حملة مناهضة لانقلاب ميانمار تطارد "الخونة" إلكترونياً

08 ابريل 2021
عدد القتلى جرّاء العنف بعد الانقلاب وصل الى 500 شخص (فرانس برس)
+ الخط -

في ظل الفوضى في ميانمار، ينتقم مناهضون للانقلاب من المجموعة العسكرية بسلاح الهواتف الذكية والإنترنت، إذ يطاردون أقارب أفراد الجيش كشكل من أشكال "العقاب الاجتماعي".

وتشهد البلاد اضطرابات منذ أطاح الجيش الزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي في فبراير/شباط، في وقت تجاوز فيه عدد القتلى جرّاء العنف 500 شخص، بينما يحاول الجيش سحق الحراك المناهض للانقلاب.

وتحوّل التعبير عن الغضب والحزن حيال قمع الجيش إلى حملة عبر الإنترنت، حيث أُدرِج ما يقرب من 170 شخصاً من أقارب المجموعة العسكرية على قائمة "الخونة" في موقع إلكتروني.

وينشر الموقع وصفحته على فيسبوك التي كانت تحظى بـ67 ألف متابع قبل إغلاقها، تفاصيل بيانات هؤلاء الأشخاص، مثل أماكن عملهم وجامعاتهم وروابط صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وكُتب على الصفحة في فيسبوك: "نحن هنا لمعاقبة عائلات الجيش أو الأشخاص الداعمين للجيش. لا تسامحوا ولا تنسوا!".

ينشر موقع إلكتروني بيانات لأقارب المجموعة العسكرية في ميانمار

وبينما أغلق فيسبوك الصفحة التي اعتبر أنها تنتهك معايير مجتمعية، لا تزال هناك صفحات أخرى بأعداد أقل من المتابعين. وأفادت متحدثة باسم فيسبوك، بقولها: "سنواصل مراقبة الوضع الميداني في ميانمار من قرب".

وأجبر العقاب الاجتماعي بعض الضحايا على إغلاق أعمالهم التجارية عبر الإنترنت، بينما اضطرّت طالبة من ميانمار في اليابان إلى التخلي عن دراستها، وفق تقارير إعلامية محلية.

ويتجاوز نطاق الحملة الأشخاص الذين تربطهم علاقات بالجيش، إذ يُستهدَف أولئك الذين لا يشاركون في الإضرابات، بينما تعرّض الصحافيون الذين يغطون مؤتمرات المجموعة العسكرية الصحافية للتهديد.

"منظومة فاسدة"

يعتبر المواطنون المقيمون في الخارج أن مشاركتهم في "العقاب الاجتماعي" للأشخاص المرتبطين بالمجموعة العسكرية تساعدهم على التخفيف من الشعور بالعجز الذي يتملّكهم، بينما يراقبون ما يحدث في بلدهم من بعيد، بحسب تشو يي لات، وهي من مواليد رانغون تقيم حالياً في سنغافورة. وقالت إنّ مواطني ميانمار "في سنغافورة غير قادرين على فعل شيء، لذا يشعرون بضغط نفسي كبير... وغضب".

وتشير تشو يي لات إلى أنها تواصلت مع رب العمل السنغافوري لامرأة من ميانمار صديقة جندي كانت تنشر رسائل مؤيدة للانقلاب عبر الإنترنت. وأفادت: "علينا تدمير هذه المنظومة الفاسدة". وتابعت: "أشعر بالقلق فقط حيال الفقراء في ميانمار الذين يتعرضون للقتل والاعتقال. أفراد عائلات العسكريين يعيشون حياة مرفّهة في الخارج ولا يشعرون بالضغط النفسي إطلاقاً".

وكان من بين المستهدفين نجل وزير رفيع يعمل طبيباً، وظهر على التلفزيون لاحقاً للتبرؤ من والده. وواجه برايان باينغ ميو أوو، المقيم في بريزبين في أستراليا، هجمات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على خلفية دور والده بوينت سان كوزير للتجارة.

وقال لبرنامج على شبكة "بي بي سي" باللغة البورمية إن "الأشخاص الذين يستخدمون العقاب الاجتماعي بحقي يعتقدون أنهم على حق. أريد أن أضيف أنني أشارك في معاقبة والدي اجتماعياً". وتابع: "أرسلت رسالة نصية إليه مفادها: (أبي، عليك الاستقالة فوراً. إن لم تفعل، فستخسرني إلى الأبد)".

وعلى الرغم من كونه ضحية العقاب الاجتماعي، إلا أنه يتعاطف مع هذا الأسلوب كوسيلة لزيادة الضغط على النظام. وقال: "لا ألوم الناس للجوئهم إلى العقاب الاجتماعي، لأن الناس يتعرّضون للقتل بوحشية في الشوارع، إنه السلاح الوحيد الذي يملكه المدنيون".

تنتشر على تويتر الهجمات على الأشخاص المرتبطين بالمجموعة العسكرية

وتنتشر على تويتر الهجمات على الأشخاص المرتبطين بالمجموعة العسكرية. وكتب أحد مستخدمي تويتر: "سنعاقب العائلة بأكملها اجتماعياً. سنعاقبهم لدرجة تدفعهم إلى قتل أنفسهم"، مرفقاً المنشور بصور للفتنانت جنرال في الجيش وابنته.

وذكر موقع تويتر أنه يتحرّك ضد التغريدات المسيئة، لكن خبراء يشيرون إلى أن عدد المشرفين الملمّين باللغة البورمية في شركات التواصل الاجتماعي غير كافٍ للسيطرة على الوضع.

"معنا أو علينا"

كذلك تروّج مجموعة من النواب عن حزب سو تشي "الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية" الذين أقيلوا وباتوا ينشطون سراً ضد المجموعة العسكرية لمبدأ "معنا أو علينا". وحذّرت اللجنة الممثلة لنواب حزب سو تشي الذين أُطيحوا، في بيان، من أنه سيجري "التحرّك جدياً" ضد أي أشخاص لا ينضمون إلى الحركة الاحتجاجية.

ولا يقتصر هذا الأسلوب على ميانمار وحدها، إذ اتُّبِع أسلوب نشر المعلومات الشخصية من قبل الطرفين في احتجاجات هونغ كونغ عام 2019. وباتت شرطة هونغ كونغ هدفاً رئيسياً للمحتجين في ظل المواجهات، خصوصاً بعدما توقف عنصر الأمن عن ارتداء شارات تكشف هوياتهم، بينما أطاح الموالون للحكومة معارضي بكين.

اتباع أسلوب نشر المعلومات الشخصية من قبل الطرفين في احتجاجات هونغ كونغ عام 2019

وتقول الخبيرة في الكراهية عبر الإنترنت جينجر غورمان إن الانتقام "الرقمي" قد يحمل عواقب خطيرة على الأرض. وتضيف: "يرتبط هذا النوع من المطاردة عبر الإنترنت والكراهية الإلكترونية الشديدة بحق فرد ما بأضرار هائلة تشمل... التحريض على الانتحار والقتل وتعقّب (الضحية) في الواقع ومهاجمتها".

ووردت تقارير منعزلة عن حوادث على الأرض نجمت عن حملات العقاب الاجتماعي الإلكترونية، كان بينها حلق المتظاهرين المناهضين للانقلاب رؤوس وحواجب أشخاص في ميانمار، بحسب منشورات عديدة على وسائل التواصل الاجتماعي.

(فرانس برس)

المساهمون