روسيا تلاحق عمالقة التكنولوجيا بالغرامات

25 ديسمبر 2021
اعتبر بوتين أنّ الشركات تخوض "بحكم الأمر الواقع منافسة مع الدول" (ميخائيل سفيتلوف/Getty)
+ الخط -

فرضت محكمة روسية، الجمعة، غرامة قيمتها نحو مائة مليون دولار أميركي (7.2 مليارات روبل) على شركة "غوغل"، وأخرى قيمتها 27 مليون دولار أميركي (1.9 مليار روبل) على شركة "ميتا" (فيسبوك سابقاً)، على خلفية عدم حذف محتويات "محظورة"، في خطوة تعكس منحىً تصاعدياً في روسيا لفرض عقوبات على الشركات الرقمية.

وتسعى السلطات الروسية منذ سنوات لتعزيز رقابتها على شبكة الإنترنت التي تشكل المساحة الأخيرة المتاحة لمعارضي الكرملين للتعبير عن مواقفهم بحرية نسبياً. وتفرض عادة عقوبات على الشركات الرقمية الكبرى، متّهمة إياها بعدم حذف محتويات تروّج للمخدرات والانتحار، وأخرى على صلة بالمعارضة.

إلّا أنّ قيمة الغرامة المفروضة الجمعة على "غوغل" غير مسبوقة.

وأعلن المكتب الإعلامي لمحاكم موسكو، في حسابه على تطبيق "تيليغرام"، إدانة "غوغل" بـ"معاودة الجرم"، على خلفية عدم حذف الشركة الأميركية العملاقة من منصاتها محتويات تصنّفها روسيا محظورة. ولم توضح المحكمة ماهية المحتوى الذي فرضت بسببه الغرامة. وفي تصريح لوكالة "فرانس برس" اكتفى المكتب الإعلامي لمحاكم موسكو بالقول: "سندرس وثائق المحكمة، وسنقرر لاحقاً التدابير التي يتعين اتّخاذها".

كذلك، فرضت المحكمة نفسها الجمعة غرامة هائلة على "ميتا"، قيمتها 27 مليون دولار أميركي، لعدم حذفها محتوى تعتبره موسكو مخالفاً للقانون. وأفادت خدمة الإعلام التابعة للمحكمة، عبر تطبيق "تيليغرام"، بأن غرامة قدرها 1.9 مليار روبل فُرضت على الشركة.

ووفقاً لرئيس الهيئة المشرفة على وسائل الإعلام الروسية "روسكومنادزور"، أندريه ليبوف، "فإن شركات وسائل التواصل الاجتماعي ملزمة بالعثور على "أخطر الأشياء" وإزالتها، وتشمل "مواد إباحية للأطفال وانتحاراً ومخدرات وتطرفاً وأخباراً كاذبة". لكن وفقاً لتحقيق نشرته "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي) هذا الشهر، بعد الفحص الدقيق لأكثر من 600 مشاركة مدرجة في وثائق الدعاوى ضد "غوغل" و"فيسبوك" و"إنستغرام" و"تويتر"، فإن تسعاً فقط تتعلق بإساءة معاملة الأطفال عبر الإنترنت، أو تنشر معلومات عن المخدرات، و 12 منشوراً فقط يتحدث عن الانتحار. أما أغلب المنشورات الأخرى، فهي دعوات للخروج في مظاهرات مؤيدة للمعارض المسجون نافالني.

تكنولوجيا
التحديثات الحية

كانت هيئة الإشراف على الاتصالات في روسيا "روسكوماندزور" قد هدّدت، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مجموعة "ميتا" بفرض غرامات يمكن أن تصل إلى "ما بين خمسة وعشرة في المائة من العائدات"، السنوية لفرعها في روسيا التي تقدّر بمئات ملايين الدولارات الأميركية. بالإضافة إلى الضغوط الممارسة من خلال الغرامات، هدّدت السلطات بتوقيف موظفين في شركتي "آبل" و"غوغل" في روسيا إن لم تتعاونا معها.

وكانت موسكو قد أجبرت الشركتين المتّهمتين بـ"التدخل في الانتخابات" على حذف التطبيق الخاص بالمعارض الروسي أليكسي نافالني، من متجريهما الرقميين في روسيا، في سبتمبر/أيلول الماضي، قبل الانتخابات التشريعية. وعادة ما تلجأ روسيا إلى فرض تدابير حظر موقتة أو دائمة على كيانات ترفض الامتثال لتوجيهاتها. وأغلقت روسيا مواقع إلكترونية عدة على صلة بنافالني الذي صنّف القضاء الروسي منظّماته بأنّها "متطرفة".

وفي سبتمبر/أيلول، أعلنت "روسكوماندزور" وقف ست برمجيات رائجة للشبكات الافتراضية الخاصة (في بي إن) تتيح الدخول إلى مواقع إلكترونية محظورة في روسيا.

ومنذ عام 2014 تفرض القوانين الروسية على الشركات الرقمية تخزين بيانات مستخدميها الروس في روسيا، ما كلّف "فيسبوك" و"غوغل" ومنصتي "تيليغرام" و"واتساب" غرامات باهظة.

وتعمل السلطات على تطوير نظام "إنترنت سيادي" مثير للجدل، سيمكّنها متى أُنجز من عزل الشبكة الروسية عن الخوادم العالمية الكبرى. وتخشى منظّمات غير حكومية ومعارضون سعي الكرملين لبناء شبكة وطنية خاضعة للرقابة على غرار ما هو قائم في الصين، الأمر الذي تنفيه السلطات الروسية.

في يناير/كانون الثاني الماضي، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنّ الشركات الرقمية العملاقة تخوض "بحكم الأمر الواقع منافسة مع الدول"، مندداً بـ"محاولات للسيطرة على المجتمع".

وخلال ديسمبر/كانون الأول الحالي، أعلنت مجموعة التكنولوجيا الروسية "في كاي"، الشركة الأم لشبكة التواصل الرائدة في روسيا "فكونتاكتي"، تعيين فلاديمير كيريينكو في منصب الرئيس التنفيذي، وهو نجل أحد المقربين من بوتين، وذلك بعد أقل من أسبوعين على استحواذ شركة الغاز العملاقة المملوكة للدولة "غازبروم" على المجموعة، من خلال شركة تابعة لها، وهي صفقة تعكس تزايد سيطرة السلطات الروسية على وسائل التواصل.

"فكونتاكتي" أكبر شبكة روسية للتواصل تأسست عام 2006، ويبلغ جمهورها اليومي عشرات ملايين المستخدمين، معظمهم من الشباب. في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، اعتبرت المحللة السياسية ماريا سنيغوفايا أن إخضاع "فكونتاكتي" للسيطرة المباشرة من قبل الشخصيات المقربة من الكرملين يعكس سعي السلطات الروسية لاستيعاب الشباب، لكونهم الشريحة العمرية الأكثر استخداماً لشبكات التواصل وذات أكبر نسبة من أصحاب التوجهات المعارضة.

المساهمون