على الرغم من عدم إعلان الفصائل الفلسطينية قوائمها لخوض الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في 22 مايو/أيار المقبل، إلا أن قطار الدعاية انطلق مبكراً، وتصاعدت حالات التصيد والتنمر من أنصارها، وبخاصة حركتا "فتح" و"حماس" أكبر تنظيمين على الساحة الفلسطينية.
فالأجواء الإيجابية بين التنظيمين، التي تلت لقاء القاهرة وإصدار مراسيم رئاسية بتعزيز الحريات، لم تحد من التراشق الإعلامي بين قواعدهما التنظيمية عبر موقعي "فيسبوك" و"تويتر" وحتى تطبيق "تيك توك".
ويُظهر ما يجري حالياً، عبر الصفحات والحسابات المختلفة، خطاباً للكراهية بين التنظيمين يتضح في سلوك أنصارهما والمحسوبين عليهما، وهو ما يخشى أن يكون له تأثير سلبي على سير العملية الانتخابية.
يسود خطاب الكراهية وتبادل الاتهامات بين أنصار التنظيمين
قبل أيام استغل أنصار حركة "فتح" تصريحاً لرئيس سلطة الأراضي التي تديرها حركة "حماس" ماهر أبو صبحة، بشأن وجود قسط من ثمن أرض المنزل الخاص بالرئيس محمود عباس في مدينة غزة، قيمته 49 ألف دولار أميركي، يتوجب عليه دفعها قبل ترشحه للانتخابات الرئاسية، للتندر عليه وتوجيه عبارات انتقاد لاذعة له.
في المقابل، استغل أنصار حركة "حماس" وقواعدها التنظيمية تصريحاً "عفوياً"، يعكس ضعف الثقافة الدينية لعضو الهيئة القيادية عن إقليم الوسطى في "فتح" عماد أبو عويمر، قال فيه خلال مخاطبته القواعد التنظيمية "نحن نصلي لـ(فتح) ولا نصلي لرب العالمين". وانتشر الفيديو على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تحت عناوين كثيرة من قبل القاعدة التنظيمية لأنصار "حماس"، واستغل في خدمة مصالح انتخابية والتأكيد على ضرورة عدم انتخاب حركة "فتح" خلال الانتخابات التشريعية المقبلة.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، إذ يتداول أنصار التنظيمين، خلال الأسابيع الأخيرة، منشورات ذات طابع انتخابي، تحت شعار "سأنتخب فتح" و"سأنتخب حماس"، يتركز الحديث فيها عن أسباب الانتخاب للطرف المذكور، وتحمل سيلاً من الاتهامات للطرف الآخر.
ويقول الباحث في الشأن الدعائي، حيدر المصدر، إن ما يجري حتى الآن دعاية فردية تخدم سياسة التنظيمات وليست دعاية تنظيمية رسمية، ويعبر فيها الشخص عن قناعته بما يخدم السياسة التنظيمية. ويوضح المصدر، لـ"العربي الجديد"، أن الدعاية على مواقع التواصل لا يمكن أن تتسم بالتهدئة أو الانسجام، وتعمل على ترسيخ وتصليب أفكار لصالح اتجاهها سواء حركة "فتح" أو "حماس"، وتساهم في تعزيز خطاب الكراهية، خصوصاً في الحالة الفلسطينية.
ويتوقع المختص في الشأن الدعائي أن خطاب الكراهية سيتصاعد وسيتخذ أشكالا أكثر حدة، خاصة مع ظهور الشخصيات المرشحة للانتخابات التشريعية المقبلة والإعلان الرسمي عن القوائم، من دون أن يستبعد أن يكون هناك حملات اغتيال معنوي. ووفقاً للمصدر فإن ما يجري حالياً، رغم مشاركة المئات من المحسوبين على التنظيمات فيه، يندرج في سياق "التنمر" والسلوك الفردي، في حين سيخضع الخطاب الإعلامي للفصائل على مستواه الرسمي لحالة من الضبط والسيطرة التي ستبقى غائبة عن مواقع التواصل الاجتماعي.
وأدى الحديث عن وجود تلاعب في سجل الناخبين قبل أيام إلى إطلاق وسم "#لعبوا_في_التسجيل"، وتفاعل معه عناصر حركة "حماس" بصورة أكبر من خلال تغريدات ومنشورات، تحدثوا فيها عن إمكانية تزوير العملية الانتخابية وخشية حركة "فتح" من نتائجها. وردت الكوادر الشعبية والتنظيمية لحركة "فتح" على هذه المزاعم بإعلان جاهزيتها لخوض الانتخابات، وكالت الاتهامات لحركة "حماس" بأنها ساهمت في تدمير تفاصيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين في غزة، بفعل الحروب وسيطرتها على القطاع منذ عام 2007.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في "جامعة الأزهر" في غزة، مخيمر أبو سعدة، أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ساحة للتحشيد والتعبئة الحزبية والمناكفات بين الفصائل الفلسطينية، وهو ما تعزز أخيراً، بعد صدور المرسوم الرئاسي، في 15 يناير/كانون الثاني الماضي، بتحديد موعد الانتخابات العامة.
ويقول أبو سعدة، لـ"العربي الجديد"، إن السلوك الحالي الذي يتسم بالتحشيد والتعبئة من قبل أنصار التنظيمات الفلسطينية يظهر رغبة كل طرف في إظهار القوة الشعبية والجماهيرية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومحاولة استمالة أكبر قدر من الأصوات. ويشير إلى أن امتلاك الناشطين، بمختلف ألوانهم التنظيمية، لآلاف المتابعين عبر صفحاتهم وحساباتهم المتنوعة، أدى إلى تحول الخطاب الموجود حالياً لحملات انتخابية بطابع فردي، في ظل عدم بدء الحملات الانتخابية رسمياً.