جدل الخصوصية: هل تمنح "آبل" ثغرة للقراصنة؟

09 اغسطس 2021
تؤكد "آبل" أنّ أدواتها تحافظ على الخصوصية (Getty)
+ الخط -

أعادت الأدوات التي كشفت عنها "آبل" لتحسين رصد الصور التي تظهر استغلالاً جنسياً للأطفال، الجدل بشأن ترميز البيانات والسرية وسط خشية بعضهم من استغلال حكومات وقراصنة معلوماتية لهذه التقنيات الجديدة.

بالنسبة إلى مصنعي أجهزة "آيفون" و"آيباد"، تهدف المبادرة إلى حماية المستخدمين الأصغر سناً من المتربصين بهم عبر الشبكة. لكنّ ذلك يشكل خصوصاً مفصلاً رئيسياً للشركة التي كانت تتصدى بشدة لأي محاولات للالتفاف على نظامها للتشفير بهدف الاطلاع على محادثات خاصة عبر أجهزتها. وفي مذكرة فنية، أكدت "آبل" أن إحدى أدوات الكشف عن الصور الإشكالية والتي طورها خبراء في التشفير "آمنة ومصممة صراحة للحفاظ على خصوصية المستخدم".

وتتيح هذه الأداة مقارنة الصور التي تم تحميلها على خادم "آي كلاود" الخاص بالمستخدم بتلك المخزنة في ملف يديره المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين من دون الوصول مباشرة إلى الصورة. لكنّ خبراء التشفير والخصوصية يخشون من استخدام هذه الأداة لأغراض أخرى. وكتب خبير التشفير في جامعة جونز هوبكنز ماثيو غرين على تويتر "قد يكون هذا النوع من الأدوات مفيداً جداً للعثور على المواد الإباحية للأطفال على هواتف الناس. لكن تخيل ما يمكن أن يحصل فيما لو كانت هذه الأداة بأيدي حكومة استبدادية؟".

أعادت الأدوات التي كشفت عنها "آبل" الجدل بشأن ترميز البيانات والسرية وسط خشية بعضهم من استغلال حكومات وقراصنة معلوماتية لها

كذلك، يخشى خبراء من أن تكون أداة أخرى طورتها "آبل" تتيح إجراء مسح للصور التي يتلقاها القاصرون أو يرسلونها عبر خدمة المراسلة "آي ميسدج"، الخطوة الأولى نحو فتح "أبواب خلفية" في أجهزة "آيفون" يمكن استخدامها من جانب قراصنة المعلوماتية أو الحكومات. وأوضح الباحث في المعلوماتية والعملات المشفرة في جامعة "جورجتاون" مات بلايز، عبر "تويتر" أنّه "سيكون هناك ضغط هائل على آبل من الحكومات في كلّ أنحاء العالم لتوسيع نطاق قدرة الكشف هذه لتشمل أنواعاً أخرى من، المحتوى السيّئ، مع اهتمام كبير من قراصنة المعلوماتية من كلّ الاتجاهات لإيجاد طرق لاستغلالها". وأشار إلى أن "آبل" لن تكتفي بفحص البيانات الموجودة على خوادمها لكن أيضا تلك المخزنة في الهاتف نفسه. لذلك، "قد تتمكن المجموعة من الاطلاع على كلّ بياناتكم".

ستتوافر هذه الأدوات الجديدة في الولايات المتحدة بموازاة تحديثات أنظمة التشغيل لمختلف الأجهزة التي تحمل علامة "آبل" التجارية. وقال المسؤول في المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين، في الولايات المتحدة، جون كلارك، إنّ إجراءات الحماية الجديدة للأطفال التي وضعتها آبل "تغير المعادلة". وهي باتت واقعاً بعد سنوات من التوتر بين عمالقة التكنولوجيا والسلطات.

تتيح إحدى الأدوات مقارنة الصور التي تم تحميلها على خادم "آي كلاود" الخاص بالمستخدم بتلك المخزنة في ملف يديره المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين

وكانت "آبل" خصوصاً، قد رفضت بشكل قاطع مساعدة الشرطة في الوصول إلى المحتوى المشفر للهاتف المحمول لأحد منفذي هجوم أودى بحياة 14 شخصاً أواخر عام 2015 في سان برناردينو، بولاية كاليفورنيا الأميركية.

وبالنسبة إلى مسؤولي مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) فإنّ التشفير التام بين طرفي المحادثة والذي يحصر إمكان القراءة بالمرسل والمتلقي، يحمي فعليا المجرمين والإرهابيين، حتى عندما يكون لدى السلطات أمر تفتيش.

وتدرس شبكة "فيسبوك" حالياً طريقة لاستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل محتوى الرسائل من دون فك تشفيرها، بحسب موقع "ذي إنفورميشن".

تكنولوجيا
التحديثات الحية

من ناحية أخرى، رأى رئيس تطبيق "واتساب" الذي اشترته "فيسبوك" ويل كاثكارت أنّ "آبل" تعتمد "مقاربة سيئة تنتهك خصوصية الناس في كلّ أنحاء العالم". وكتب على "تويتر" يوم الجمعة الماضي، أنّ هذا النظام "يمكنه تسجيل كلّ الصور الخاصة على هاتفك" مضيفاً: "هذه ليست سرية".

ويقول مؤيدو التشفير إنّ السلطات تتمتع أصلا بإمكان الوصول إلى مجموعة كاملة من "الآثار الرقمية" لتتبع النشاطات المؤذية، وإنّ أي أداة يمكنها إلغاء التشفير قد يتم استغلالها من جهات خبيثة.

رأى رئيس تطبيق "واتساب" الذي اشترته "فيسبوك" ويل كاثكارت أنّ "آبل" تعتمد "مقاربة سيئة تنتهك خصوصية الناس في كلّ أنحاء العالم"

أما جيمس لويس، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فاعتبر أنّ أدوات "آبل" الجديدة تجعل من الممكن تحديد المحتوى الإشكالي من دون الحاجة إلى إرساله مباشرة إلى السلطات. وهذا بلا شك لن يكون كافياً في نظر الأجهزة الحكومية. وقال لويس: "لقد بذلت آبل قصارى جهدها لتحقيق توازن بين السلامة العامة والخصوصية، لكن يمكن القول إنّ هذا ليس كافياً لبعض المخاوف الأمنية الأكثر صعوبة".
(فرانس برس)

المساهمون