دعت شخصيات ليبية، أدبية وثقافية وحقوقية، مختلف السلطات في البلاد إلى التحرك العاجل من أجل إنقاذ "المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية" في العاصمة طرابلس، على خلفية خطاب وجهته الهيئة العامة للأوقاف، في الرابع من الشهر الحالي، للمركز تطالبه فيه بإخلاء مقره في غضون ثلاثة أيام.
ورغم تأكيد الباحث في المركز عبد الجواد مطير عدم التجاوب مع دعوة هيئة الأوقاف، إلا أنه اعتبر أن عدم تجاوب حكومة الوفاق لمطالب قطاع عريض من المثقفين في ليبيا "تخاذل تجاه ذاكرة البلاد".
وأكد رئيس مجلس الثقافة العام التابع للهيئة العامة للثقاقة، محمد محيا، إن المركز يحوي أكثر من 24 مليون وثيقة ومخطوطة تاريخية، علاوة على مئات المطبوعات القديمة والحديثة وعشرات الدوريات والكتب، معتبراً أن المركز "منارة تعليمية كان لها الفضل الكبير في البحث التاريخي والتوثيق".
ووفق مطير، فإن الخلاف القانوني بين المركز وهيئة الأوقاف قائم منذ سلطة النظام السابق، حيث ادعت الأوقاف حقها في ضرورة دفع المركز إيجاراً للمقر كونه مقاماً على جزء من أرض مقبرة تاريخية وسط طرابلس.
ويشرح مطير متحدثاً لــ"العربي الجديد" أن القضاء حكم لصالح الهيئة، لكن المركز استأنف الدعوى ولم يصدر حكم حتى الآن، وخلال السنوات الماضية تدخل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق من خلال توقيع عقد مع هيئة الأوقاف يدفع بموجبه إيجاراً للهيئة.
وفيما يستغرب مطير دوافع هيئة الأوقاف وراء تجاهلها لمسارات الإجراءات التي اتخذتها حكومة الوفاق، عبّر محمد محيا عن استنكاره لموقف الهيئة وأنه تصرف غير مبرر منها "حتى لو تراكمت الإيجارات وتعذر الدفع للأوقاف يجب وجود حل غير الإخلاء الفوري"، وفق تدوينة على حسابه الرسمي.
من جانبه، أطلق الكاتب والصحافي الليبي محمود البوسيفي بياناً جماعياً ليبياً، دعا فيه الكتاب والمثقفين والوطنيين إلى التوقيع عليه، عبر صفحته الرسمية، حمل عنوان "نداء وطني ومناشدة لإنقاذ مركز الدراسات التاريخية من الاستيلاء على مقاره".
وأكد البوسيفي، خلال تدوينته، أن هذا البيان موجه للسلطات لــ" أهمية المركز في حفظ الذاكرة الوطنية للأجيال، من سياسة وثقافة وفكر وتاريخ وشعر وأدب"، معتبراً أن انتقال المركز من المقر الحالي سيتسبب في تلف الوثائق والمخطوطات وضياعها وفقدان أرشفتها وتبعثرها، وإن حدث ذلك لا قدر الله، فسيكون جريمة لا يجب السماح بحدوثها، وندعو لمنعها عاجلاً.
نداء وطني ومناشدة لإنقاذ مركز الدراسات التاريخية من الإستيلاء على...
Posted by Assaqeefa Alleebiya on Friday, January 8, 2021
وعلى صعيد الحقوقيين، شددت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليببا على ضرورة تدخل حكومة الوفاق بشكل عاجل وسريع لإنهاء ما اعتبرته "تسلطاً" من جانب هيئة الاوقاف، بل وأكثر من ذلك طالبت بضرورة مراجعة قوانين الأوقاف التي تم إلغاؤها في العديد من البلدان.
وأكدت اللجنة، في بيان لها، تحرك حكومة الوفاق ومجلس النواب والقوى الوطنية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) لــ"تقديم الدعم والمساندة لهذه الحملة، وعرض جوانب المساعدة التقنية والمالية للحفاظ على المركز والأرشيف الوطني وفق الأصول العلمية".
ولم تعلن حكومة الوفاق عن موقفها حتى الآن، لكن مطير يحذر من إمكانية تطبيق الحجر الإداري على المركز من جانب الهيئة، التي لا تزال تستند إلى حكم قضائي لم تفصل محكمة الاستئناف في طرابلس في طلب الطعن فيه حتى الآن.
ويضيف "الحجر الإداري يعني إخلاء المركز من موظفيه بما فيه الحراسات، وفي ظل الضعف الأمني سيعرض مخزون المركز للتعدي والسرقة، وعلى الأقل للتلف والإهمال في ظل إيقاف العاملين عن متابعة حفظ أرشيفه"، معبراً عن استغرابه حيال صمت سلطات البلاد رغم وقوف إدارة المركز على حياد من كل التجاذبات السياسية التي مرت بالبلاد.
تأسس المركز عام 1977 تحت مسمى مركز دراسات جهاد الليبيين ضد الغزو الايطالي، قبل أن يتحول الى مسمى "المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية"
وتأسس المركز عام 1977 تحت مسمى مركز دراسات جهاد الليبيين ضد الغزو الإيطالي، قبل أن يتحول إلى مسمى "المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية" إثر سقوط النظام السابق، ويعتبر من أكبر المراكز البحثية في البلاد المعنية بالتاريخ والهوية الليبيين، ويتوفر على ملايين المخطوطات والوثائق وأرشيف تاريخي للدولة الليبية عبر مراحل تاريخها الحديث.