- المتظاهرون خارج الحفل يستخدمون مكبرات الصوت ولافتات للفت انتباه المشاهير للوضع في فلسطين، مما أدى إلى توقيف 27 شخصًا وسط تدابير أمنية مشددة.
- نشطاء يطلقون حملة لمقاطعة المشاهير المشاركين في الحفل، متهمين إياهم بالتواطؤ في الجريمة ضد الفلسطينيين، مما أدى إلى خسارة بعضهم لمئات الآلاف من المتابعين وزيادة الوعي بالقضية الفلسطينية.
بينما كان المشاهير من "نخبة" المجتمع الأميركي يقفون أمام الكاميرات لالتقاط الصور في حفل متروبوليتان لجمع التبرعات، كان المئات من المتظاهرين في الشوارع القريبة يرفعون أصواتهم عالياً باسم فلسطين.
شوارع بديلة بالتوازي مع حفل متروبوليتان
بدا التناقض صارخاً بين الناشطين المُشاركين في المسيرات التي جابت شوارع مانهاتن ونجوم المجتمع الذين يحتفلون في الداخل. بين اللافتات التي رُفعت، كانت هناك صور للأطفال الفلسطينيين من ضحايا قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ولافتات أخرى تشير إلى أعداد الضحايا الذين سقطوا خلال الأشهر الماضية. في هذا اليوم، وضع رجال الشرطة مزيداً من الحواجز في الشوارع المؤدية إلى مقر الحفل لمنع المتظاهرين من الاقتراب. اضطر المئات من المشاركين في التظاهرة إلى المرور عبر شوارع بديلة، لكن هذا لم يمنع الشرطة من توقيف 27 متظاهراً.
رفع المحتجون أصواتهم عبر مكبرات الصوت لعلها تصل إلى المُحتفلين في الداخل، غير أن رواد الحفل لم يستمعوا بالطبع إلى هذه الهتافات، كما لم يروا هذه الصور "المُزعجة". ربما لم تصل إلى سمع هؤلاء المشاهير أيضاً الأخبار الواردة عن احتلال معبر رفح الحدودي في ذلك اليوم، وما يمثله هذا الأمر من خطورة على ملايين الفلسطينيين المُحاصرين والمعرضين إلى الموت في كل لحظة. ليس هناك مكان في حفل متروبوليتان السنوي لمثل هذه القضايا، فهناك أمور أخرى أولى بانشغال الحضور.
منذ عام النكبة
الصور المُلتقطة داخل الحفل ستحتل أغلفة الصحف والمجلات في صباح اليوم التالي، وستُرفع بعد ساعات قليلة على صفحات هؤلاء المشاهير كي تحظى بملايين الإعجابات والتعليقات الداعمة من مُتابعيهم. سينشغل مُقدمو برامج التوك شو حتماً، ككل مرة، بأغرب إطلالة بين النجوم في ذلك الحفل، ومن منهم كان أكثر جرأة. لن ينشغل هؤلاء بالأطفال والنساء الذين يقتلون في قطاع غزة بأسلحة أميركية ودعم ومساندة صريحة من صناع القرار في الولايات المتحدة.
حفل متروبوليتان هو تقليد سنوي بدأ عام 1948 لجمع التبرعات لصالح المتحف (حتى عام إطلاق هذا التقليد يحمل دلالة مؤلمة للفلسطينيين). اقتصر الحفل منذ ذلك الحين على كبار الأثرياء في المجتمع الأميركي، وانضم إليهم نجوم السينما والغناء ومؤثري مواقع التواصل الاجتماعي لاحقاً. نجح هذا الحفل السنوي في إنعاش ميزانية المتحف، كما يحظى بإقبال وتغطية إعلامية استثنائية. في هذا الحفل، يلعب نجوم الغناء والسينما عادة دور العارضين والعارضات لأشهر بيوت الموضة وفقاً للثيمة التي تقررها إدارة المتحف، وكانت هذه المرة تحت شعار "حديقة الزمن". بلغ سعر التذكرة الواحدة للحفل هذا العام 75 ألف دولار، أما الطاولة فوصلت إلى 350 ألف دولار. يمكن القول إن حفل متروبوليتان يمثل استعراضاً باهراً للثروة والبذخ الأميركيين.
هذا التناقض الصارخ بين ما يمثله الحفل والشعارات التي يرفعها المحتجون في الخارج ألهم النشطاء بدء حملة واسعة لمقاطعة المشاهير، وهي الحملة التي امتد صداها حتى إلى العالم العربي. استهدفت الحملة الفنانين وأصحاب النفوذ الذين أظهروا دعماً صريحاً للاحتلال الإسرائيلي، أو التزموا الصمت إزاء ما يحدث في قطاع غزة. شملت قائمة الحظر التي نشرتها صفحة نحن الجماهير (We The People) على "إنستغرام" جميع الحاضرين البارزين في حفل متروبوليتان، فكل شخص في الحفل متواطئ بدرجة ما في الجريمة التي تحدث في قطاع غزة، كما يقول جون جونسون، أحد مؤسسي الصفحة.
مجرّد بداية
يؤكد جونسون أن حملة الحجب هي مجرد بداية لخطوات أخرى ستُّتخذ في الفضاء الرقمي ضد هؤلاء المشاهير. تجاوب مع هذه الحملة ملايين المتابعين حول العالم، وفقد عدد من المؤثرين على الإنترنت مئات الآلاف من متابعيهم بالفعل، من بينهم كيم كارداشيان وتايلور سويفت وسيلينا غوميز، بحسب موقع سوشال بليك لإحصاءات مواقع التواصل الاجتماعي.
لم يقتصر رد فعل الجمهور إزاء حفل متروبوليتان على حملة المقاطعة فقط، بل امتد أيضاً إلى المحتوى الإبداعي والساخر على الفضاء الرقمي. بعد انتهاء الحفل، انتشر العديد من مقاطع الفيديو التي تقارن بين الأعمال الوحشية التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة، ومشاهد الترف في حفل متروبوليتان. بين هذه المقاطع، هناك مشهد لشاشة مزدوجة، تظهر في إحداها أُم فلسطينية تحمل أطفالها وأمتعتها وراء ظهرها للبحث عن مكان آمن، بينما يركز المشهد الآخر على الحركات التمثيلية التي يتخذها المشاهير على المنصة المعدة للتصوير في الحفل.
لم يخلُ المحتوى أيضاً من المواد الساخرة على هيئة ميمات أو صور مصحوبة بالتعليقات. بين هذه الميمات التي راجت خلال الأيام القليلة الماضية، انتشرت مجموعة منها تقارن بين مشاهد من حفل متروبوليتان وفيلم
Hunger Games للمخرج الأميركي غاري روس؛ إذ يستمتع سكان مبنى الكابيتول الذين يرتدون ملابس فخمة بالرياضة السنوية المتمثلة في مشاهدة اللاعبين من مستعمراتهم وهم يتقاتلون حتى الموت.