من البديهي أن تشهد سباقات الماراثون شعبية كبرى على المستوى العالمي. والأمر نفسه ينطبق على الأنواع المختلفة والعديدة من سباق السيارات بأصنافها الكثيرة. ولن يمر سباق الخيول مرور الكرام على أذهاننا، ونحن نسرد السباقات الرياضية ذات الصيت على المستوى الدولي والعالمي. وفي العالم العربي، تعد سباقات الهجن تقليداً أصيلاً يمارس بكثير من الشغف.
مبارك محمد ضابط الدوسري ستيني شبّ وشاب على الهجن وتوارثها أباً عن جد، وما زال على حرفته منذ سنوات طويلة، وهو من بين أبرز من لهم باع طويل في دولة قطر في رعاية الإبل، وخصوصاً من ناحية المشاركة في مختلف مسابقات ومهرجانات الهجن، سواء تعلق الأمر بسباق الهجن أو بالمزاين، وتعنى هذه الأخيرة بمسابقة لعرض جمال الإبل، ويتم التنافس بين مجموعة من الإبل لاختيار الأجمل بينها.
يملك الدوسري مزرعة إبل خاصّة به في الشحانية بالقرب من مضمار سباق الهجن، وعلاوة على خبرته الطويلة في مجال الإبل أو النوق، كونه مالكاً ومشاركاً في الآن ذاته، فقد كان أيضاً من بين أول مؤسسي اللجنة المنظمة لسباق الهجن، إذ تولى منصب نائب رئيسها لـ26 سنة متواصلة، بعد ثماني سنوات فقط من تأسيسها إلى حين العام السابع من دخول الألفية الثالثة.
يروي لنا الدوسري وظائف الإبل قبل سنوات من تراجع استخدامها للأمور الحياتية، قائلاً: "كانت الإبل في زمان آبائنا وأجدادنا وسيلة للتنقل والترحال، إذ كانوا يتنقّلون عليها من مكان إلى مكان مكان بحثاً عن الكلأ والعشب". وبالإضافة إلى خدمات النقل التي قدمتها الإبل، فقد كانوا يستفيدون منها على المستوى المعيشي أيضاً كأخذ حليبها والتجارة فيها.
ظهور وسائل النقل الحديثة ألغى قسماً كبيراً من الخدمات الرئيسية التي كانت تقدمها الإبل. ومع الوقت، شهدت هذه الأخيرة حالة من الرخاء، بحيث لم يعد لها الدور الذي كانت تحمله سابقاً. انطلق الناس بعدها في شراء الإبل والحفاظ عليها، ليبدأوا بعد ذلك في تنظيم سباقات خاصة بها كنوع من الترفيه، وجزء من كماليات الحياة. لكن الغرض الأساسي من هذا السباق أتى أساساً للحفاظ على الإبل كتراث شعبي وتقليدي في الدولة. وعرف هذا الأمر تشجيعاً كاملاً منذ سنة 1972 من الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر حينذاك.
أقيم رسمياً أول سباق للهجن في دولة قطر سنة 1973 بمشاركة 300 من الهجن غرب منطقة الشحانية. أما بخصوص أول ميدان نُظمت فيه السباقات فكان من نصيب ميدان الريان بعد سنة واحدة من أول سباق هجن جرى تنظيمه، ثم توالت بعدها السباقات وافتتاح الميادين الخاصة بسباقات الهجن لتصل إلى ثلاثة ميادين. ويعد الريان أولها، ليلحق به ميدان لبرقة سنة 1977 كأطول ميدان في دولة قطر لمسافة تصل إلى 16 كيلومتراً. أما آخر الميادين، فهو مضمار الشحانية الحالي الذي أقيم سنة 1990، وجُهز بمرافق مختلفة، لتجري عليه سباقات الهجن منذ ذاك الوقت.
تختص اللجنة المنظمة لسباق الهجن منذ تأسيسها سنة 1973 في تنظيم سباقات الهجن قي دولة قطر. وترتبط خدماتها بشكل أساسي بالسباق، لتكون المسؤول الأول والأخير عما يحصل فيها للتعامل معه. وبالإضافة إلى تجهيزاتها التي تسبق انطلاق فعالية ركض الهجن، فهي أيضاً تساعد على الحصول على تصاريح دخول وخروج الإبل، وبالتالي فهي مسؤولة عن القيام بكل ما يجب لإنجاح السباقات المنظمة.
وترسيخاً منها لاستعمال الهجن كجزء من تراثها وتاريخها، تتوفر قطر على واحدة من أفضل ميادين السباق الموجودة في الخليج، لما يوفره من الظروف والإمكانات والتجهيزات الأساسية واللازمة لتحضير الهجن وإقامات السباقات والفعاليات الخاصة بالهجن بالشكل المناسب، مع تقديم جوائز نقدية تحفز المشاركين من داخل وخارج البلد، وهذا يبرز الدعم الكبير الذي تخصصه الدولة لهذه الرياضة.