رسم رئيس "الفيدرالية المغربية لناشري الصحف" نور الدين مفتاح، الجمعة، صورة قاتمة عن وضع الصحافة المكتوبة في البلاد، واعتبر أنّ "كلمة التفاهة أصبحت هي العليا"، وأنّ "خرق أخلاقيات المهنة بشكل فاضح لدى البعض تحول إلى أصل تجاري".
ورأى مفتاح في افتتاح أشغال المؤتمر الوطني العاشر لـ"الفيدرالية المغربية لناشري الصحف"، اليوم الجمعة في الدار البيضاء، أنّ الصحافة المغربية لا تزال تجتر آثار أزمة الجائحة، ما عمق هشاشة النموذج الاقتصادي للمنشآت الصحافية وأثر على الأوضاع الاجتماعية للعاملين فيها.
وقال إنّ المهنة "دخلت خلال الآونة الأخيرة في مسار سريالي" في "ظل عدد من المحطات الفارقة التي أعطت فيها السلطات العمومية أجوبة خاطئة عن أسئلة حارقة"، لافتاً إلى أن قطاع التوزيع "انهار أو يكاد"، وأنّ مبيعات الصحف تراجعت أكثر من 70%، كما فقدت الصحافة لصالح قنوات أخرى ثلثي رقم معاملاتها من الإعلانات التجارية.
أمّا "الأخطر"، بحسب مفتاح، أن الثقة "ازدادت تصدعاً بين الصحافة ومجتمع لم يعد يرى منها إلا الصراع حول الدعم، والأنانيات وصرف الجهد في البديهيات والتخلي عن الأدوار الحقيقية لحملة هذه الرسالة، وعلى رأسها النقد والمساءلة والرقابة على مدبري الشأن العام".
وأكد أنّ هذا الوضع انعكس على الأداء المهني للصحافة بصفة عامة، ورفع أسهم التحلل من المبادئ الأخلاقية، وزاد الهوة بين الإعلام الوطني والمجتمع، وانضاف إلى هذه اللوحة القاتمة التشرذم التنظيمي الذي عرفه القطاع، ما يجعلنا اليوم أمام آفاق تكاد تكون مسدودة.
من جهة أخرى، توقف مفتاح عند ما عاشه المجلس الوطني للصحافة في المغرب من أزمة خلال الأشهر الماضية، لافتا إلى أنّ "تدبير استحقاق عادي لتجديد هياكل المجلس الوطني بإجراء انتخابات في موعدها تحول إلى مسلسل سريالي، بحيث جرى التمديد في البداية لهذا المجلس مدة ستة أشهر بدعوى إعطائه الوقت لتنظيم انتخاباته".
وتابع: "وفي نهاية هذا الموعد، تم ابتداع مشروع لجنة مؤقتة لتسيير شؤون الصحافة أعطيت لها جميع صلاحيات المجلس المنتهية ولايته، زائد مهام إيجاد تصور جديد للقطاع والإشراف على الانتخابات بعد انصرام سنتين كاملتين، مع التخلي عن كل أعضاء المجلس باستثناء المنتمين لتنظيمين معينين، هما اللذان كانا مع هذه التخريجة التي أجمع الرأي العام المهني والخبراء النزيهون على عدم دستوريتها ولاقانونيتها".
واعتبر أنّ "هذا المنحى الإقصائي تعمق برعاية اتفاق اجتماعي بين طرفين ومحاولة فرضه على الجميع، رغم أن مضمونه معيب وشكله يضرب لأول مرّة منذ عشرين عاماً المقاربة التشاركية التي ظلت راسخة بين الشركاء في هذا الملف".
ونبه إلى أن هذه المقاربة "زادت من الصدامات، وعمقت الجراح، وأججت نار الفرقة، ما جعل موضوع المهنة يزيغ إلى الهوامش التنظيمية والتنابذية، ويترك الأهم وهو الصحافة كصحافة وكوظيفة لتلبية حق المواطن في إعلام مستقل ونزيه وحر ومسؤول".
إلى ذلك، ينتظر أن يعرف المؤتمر العاشر لـ"الفيدرالية المغربية لناشري الصحف" انتخاب رئيس جديد خلفاً لنور الدين مفتاح، وانتخاب مجلس فيدرالي سينبثق عنه مكتب تنفيذي لقيادة المرحلة الجديدة.