قامت فنانة أيرلندية بتحويل صورةٍ التقطت خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى جدارية في أحد شوارع دبلن، لتفاجأ لاحقاً بتواصل المرأة الفلسطينية التي ظهرت في الصورة معها، ممّا أثمر صداقةً وتعاوناً بين الاثنتين، رغم الظروف الصعبة، بحسب موقع الإذاعة الوطنية العامة الأميركية (أن بي أر).
في نهاية أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، شاهدت المعلمة والناشطة والفنانة الأيرلندية إيمالين بليك، صورةً تناقلتها وسائل الإعلام الدولية من قطاع غزة لسيدة فلسطينية تحتضن جثة طفلة صغيرة ملفوفة بكفنٍ أبيض. خلّفت الصورة حزناً عميقاً لدى بليك البالغة 36 عاماً، ودفعها ذلك لإعادة رسم الصورة على الجدار الخارجي لإحدى حانات مدينتها دبلن، واستبدلت الكفن الأبيض بالعلم الفلسطيني.
رسمت بليك العديد من الجداريات في السابق دعماً لقضايا حقوقية وإنسانية مختلفة، من مقتل جورج فلويد، مروراً بالوقاية من كورونا، وصولاً إلى اليوم العالمي لمتلازمة داون، لكنّها قررت منذ بدء العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي أن تسخّر عملها لدعم الفلسطينيين في القطاع.
وحظيت صور الجدارية للمرأة والطفل بانتشار واسعٍ عبر منصات التواصل الاجتماعي، لتفاجأ بليك بعد أيام بتلقيها رسالة على "إنستغرام" من سامية الأطرش، الشابة الفلسطينية ابنة الـ26 عاماً التي تظهر في الصورة.
I honestly cannot believe what we’re witnessing. And those in power who could stop it are either standing by and watching, or putting their full support behind it.#FreePalestine pic.twitter.com/blhKoXfO6h
— Emmalene Blake (@emmaleneblake) November 4, 2023
وقالت الأطرش لـ"أن بي أر": "سعدت بأن كثيراً من الناس شاهدوا الجدارية، وتواصلت مع إيما (بليك) لأبلغها أنّني المرأة الموجودة في الصورة".
صداقة بين غزة ودبلن
هكذا، عرفت بليك أن الأطرش لا تزال تعيش في مدينتها رفح التي يهدّد الاحتلال باجتياحها أخيراً، وأنّ الطفلة الشهيدة في الصورة هي ماسة ابنة شقيقتها التي قتلها الاحتلال وعمرها لم يتجاوز السنتين.
واستشهدت ماسة مع شقيقتها لينا ووالديها لؤي خضر وسمر الأطرش، شقيقة سامية، في قصفٍ إسرائيلي استهدف منزلهم بمدينة رفح في 21 أكتوبر الماضي.
وقالت الأطرش: "إنهم ليسوا أرقاماً. إنهم أناس حقيقيون يستحقون الحياة. كانت لديهم أحلام جميلة ومنزل جميل وآمن". تابعت: "كانت الفتاتان تأتيان إلى منزلي كل أسبوع، وتجيء ماسة لتوقظني قائلة: "يا خالتي، استيقظي! هيا نتناول الإفطار"، مضيفة: "تلك ذكريات جميلة بالنسبة لي".
أرادت الأطرش التي تعيش اليوم مع شقيقها وجدتها في رفح، بحسب "أن بي أر"، أن تتواصل مع بليك لإخبارها عن هذه الذكريات السعيدة. بدورها، قالت بليك لـ"أن بي أر": "لقد كانت الطفلتان عالم سامية، وكلّ ما تملكه".
وسرعان ما تطوّرت المحادثة بين الصحافية المستقلة المقيمة في غزة والناشطة الأيرلندية المقيمة في دبلن، ونشأت صداقة بين السيدتين. أرسلت بليك خط هاتف مسبق الدفع للأطرش في ظل تردي وضع الاتصالات في غزة، لتظلا على تواصل عبر تطبيق واتساب.
ووصفت سامية الأطرش صديقتها بأنّها "إنسانة جميلة"، لافتةً إلى أن صداقتهما ساعدتها على "التعامل مع ألمها".
جدارية جديدة وتعاون
مع تطور صداقتهما، قرّرت سامية وإيمالين جمع التبرعات لقطاع غزة من خلال بيع ملصقات للجدارية، على أن تذهب العائدات إلى وكالة الأونروا. كذلك، قرّرت بليك رسم جدارية جديدة تعبّر عن "ماسة كما ينبغي أن نتذكرها، لا كما يراها العالم كله".
وبالفعل، أنجزت بليك في 12 فبراير/ شباط الحالي جدارية جديدة على مبنى من طابقين في دبلن، تظهر فيها ماسة وهي تلعب. ويمكن للمارة تصوير رمز الاستجابة السريع (QR Code)، والذي يرسلهم إلى صفحة تعرّف بقصة ماسة، مرفقة بقصيدة كتبتها بليك.
Second Time Painting You. pic.twitter.com/0Yd89j4ZLs
— Emmalene Blake (@emmaleneblake) February 15, 2024
وقالت إيمالين بليك لـ"أن بي أر": "اسم الجدارية: أن أرسمك للمرة الثانية، وهي عن كل الأمور التي لم أكن أعرفها في المرة الأولى، والتي رسمت فيها ماسة لأنني لم أكن قد رأيتها بعد، لقد كانت صورة لها وهي ملفوفة بالكفن".