مرة أخرى، تعود ميادة الحناوي إلى بيروت لتقدّم حفلاً غنائياً، بعدما تراجعت الحفلات في سورية لحد الانعدام، رغم بعض الفعاليات التي تُنظّم هنا وهناك، بهدف الترويج لعودة الحياة إلى طبيعتها في دمشق تحديداً. بين الحناوي وبيروت علاقة خاص، كيف لا وقد وصلت الشابة إلى العاصمة اللبنانية بداية مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وسجلت فيها أول ألبوماتها الغنائية "الحب اللي كان". ضم الألبوم أنجح أغنيات الحناوي على الإطلاق: "الحب اللي كان" و"حبينا واتحبينا" لبليغ حمدي، و"ساعة زمن" من ألحان رياض السنباطي.
شكلت هذه الأغنيات الثلاث جواز عبور للمغنية السورية الشابة إلى مصر. لكن دخولها القاهرة واجهته عراقيل عدة، لأسباب كثيرة، بينها أولاً الاتجاه نحو التمصير، ثم ما تردد عن خوف الراحلة نهلة القدسي على زوجها الموسيقار محمد عبد الوهاب، بعدما منح الحناوي شهادات في الغناء والأداء، كما حاول مراراً دعمها فنياً. إضافة إلى ما سبق، روجّت الفنانة السورية طويلاً إلى أن من منعها فعلياً من دخول مصر كانت وردة الجزائرية، وهو ما نفته الفنانة الراحلة.
في بيروت إذاً قدّمت صاحبة "أنا بعشقك" حفلاً ناجحاً أخيراً، بعدما بيعت كل البطاقات. حضر الجمهور بحنينه إلى لون غنائي اختفى، وإلى زمن اختفت ومُحيت تفاصيله. ورغم أن الحناوي كانت حذرة بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، من الغناء في لبنان، نتيجة دعمها للنظام، مقابل معارضة قسم كبير من اللبنانيين له، إلا أن ذلك تلاشى في السنتين الأخيرتين، مع غرق اللبنانيين في أزماتهم الداخلية.
استعادت الحناوي في بيروت صوتها، بعدما كادت تفقده في السنوات الأخيرة من دون أسباب واضحة للتعب الذي أصاب حنجرتها. وقفت ما يقارب ساعتين إلى جانب فرقة موسيقية متواضعة، لكن محترفة، وتفاعلت مع الجمهور الذي غنى وصفق لها. ونتيجة لهذا التفاعل الكبير، تعود الحناوي إلى بيروت في شهر ديسمبر/ كانون الأول لتحيي حفلاً في المكان نفسه أي O الذي يملكه الموسيقي والموزع ميشال فاضل.
لكن كل هذا النجاح يقودنا إلى السؤال المتكرر: أين جديد ميادة الحناوي؟ وعدت الفنانة السورية الجمهور بأغنيتين قريباً الأولى باللهجة المصرية والثانية باللهجة البيضاء المحلية من دون الإفصاح عن موعد صدورهما أو عن شركة الإنتاج أو المنتج الذي يؤمن بأهمية عودة الحناوي في جديد غنائي مُربح.
فمنذ سنوات تغيب ميادة الحناوي عن أي إصدار غنائي جديد، من دون أسباب، وتغني بعض القصائد والألحان المنتجة سلفاً من قبل رجال أعمال، وذلك بعدما باءت كل مطالباتها للمنتج محسن جابر بالإفراج عن أغانٍ سجلتها في السابق لصالحه بالفشل ولم تبصر النور. جابر التزم الصمت منذ سنوات، واكتفى برد مقتضب في لقاء صحافي، حين قال إن الأغاني المسجلة بصوت ميادة الحناوي، مضى عليها الوقت ويلزمها إعادة توزيع موسيقي للتناسب مع التحديث على التسجيلات الموسيقية والغنائية.