دراسة تتعقب تاريخ الهربس إلى التقبيل في العصر البرونزي

09 اغسطس 2022
أقدم سجل معروف للتقبيل هو مخطوطة تعود إلى العصر البرونزي من جنوب آسيا (Getty)
+ الخط -

اكتشف باحثون بقيادة جامعة كامبريدج، لأول مرة، الجينومات القديمة من فيروس الهربس الذي يسبب عادة تقرحات الشفاه الذي يصيب حالياً نحو 3.7 مليار شخص على مستوى العالم. يعود تاريخ الهربس إلى آلاف السنين، وتصيب أشكال الفيروس أنواعاً من الخفافيش إضافة إلى الشعاب المرجانية.

تشير الدراسة التي نشرت يوم 27 يوليو/ تموز في مجلة سَينس أدفانسز Science Advances إلى أن سلالة فيروس HSV-1 وراء هربس الوجه كما نعرفها اليوم نشأت منذ نحو خمسة آلاف عام، في أعقاب هجرات واسعة النطاق من العصر البرونزي إلى أوروبا من أراضي السهوب العشبية في أوراسيا، والازدهار السكاني المصاحب الذي أدى إلى زيادة معدلات الإصابة. إذْ أنَّ زيادة أعداد السكان أدت إلى ارتفاع معدلات الاختلاط بين الأفراد، وبالتالي ازدياد احتمالات انتقال العدوى ونشوء الأمراض.

ووفقاً للمؤلفين، فإن جذور العدوى التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ إلى الوقت الذي انتقلت فيه الممارسة الثقافية للتقبيل الرومانسي من الشرق الأقصى. رسم الفريق خريطة جينومات الهربس القديمة، بعد استخلاص الحمض النووي الفيروسي من جذور الأسنان في الهياكل العظمية البشرية على مدى ألف عام. أظهر التحليل أن بثور الشفاه المؤلمة انتشرت خلال العصر الحجري الحديث، في أعقاب الهجرات الواسعة إلى أوروبا من أراضي السهوب العشبية في أوراسيا.

وتقول المؤلفة الرئيسية للدراسة، كريستيانا شيب، الباحثة في كلية سانت جون في جامعة كامبريدج، إن كل نوع من الرئيسيات لديه شكل من أشكال الهربس، لذلك تفترض الدراسة أن المرض انتقل مع الإنسان منذ أن غادر الأفراد الأوائل من جنسنا البشري أفريقيا.

وتوضح الباحثة، في تصريح لـ"العربي الجديد": "ومع ذلك، حدث شيء ما منذ نحو خمسة آلاف عام سمح لسلالة واحدة من الهربس بالتغلب على سلالات أخرى، وربما زيادة في معدلات انتقال العدوى، والتي يمكن أن تكون مرتبطة بممارسة التقبيل".

تسببت ممارسة التناسل في ازدهار سكاني في جميع أنحاء القارة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات انتقال العدوى. وتضيف شيب أن هربس الوجه يختبئ في مضيفه مدى الحياة وينتقل فقط من خلال الاتصال الفموي، لذلك تحدث الطفرات ببطء على مدى قرون وآلاف السنين، ومن ثم فإن العلماء بحاجة إلى إجراء دراسات عميقة لفهم كيفية تطور مثل هذه الفيروسات.

ينتشر فيروس الهربس البسيط شديد العدوى (HSV)، والذي يتسبب في ظهور بثور مؤلمة، أثناء ممارسة الجنس أو حتى مجرد قبلة. ويشير الباحثون إلى أن أقدم سجل معروف للتقبيل هو مخطوطة تعود إلى العصر البرونزي من جنوب آسيا، وبعدها انتقلت هذه الممارسة مع الهجرات البشرية إلى أوروبا وبقية العالم.

تعقب الفريق جينومات الهربس في بقايا أربعة أفراد. جاءت العينة الأقدم من رجل بالغ من العصر الحديدي عاش في منطقة جبال الأورال الروسية منذ نحو 1500 عام. وكان اثنان آخران محليين في كامبريدج، أحدهما كانت شابة اكتشفت بقاياها في مقبرة أنجلو ساكسونية تعود للقرن السادس أو السابع على بعد أميال قليلة جنوب المدينة، أما الآخر فتعود لشاب من أواخر القرن الرابع عشر، دفن في أراضي كلية سانت جون، وهو مستشفى سابق في العصور الوسطى. وكان هذا الأخير يعاني من خراجات شديدة في اللثة. أما العينة الرابعة فتعود لشاب عثر على رفاته في هولندا، ويعتقد أنه مات في مذبحة عندما هاجمت القوات الفرنسية قريته على ضفاف نهر الراين عام 1672. وكان يبلغ من العمر نحو 30 عاماً وكان مدخناً، كما يظهر من فحص الأسنان.

من خلال مقارنة الحمض النووي القديم بعينات الهربس من القرن العشرين، تمكن الفريق من تحليل الاختلافات وتقدير معدل الطفرات، وبالتالي وضع جدول زمني لتطور الفيروس الذي يمكن أن تشمل أعراضه تورم وتهيج اللثة مع تقرحات في الفم وحوله، وارتفاع في درجة الحرارة، والغثيان، والصداع.

ويشير مسمى هربس طبياً إلى تلك القرح المؤلمة والكيسية على الشفاه أو على الأعضاء التناسلية والأرداف، وهي شائعة وتسببها الفيروسات، وقد كشف مسح طبي أجري في الولايات المتحدة أن أكثر من 90 في المائة من البالغين حتى سن 50 تعرضوا لأنواع من فيروس الهربس تسبب المرض.

المساهمون