رنا كرزي في موتوتاكسي للنساء فقط

10 أكتوبر 2020
باتت كرزي تواجه ضيقاً في الوقت بسبب ازدياد الطلب عليها (العربي الجديد)
+ الخط -

لم تكن رنا كرزي كلاسيكية في نمط حياتها. فمن سنوات عدة كانت تقود دراجة نارية متحدّية المجتمع الشرقي الذكوري الذي يحدد المهن والأدوار الخاصة بالرجل، وتلك التي يُسمح بها للمرأة. تخطت العوائق المرتبطة بالتمييز المبني على أساس جندري، وتمردت على نظرات المجتمع، فاختارت مصدر رزق تجد فيه المتعة والفائدة، إلى أن استطاعت شيئاً فشيئاً أن تكسب احترام وتقدير كل من يراها.

بدأت قصة كرزي كتاكسي لنقل النساء فقط على دراجتها النارية من طريق الصدفة حين طلبت منها صديقة لها أن تهتم بنقل ابنها على دراجتها النارية التي تمتلكها من 4 سنوات لقاء مقابل مادي. منذ ذاك اليوم، أتت فكرة العمل سائقة تاكسي خاص بالنساء على الدراجة النارية. وصحيح أنها كانت مهنة غير تقليدية لامرأة، إلا أنها حققت من خلالها نجاحاً بارزاً، فباتت لا تعود إلى منزلها قبل المساء لكثرة الطلب على الخدمة التي تقدمها.

"في البداية وضعت إعلاناً على وسائل التواصل الاجتماعي عن هذه الخدمة التي أقدمها للنساء، إضافةً إلى تعليم القيادة. وعندما نشرت صورتي في الإعلان لاقى رواجاً كبيراً"، تقول رنا كرزي.

من المتوقع أن تواجه امرأة تعمل سائقة تاكسي على دراجة نارية لتوصيل النساء تحديات كثيرة في مجتمع شرقي لم يتخلّص بعد من الأحكام المسبقة ومن النظرة الذكورية التي لا تزال مسيطرة، رغم الخطوات المهمة التي كان من الممكن تحقيقها في مجالات عدة. لكن وفق ما توضحه كرزي، لم تكن المسألة معقدة بقدر ما كان متوقعاً. فلم تواجه صعوبات بكل ما للكلمة من معنى. على العكس، تقبّل الناس الموضوع تدريجاً بشكل ممتاز، وخصوصاً النساء، فشجّعنها إلى أقصى حد على الاستمرار في ما تفعله.

فعلى حد قولها، وجدت المرأة في ذلك فرصة لتتنقل بأمان من دون أن تتعرض للتحرش أو لأي مشكلة أخرى في أثناء تنقلاتها بالتاكسي. كذلك فإنه عندما تختار السيدات الدراجة النارية للتنقل، كالتوجه إلى مكان العمل أو الدراسة، يتخطّين أزمة ازدحام السير في الطرقات. فيمكن بلوغ المكان الذي قد يتطلب الوصول إليه ساعة بالسيارة، خلال 10 دقائق لا أكثر على الدراجة النارية التي تعتبر وسيلة مثلى لتخطي ازدحام السير الخانق،كذلك في الأوقات التي يُغلَق البلد فيها.

ولا تنكر كرزي أنّ ثمة رجالاً يطلبون منها أن توصلهم بكل احترام، إلا أن الخدمة التي تقدمها تعني النساء حصراً. تقول: "لا يمكن أن أنكر أنّ ثمة أوقاتاً أجد من يلقي نظرات غريبة عليّ، لكن هؤلاء أقلية، والأكثرية تقدّر ما أفعله وتتعامل معي بكل احترام".

مع ازدياد الطلب على هذه الخدمة التي تقدمها، باتت كرزي تواجه ضغطاً بسبب ضيق الوقت وعدم رغبتها في الامتناع عن تلبية أي طلبات. فهي لا تنوي أبداً أن تخذل زبونة، وتساعدها حالياً شابة في فترة بعد الظهر، لتتمكنا من التبادل في أوقات العمل، فيكون ممكناً تلبية كل الطلبات. مع الإشارة إلى أن كرزي تعمل على توصيل السيدات بالتاكسي في قلب بيروت وضواحيها القريبة، لأن لا قدرة لها على تلبية مناطق أخرى وحدها على دراجتها النارية.

وحرصاً منها على سلامة زبوناتها وسلامتها الخاصة في زمن كورونا، تحرص كرزي على استخدام الكمامة، كذلك فإنها مفروضة على من توصله. هذا إضافة إلى اعتمادها غطاءً للرأس يستخدم مرة واحدة، تحت الخوذة. وقد يبدو بديهياً أن مزاولة هذا العمل في فصل الشتاء تبدو مستحيلة، لكن كرزي تظهر اندفاعاً لافتاً وعزماً في قرارها بعدم وقف العمل شتاءً.

فقد اتخذت قراراً حاسماً بالاستمرار، رغم كل التحديات التي يمكن مواجهتها، أياً كانت طبيعتها. لذلك، تؤكد أنها جهزت معاطف مقاومة للمياه لها ولزبوناتها للأيام الماطرة حتى تتخطى الظروف المناخية أيضاً بعد أن تخطت العوائق المجتمعية بأنواعها.

لكن اللافت أنه بالرغم من ما فعلته في تحدي نظرة المجتمع والنجاح الذي حققته، تتفاجأ عندما تضع إعلاناً لشابات يمكن أن يساعدنها في العمل بحالة الرفض التي لا تزال موجودة. إذ يبدو واضحاً أن الزوج، مثلاً، لا يتقبل أن تعمل زوجته في هذا المجال، ويرفض ذلك رفضاً تاماً، وكأنه عمل مشين. ثمة انغلاق فكري واضح، على حد قولها، لا يزال مسيطراً في المجتمع، وهناك حاجة إلى المزيد من الوقت والمساعي لتخطيه.

دلالات
المساهمون