تشهد غرف الأخبار في المؤسسات الإعلامية الأسترالية، حرباً داخلية، ساحتها العدوان على قطاع غزة، إذ يناضل صحافيون فيها، من أجل إسماع صوت غزة والفلسطينيين. ووقّع عاملون في وسائل الإعلام الأسترالية، رسالة تطالب بتقديم تقارير أفضل لما يحصل في المنطقة، وتغطية كافية بشأن جرائم الحرب والتطهير العرقي والفصل العنصري.
وتضمّنت الرسالة توقيعات صحافيين ومحرّرين وشخصيات إعلامية بارزة من غرف الأخبار في ABC، و"ذا غارديان أستراليا"، و"سيدني مورنينغ هيرالد"، و"ذي إدج"، و"شوارتز ميديا"، وغيرها. الرسالة أثارت رداً صارماً في أكثر من مؤسسة إعلامية أسترالية، وتسبّبت في استبعاد الموقّعين عن تغطية العدوان الإسرائيلي على غزة.
في هذا السياق، استبعدت صحيفة "ذا سيدني مورنينغ هيرالد" الأسترالية الموقعين على الرسالة. ونشر المحرر التنفيذي، توري ماغواير، رسالة للموظفين نيابة عن إدارة الصحيفة، أعلن فيها أنّ المحررين الذين وقعوا على الرسالة "لن يكونوا قادرين على المشاركة في إنتاج أي من التقارير المتعلقة بالحرب". وحذّرت هيئة الإذاعة العامة الأسترالية، ABC، طاقم العمل من أن التوقيع على الرسالة قد يثير الشكوك حول قدرتهم على تغطية القصة بشكل محايد.
وقال مدير الأخبار في ABC، جاستن ستيفنز، في مذكرة للموظفين: "كما قلت مرات عدة، فإن الحفاظ على الثقة والمصداقية كموظف في ABC، يعني أنك تتخلى عن فرصة مشاركة آرائك حول القصص التي تغطيها، أو التي قد تشارك فيها". وأضاف: "يجب ألا توقعوا على أي عريضة قد تثير الشكوك حول نزاهتكم في تغطية شبكة ABC".
لكن، من جانبها، قالت مديرة الإعلام في تحالف الإعلام والترفيه والفنون، كاسي ديريك، إن الصحافيين العاملين لديهم الحق في الدفاع عن قواعدهم الأخلاقية، والدعوة إلى تقديم تقارير دقيقة تصب في المصلحة العامة. ونقلت عنها صحيفة ذا سيدني مورنينغ هيرالد، أن "أي ضغط أو تخويف من المديرين لمنع الموظفين من القيام بذلك، بما في ذلك منعهم من تغطية القصص ذات الصلة، يعد تجاوزاً واعتداءً على حقوق الصحافيين وحق الجمهور في المعرفة".
لم تبدأ الحرب داخل غرف الأخبار الأسترالية حول تغطية العدوان مع الرسالة الأخيرة. في أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني، شارك أكثر من 200 صحافي من شبكة ABC، في اجتماع أثير فيه عدد من الشكاوى حول كيفية تغطية الهيئة للحرب.
يطالب الصحافيون بالشفافية بشأن زملاء نالوا رحلات مدفوعة التكاليف بالكامل إلى فلسطين المحتلة
وأعرب الموظفون عن إحباطهم إزاء عدم رغبة مؤسستهم في استخدام مصطلحات تشمل "الغزو" و"الاحتلال" و"الإبادة الجماعية" و"الفصل العنصري" و"التطهير العرقي"، في ما يتعلق بسياسة الحكومة الإسرائيلية، وتقارير منظمات حقوق الإنسان عنها.
اليوم، إلى جانب الالتزام بالحقيقة، وتركيز التقارير على المآسي الإنسانية التي تحدث أثناء العدوان، يطالب الصحافيون في الرسالة الجديدة بالشفافية الإعلامية بشأن الصحافيين الذين نالوا رحلات مدفوعة التكاليف بالكامل إلى فلسطين المحتلة، نظمتها مجموعات مؤيدة لحكومة الاحتلال. وجاء في الرسالة: "من الضروري للشفافية أمام الجمهور، أن تتضمن التقارير الكشف عن مشاركة الصحافي في رحلات مدفوعة التكاليف بالكامل إلى إسرائيل. كما نحث جميع الصحافيين الأستراليين، من الآن فصاعداً، على رفض عروض الرحلات مدفوعة الأجر إلى الشرق الأوسط". كما طالبت بعدم "نقل رواية الحكومة الإسرائيلية للأحداث حرفياً من دون سياق أو التحقق من المعلومات. هذه هي مسؤوليتنا الأساسية كصحافيين". وتقول الرسالة: "من المهم أن تمثّل غرف الأخبار الأسترالية، في تغطيتها لهذه الحرب، المجتمعات متعددة الثقافات التي تخدمها، وأن تضمن ألا يؤدي التدقيق الذي تقوم به الأطراف الحكومية وغير الحكومية في النزاع إلى وصم أي مجتمعات عرقية أو دينية".