"حجارة وبرتقال"... 48 دقيقة من الصمت

10 مايو 2024
أخرجت العمل البريطانية موجيسولا أديبايو (مسرح عشتار)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مسرحية "حجارة وبرتقال" تعكس استمرار نكبة الشعب الفلسطيني من خلال قصة صراع على منزل بين امرأة فلسطينية ورجل قادم من أوروبا، مستخدمةً لغة الجسد لتسليط الضوء على الصراع الثقافي وتزوير التاريخ.
- العرض، الذي قُدم في رام الله، القدس، ومجدل شمس، يهدف إلى توعية الجمهور الغربي بالاضطهاد الفلسطيني منذ وعد بلفور، مؤكدًا على أهمية تقديم الوجهة الفلسطينية للعالم.
- المسرحية تلقى تقديرًا دوليًا، بما في ذلك اعتمادها للتدريس في جامعات بريطانية، وتواجه هجومًا من اللوبي الصهيوني، مما يبرز جهودها في كسر الصور النمطية عن فلسطين وتعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية.

بالتزامن مع الذكرى السادسة والسبعين لنكبة الشعب فلسطيني، نظم مسرح عشتار في مدينة رام الله، جولة عروض لمسرحية "حجارة وبرتقال" في كل من رام الله والقدس ومجدل شمس في الجولان السوري المحتل.
تجسد الفنانة إيمان عون دور المرأة التي تسعى إلى الحفاظ على منزلها من السلب، فيما يجسد الفنان إدوار معلّم دور الغريب القادم للاستيطان فيه، في تأكيد على أن النكبة مستمرة، خاصة في ظل حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

"حجارة وبرتقال": الهجرات اليهودية الأولى 

تعود بنا مسرحية "حجارة وبرتقال" إلى الهجرات اليهودية الأولى إلى فلسطين تحت ذريعة وعد بلفور، من خلال قصة رجل يصل إلى بيت امرأة كلاجئ معدم، قادماً من أوروبا ما بعد الحرب العالمية الأولى، ويحاول تدريجياً السيطرة على منزلها، وطردها منه، بينما هي كانت تعيش بسعادة في بيتها وأرضها مع محصولها من البرتقال. ومع الوقت، يبدأ النزاع بينهما من أجل السيطرة على المكان والاستحواذ على ممتلكاته، فالمسرحية تطرق أبواب احتلال الأرض، وتعرّج على الصراع الثقافي وتزوير التاريخ، وطمس المعالم.
واللافت في العمل أنه صامت، إذ عبّر الفنّانان، معلم وعون، على مدار 48 دقيقة بلغة الجسد عن العمل وحكاياته المتعددة، وتمكنا من دون أن تنبس شفاههما بأي حرف من تقديم عمل ذي جودة عالية.
وأبدع الفنّانان في تقديم عملٍ مؤثر يتميّز بجودة الأعمال المسرحية الوازنة على مستوى عالمي، حتى أنه اعتُمد، أخيراً، لتدريسه في بعض الجامعات والكليات البريطانية لطلّاب المسرح، ما طلب منهما بذل مجهود جسدي وذهني كبير، وهو ما نجحا فيه، متكئين على خبرتهما الكبيرة على الخشبة، وفي مجالات التدريب أيضاً.
تنتمي "حجارة وبرتقال" إلى ما يُعرف بـ"مسرح الصورة"، الذي تقوم بنية الخطاب المسرحي فيه على عدة تكوينات جسدية وأشكال حركية وإيمائية، ترافقها إيقاعات صوتية بشرية مختلفة، كالتمتمات والتأوهات، وتهدف إلى إعلاء الجانب البصري في العرض، فهو بتعبير آخر دراما الصورة، إذ إن هذه الأخيرة تمثّل شكل الحدث وصياغته، وهو ما قدّمه معلم وعون بتمكّن، خاصة أنهما من روّاد هذا الشكل المسرحي في فلسطين منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي.

استهداف الجمهور الغربي

المسرحية التي تتناول الاضطهاد الواقع على الشعب الفلسطيني منذ وعد بلفور إلى يومنا هذا، صُمّمت بالأساس للجمهور الغربي، وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، كما يقول الفنان إدوار معلم في حديثه إلى "العربي الجديد".
ويشير معلم، شخصية العام الثقافية في فلسطين، إلى أن التسمية جاءت لرمزية البرتقال والحجارة في فلسطين، ولكون هذين العنصرين هما الأساسيّين في تركيبة ديكور المسرحية البسيط، موضحاً أن التسمية الأولية لها كانت "48 دقيقة من أجل فلسطين". يقول معلم إن اللوبي الصهيوني هاجم العمل بشدّة عند عرضه في عدّة جامعات في الولايات المتحدة الأميركية.
ويلفت إلى أن المسرحية أعدت خلال ثلاثة أسابيع، في فريق مكوّن من أربعة أشخاص، بينهم مخرجة العمل، الفنانة البريطانية موجيسولا أديبايو.
بدورها تقول أديبايو إن "مسرحية حجارة وبرتقال ليست الحقيقة بأكملها، ولكنها جزء من الحقيقة، وهي نتاج للقاء بين فكرة مخرج وتجربة حياتية لفريق المسرحية"، مضيفة: "في العقدين الأخيرين عملت في فلسطين في مشاريع مختلفة، وخلال تلك الفترة شعرت بتنام متزايد للاضطهاد فيها".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

تقول المخرجة البريطانية، حسبما كتبت على نشرة العمل: "كنت دائماً منبهرة بتعامل الناس مع الاحتلال، لكنني عندما أعود إلى بيتي في لندن أجد نفسي متفاجئة من شحّ المعلومات التي يعرفها سكان هذا البلد عن فلسطين، لذا أردت أن أنتج عملاً عن واقع الضفة الغربية وقطاع غزة، مع العودة إلى البدايات، وهو واقع لا يعكسه مصطلح احتلال، لذا فهو عملٌ مقدّم بالأساس إلى جمهور غير عربي"، يهدف إلى إبراز صورة "حقيقية تعكس واقع احتلال فلسطين، من دون كلام".

المساهمون