دونالد ترامب في سباق بمركبة ثقافة البوب

05 سبتمبر 2024
راقصاً أثناء خطابه الدعائي في بنسلفانيا (جاستن ميريمان / Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- فرقة آبا السويدية طالبت حملة ترامب بالتوقف عن استخدام أغانيها دون إذن، وهو أمر متكرر مع ترامب الذي استخدم أغاني لفنانين آخرين دون موافقتهم.
- حملة ترامب تعتمد على استغلال الثقافة الشعبية بشكل مكثف، باستخدام صور مزيفة ومحتوى مضلل لجذب الانتباه، مما يعمق الصراع الثقافي بين اليمين واليسار.
- السياسة الأمريكية تتجه نحو الثقافة المبتذلة لجذب الجيل الجديد، حيث يشارك سياسيون مثل بيرني ساندرز في برامج بودكاست مع كوميديين مثيرين للجدل.

طالبت فرقة آبا السويديّة الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري دونالد ترامب بالتوقف عن استخدام أغانيها في حفلات جمع التبرعات والمؤتمرات الانتخابيّة، خصوصاً أن حملة ترامب تستخدم الأغاني من دون دفع حقوق الاستخدام أو طلب إذن من الفرقة.
لا غرابة في ذلك على دونالد ترامب الذي استخدم أغنية فيفتي سِنت (50 Cent)، التي تحمل اسم Many men، حين ظهر أول مرة علناً بعد محاولة اغتياله، الأمر الذي اقتبسه من صورة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تشبهه بالرابر المشهور، الذي نجا من محاولة إطلاق نار، وغنّى "كثير من الرجال يحاولون قتلي".
استغل فيفتي سِنت شهرة الأغنية الصادرة عام 2003، وأداها في إحدى الحفلات، ووراءه صورة معدلة لغلاف الألبوم الذي تحويه، حيث يظهر ترامب مكان فيفتي سِنت. لكن المفارقة أن حملة ترامب، بل وترامب نفسه، لم يتوقفا عن محاولة توظيف الثقافة الشعبية لمصلحة الرجل، إذ شارك ترامب صورة مزيفة تظهر فيها تايلور سويفت تحمل يافطة تؤيده، بل شارك حتى صورة مزيفة لمعجبي سويفت (ذا سويفتيز) يشاركون في مؤتمر داعم له.
لا تختلف استراتيجيّة الديمقراطيين ومرشحتهم كامالا هاريس عن السابق. لكن، على الأقل، هم يأخذون إذن الفنانين، بل ويدعونهم إلى المشاركة في الاحتفالات، في حين أن ما يفعله ترامب وفريقه هو المراهنة على الانتشار في كل مكان، مهما كان السبب، كذباً أو حقيقة، سيئاً أو جيداً، فحسب ترامب: "لا بد أن يكون موجوداً في دورة الأخبار". لكن الواضح أنه طوّر سياسته لتشمل "كلّ" الأخبار، الفنية والثقافية والتجاريّة، ويجب أن يكون حاضراً في كلّ منها، ولو زيفاً.
محاولة احتواء الثقافة الشعبية تشكل نوعاً من الصراع بين "اليمين" و"اليسار" في الولايات المتحدة الأميركية؛ صراع يصل إلى حد الشتم والشجار والدعاوى القانونيّة. لكن الأهم، أنه لم يعد فقط صراعاً على الحقوق وسياسة الدولة والقوانين المختلفة، بل أمسى صراعاً على الرموز ومن يمتلكها، في تعميق شديد لسياسات الهويّة والمنتجات الثقافيّة المرتبطة بها.
ما يحصل الآن هو حرب Memes بصورة أو بأخرى، ومَن الأقدر على صناعة الترند، والأهم، مواكبة ما تطرحه الخوارزمية من شخصيات وأحداث رائجة، ومحاولة "الانتساب" إليها. في الوقت ذاته، هناك رهان على السخرية والتهكم، كالرسائل الانتخابية التي بثتها حملة ترامب، مصوّرةً كامالا هاريس على أنّها امرأة تقدم مقترحات "خطيرة" أو "مفرطة في الليبراليّة"، حتى لو كانت هذه بعض هذه الإعلانات/الرسائل مزيفة لسياسات لم تتحدث عنها هاريس.
يمكن حالياً ملاحظة خريطة لعمل حملة ترامب: مصادرة الرموز، والأخبار المزيفة، الترويج للسلع الرخيصة من قبعات وتي شيرتات يبيعها ترامب، وحلول معلبة ومختزلة لمشاكل العالم، كإنهاء حرب الإبادة على قطاع غزة في أسرع وقت، أو عدم اندلاع حرب روسيا على أوكرانيا من الأصل، لأن دونالد ترامب قادر على "حلها بلحظتها".
تُضاف إلى ما سبق، ماكينة منصة إكس الدعائية وصاحبها إيلون ماسك الذي يميل إلى تأييد ودعم دونالد ترامب بشدة. بصورة ما، نحن أمام كيتش قادر على الانتشار في كل مكان، من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي إلى القبعات، مروراً بنجوم الموسيقى وعالم الفنّ. وكأن اليمين هنا ابتعد عن نظريات المؤامرة، وأصبح أقرب إلى مخاطبة "الناخبين" بوصفهم متصفحي وسائل تواصل اجتماعي، وما مِن حاجة للحجة والدليل، إذ يكفي المُنتَج والترند.

لكن يبدو أن السياسة الأميركية تنحدر نحو الثقافة المبتذلة بسبب محاولات مخاطبة الجيل الجديد، إذ نرى بيرني ساندرز، من أقصى اليسار، في بودكاست مع الكوميديان المزيف حسن مناج، الذي اختفى عن الساحة الفنية بعد مقالة في "ذا نيويوركر" تكشف كذبه حين الحديث عن سيرته الذاتية في عروضه، وكذبه حول تعرضه للتمييز العنصري. هكذا، يبقى السؤال: ما الذي يفعله ساندرز في لقاء مع كوميديان منسيّ؟ هل يخاطب الجمهور/المتصفحين؟

المساهمون