما يعكس تأثير التكنولوجيا في النزاعات.

في بلدة تمبول الواقعة في الجزء الشرقي من ولاية الجزيرة في وسط السودان، تجمّع خمسون شخصاً من مختلف الأعمار في باحة منزل يحملون هواتفهم الذكية حول طبق ستارلينك هوائي لاستقبال إشارة الإنترنت. وبعد قرابة العام على الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع التي تسيطر على تمبول منذ ثلاثة أشهر، وفي ظل انقطاع الاتصالات والإنترنت في السودان، تشكّل أجهزة ستارلينك للاتصال بالإنترنت عبر الفضاء طوق نجاة للسودانيين، إذ تساعدهم في التواصل وتحويل الأموال.

وقال السوداني عصام أحمد، البالغ من العمر 63 عاماً، لوكالة فرانس برس، وقد رسمت على وجهه ابتسامة: "تحدثت مع ابني بالسعودية"، وتابع أن نجله أرسل له أموالاً "عبر بنكك (تطبيق إلكتروني لتحويل الأموال)، وحوّلتها إلى شخص هنا في السوق، سوف أستلمها منه (نقداً) لشراء احتياجات المنزل". وخارج باحة المنزل، وقف ثلاثون شخصاً ينتظرون دورهم للحصول على اتصال بالإنترنت.

ونظام ستارلينك، الذي يتصل بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية، تابع لشركة سبايس إكس المملوكة لأثرى أثرياء العالم إيلون ماسك، وتنتشر خدماته في البلدان التي تشهد حروباً وتتأثر فيها خدمات الاتصالات والإنترنت. ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، الحليفين السابقين، في 15 إبريل/ نيسان 2023، والتي أسفرت عن آلاف القتلى وملايين النازحين داخل وخارج البلاد، انهار النظام المصرفي السوداني. ولا تصل الرواتب إلى الغالبية العظمى من الموظفين، وبات السودانيون يعتمدون بشكل كبير على المعاملات عبر الإنترنت من خلال تطبيق بنكك، التابع لبنك الخرطوم. وأصبحت أجهزة "ستارلينك" تمثّل شريان الحياة بالنسبة للذين لم يغادروا البلاد أثناء الحرب، حتى يتواصلوا مع الأقارب والمعارف في الخارج ويحصلوا على المال.

ساعة الإنترنت بثلاثة دولارات

وتنتشر أجهزة ستارلينك في المناطق التي شهدت وتشهد أعمالاً عسكرية مركّزة، على الرغم من حظر شراء أو تداول هذا النوع من الأجهزة في البلاد بقرار من جهاز الاتصالات الحكومي. وتقطع السودانية أريج أحمد، البالغة من العمر 43 عاماً، ومعها نجلها صلاح (12 عاماً)، مسافة خمسة كيلومترات أسبوعياً سيراً على الأقدام من قريتها إلى المركز الذي يوفّر خدمة الاتصالات والإنترنت "لكي نحصل على تحويل من زوجي المقيم في دولة قطر".

وقال شخص يعمل في بيع أجهزة ستارلينك لـ"فرانس برس"، وقد طلب عدم إيراد اسمه: "تأتي الأجهزة عن طريق التهريب من ليبيا وجنوب السودان وإريتريا"، مشيراً إلى أن سعر الجهاز الواحد يصل إلى 1.8 مليون جنيه سوداني، أي ما يعادل 1500 دولار أميركي تقريباً. وفي قرية تبعد 60 كيلومتراً شمال مدينة الحصاحيصا في ولاية الجزيرة، يؤكد محمد بالله، الذي يدير مركزا لخدمة ستارلينك، أنه "يمكن الحصول على خدمة الإنترنت لمدة ساعة مقابل ما يعادل ثلاثة دولارات أميركية". وتابع: "خلال ثلاثة أيام عمل فقط، يمكن تعويض سعر الجهاز، بعد ذلك كل ما تحقّقه هو ربح لك"، لافتاً إلى أن الغرض الرئيسي من استخدام الخدمة هو "تحويل واستقبال الأموال".

في مخيم عطاش للنازحين قرب مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، غربي البلاد، قال السوداني محمد بشارة، عبر رسالة نصية لوكالة فرانس برس: "لولا وجود هذا الجهاز لم نكن لنعرف كيفية تدبير النقد". ويراسل بشارة نجله المقيم في ليبيا مرة كل أسبوعين.

تحقيق ربح من "ستارلينك"

يروي مواطنون أن قوات الدعم السريع التي يتعرّض أفرادها لاتهامات شتى من منظمات وأفراد بارتكاب أعمال نهب وسرقة تستفيد من الأرباح التي يحقّقها نظام ستارلينك. وفي قرية قنب الحلاوين على الضفة الغربية للنيل الأزرق بالجزيرة، قال مواطن إن أفراد الدعم السريع "يأتون صباحاً بجهاز ستارلينك ويستخدمونه في ساحة أحد الأندية ثم يغادرون عصراً بعد جني الكثير من الأموال".

وفي قرية أخرى على الضفة الشرقية من النيل الأزرق، تفرض رسوم على مقدمي خدمة الاتصالات هذه. وقال صاحب مركز تقديم خدمة ستارلينك لـ"فرانس برس"، إن قوات حميدتي (محمد حمدان دقلو قائد الدعم السريع) "تفرض رسوماً علينا بشكل يومي تصل إلى 150 ألف جنيه سوداني" (قرابة 140 دولاراً أميركياً). فيما يبدو الجيش السوداني أكثر تساهلاً في مناطق سيطرته. وأعلنت بلدية أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم، في نهاية فبراير/ شباط الماضي، أن الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، قدّم بضعة أجهزة "ستاريلينك" كهبات من أجل "أن يحصل السكان على الإنترنت مجاناً".

(فرانس برس)

المساهمون