على غرار ما يحصل في أورقة المؤسسات الإعلامية الكبرى مثل "سي أن أن"، و"نيويورك تايمز"، و"لوس أنجليس تايمز" في الولايات المتحدة، و"ايه بي سي" في أستراليا، تشهد أروقة هيئة الإذاعة البريطانينة "بي بي سي" BBC مواجهات بين قسم من موظفيها والإدارة على خلفية انحيازها في تغطيتها منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي للاحتلال الإسرائيلي.
انحياز BBC
بحسب معلومات لـ"العربي الجديد" فإن المقر الرئيسي لـ BBC في لندن، يشهد اعتراضات متكرّرة من قبل صحافيين وعاملين بريطانيين وعرب، وآخرين من جنسيات مختلفة. وتتركز الاعتراضات بشكل أساسي على تغطية الشبكة بمختلف منصاتها لحرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة.
وكانت الاعتراضات قد بدأت في الأيام الأولى للعدوان في السابع من أكتوبر. وتجلت بشكل واضح مع طرح BBC سؤالاً عمّا إذا كانت حركة حماس قد بنت أنفاقاً تحت المستشفيات. إذ تزامن هذا التساؤل مع قصف المستشفى المعمداني، واستشهاد عشرات الغزيين الذين نزحوا إليه، هرباً من القصف الإسرائيلي. وتصاعدت الانتقادات على أداء "بي بي سي" التحريري والصحافي مع دخول مراسلة الهيئة لوسي ويليامسون مع جيش الاحتلال إلى داخل مستشفى الشفاء في غزة، غداة اقتحامه "لمشاهدة ما تقول إسرائيل إنها عثرت عليه حتى الآن خلال عمليات تفتيش تجريها داخل مجمع الشفاء الطبي في غزة"، وفق "بي بي سي".
ثمّ عادت موجة الانتقادات لـ"بي بي سي"، مع إطلاق الدفعة الأولى من الأسرى الفلسطينيين المحررين بعد صفقة التبادل بين الاحتلال وحركة حماس، إذ نشرت ضمن تغطيتها المباشرة مقابلة مع الأسيرة المحررة سارة عبد الله من مدينة نابلس. في المقابلة تتحدّث عبد الله عن إذلال الاحتلال للأسيرات وتركهن في البرد وبلا كهرباء أو تدفئة، ورشهن برذاذ حارق، إلا أن "بي بي سي" اختارت ترجمة كلام الأسيرة المحررة بما يناسب الصورة التي تحاول رسمها عن الفلسطينيين الخارجين من معتقلات الاحتلال. فتحوّل كلام سارة عبد الله إلى ما يلي في الترجمة "لم يهتمّ بنا أحد، وحدها حماس اهتمّت بحالنا، وشعرت بمعاناتنا، أشكرهم كثيراً، وأحبهم كثيراً".
تحريض متواصل على الصحافيين العرب
بالتزامن مع تصاعد المواجهات بين الصحافيين والإدارة في لندن، تواصل جماعات ضغط إسرائيلية ومؤسسات إعلامية التحريض على صحافيين عاملين في الخدمة العربية التابعة للهيئة. ولعلّ صحيفة ذا تليغراف، تبقى في طليعة المحرّضين. إذ نشرت أول من أمس السبت تقريراً جديداً تهاجم فيه 4 صحافيين عرب في "بي بي سي"، وهم الصحافيون الذين سبق وخضعوا لتحقيق داخلي من دون اتخاذ أي إجراءات ضدهم، بعد تحريض مشابه غداة السابع من أكتوبر. لكن مع انتهاء التحقيق عاد هؤلاء إلى عملهم، وهو يبدو أنه لم يعجب "ذا تليغراف" ولا منظمة كاميرا، المحرض الأول على الصحافيين رافضي الانحياز للرواية الإسرائيلية.
تقول "ذا تليغراف" في تقريرها الأخير إن "صحافيي بي بي سي عربي، الذين خضعوا لتحقيق بشأن منشورات (منحازة) على مواقع التواصل الاجتماعي في أعقاب 7 أكتوبر، ما زالوا يغطون الصراع بين إسرائيل وغزة". وتضيف "في أعقاب الهجمات، بدا أن مراسلي "بي بي سي عربي" يؤيدون المنشورات التي تشبّه مقاتلي حركة حماس بالمقاتلين من أجل الحرية".
وتشير الصحيفة إلى أنه حتى بعد التحقيق معهم فإنّ عدداً من "أولئك الصحافيين الذين كان نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي موضوع شكوى، عادوا مرة أخرى إلى تغطية الصراع بين إسرائيل وغزة، من دون اتخاذ أي إجراء تأديبي آخر ضدهم". وتذكر الصحيفة بشكل خاص الصحافيين، اللبنانية سناء الخوري، والمصرية سالي نبيل، والمصرية سلمى الخطاب، والمصري محمود شليب. ويترافق هذا التحريض، مع هجوم متواصل من منظمة كاميرا ضد الصحافيين المذكورين، عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.