دابليو. كاماو بيل... عن عالم أقسى بكثير

03 مايو 2024
ظهر فيلم دابليو. كاماو بيل سطحياً وحالماً (كيمبرلي وايت/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- دابليو. كاماو بيل، المخرج والكوميدي الأمريكي، يتميز بأسلوب فريد في الكوميديا الارتجالية يتناول الثقافة الشعبية الأمريكية وقضايا العدالة العرقية، مقدمًا برامج ناجحة مثل "United Shades of America".
- يستخدم بيل تجاربه الشخصية في عروضه لمناقشة مواضيع مثل الأبوة والعدالة العرقية بأسلوب كوميدي، مؤثرًا في النقاشات الاجتماعية والثقافية ومسلطًا الضوء على دوره كفنان في تشكيل وعي جيل جديد.
- في وثائقيه "%Me: Growing Up Mixed1000"، يستكشف تجارب الأطفال مختلطي الأعراق، مقدمًا منظورًا عميقًا حول العنصرية والهوية، ويفتح حوارات حول التنوع على الرغم من النقد الموجه للفيلم بسبب عدم تعمقه في بنية المجتمع العنصرية.

دابليو. كاماو بيل مخرج وكوميدي أميركي من أصول أفريقية. أثبت موهبته على مدار السنوات السابقة. أسلوبه مألوف وغير منفصل عن تاريخ الكوميديا الارتجالية في أميركا. يروي بيل في عروضه الكوميدية وبرامجه الإذاعية الأحداث الفاصلة والمؤثرة في الثقافة الشعبية في بلده، ذلك عبر صدم الجمهور بكلامه الصريح غير المنمق، إذ يدخل إلى صلب قناعاتنا ومبادئنا ويقلبها رأساً على عقب، حتى تصبح قابلة للسخرية.

اشتهر بيل كسفير اتحاد العدالة العرقية في أميركا، وأنتج العديد من البرامج التي تناولت جوانب اجتماعية حساسة في تاريخ الولايات المتحدة المعاصر، كان أشهرها سلسلة United Shades of America الحاصلة على جائزة إيمي، وبرنامجه التلفزيوني المكون من أربع حلقات We Need to Talk About Cosby؛ إذ حلل فيه سيرة حياة بيل كوسبي الذي صعد في الستينيات بتلاعبه على ثنائية أبيض/أسود، ثم انحداره المخزي الذي انتهى بإدانته عام 2018 بتهمة تخدير واغتصاب أكثر من امرأة.

بيل موهوب في إيصال رؤيته الشخصية للعالم عبر تجربته اليومية المعيشة. كل نكاته تتمحور حول تفاصيله اليومية داخل أسرته. يتحدث عن ابنته حين تستيقظ على صوت ترامب وهو يخطب على التلفاز، وعن أمه التي تعتبر أن أوباما نكتة بيضاء سمجة، وعن الأبوة والأمومة في مجتمع تفشت فيه الصوابية السياسية إلى غير رجعة، حين ألقى خطاباً كسفير للعدالة شَبَّه المطالبة بالعدالة العرقية بالبحث عن عملة معدنية في كومة من البراز.

عودتنا إلى الرجل وأعماله في ضوء الانقلاب الاجتماعي الحاصل في الولايات المتحدة وأوروبا، ضرورية لفهم العوامل التي أثرت على بناء وتغيير جيل كامل قد يلعب دوراً أساسياً في تعديل سياسة أميركا الداخلية والخارجية في المستقبل، وهذا ما بدأنا نرى آثاره في الجامعات كفاتحة، لعلها تكون خيراً على البشرية في المستقبل.

في فيلمه الوثائقي الأخير %Me: Growing Up Mixed1000 إنتاج "إتش بي أو"، يتَبْع بيل أسلوباً جديداً في قول ما يريد، إذ يجري مقابلات مع عشرة أطفال مختلطي الأعراق. في البداية مع بناته الثلاث، ثم تظهر زوجته ميليسا ذات البشرة البيضاء في مقابلة منفصلة، ولاحقاً نقابل الجدات. يطرح أسئلة خفيفة لا تخلو من الكوميديا، كسؤاله للأطفال عن المكونات التي يتألّفون منها، فنسمع أجوبتهم الغريبة.

يقدم العمل مجموعة عرقية متنوعة لا تقتصر على أم بيضاء وأب أسود أو العكس، إذ هناك مجموعة من الأطفال ينحدرون من دول وديانات وإثنيات مختلفة، ومنهم أبناء مهاجرين غير ناطقين باللغة الإنكليزية. على الرغم من تنوع العينة التي قابلها بيل، إلا أنها لم تخرج من دائرة المعارف والأصدقاء في منطقة خليج سان فرانسيسكو. جميع هذه الأُسر من الطبقة الوسطى العليا، وينتمون إلى أحزاب ليبرالية، يتمتعون بامتياز التعليم والعيش في منطقة يوجد فيها العديد من العائلات متعددة الأعراق.

الفيلم يعبر عن نفسه كرحلة لاكتشاف وجهة نظر الأطفال عن العنصرية، وكيف يمكن أن تتعاون العائلة لتحضير صغيرها لما قد يقابله من عنصرية في حياته. ثمة مقابلات مع آباء وأمهات الأطفال يتحدثون فيها عن نشأتهم في عالم ذي عقلية كولونيالية يتربع الرجل الأبيض على قمة هرمه العنصري، عالم أقسى بكثير من عالم هؤلاء الأطفال.

سينما ودراما
التحديثات الحية

يحاول بيل بإجاباته أن يقنع الأطفال بأنهم "كمختلطي أعراق" يملكون القدرة على إنقاذ العالم، بحجة أنهم لا ينتمون عرقياً لأحدٍ ما بشكل كامل، ويقفون بين عدة عوالم وهويات. هذه الفكرة على الرغم من سذاجتها، إلا أنها تلاقي نجاحاً كبيراً في الأوساط الفنية أخيراً، وتحديداً في عالم الأنمي الياباني.

لم ينجح بيل، بالرغم من كل الفرص المتاحة له، بالتعمق ببنية المجتمع الذي يفرز هذه العنصرية والقوى المحركة له، وكيفية معالجتها أو مواجهتها حتى لو بالكوميديا. كان الفيلم وبالرغم من خفته وقصر مدته (ساعة واحدة فقط) سطحياً من جهة، وحالماً من جهة أخرى، يتحدث عن هذه المشاكل، ولا يفكر في حلها أو تحليلها.

المساهمون