جامعة كولومبيا: الإعلام الأميركي يغطّي نصف المشهد

جامعة كولومبيا: الإعلام الأميركي يغطّي نصف المشهد

22 ابريل 2024
متظاهر متضامن مع الطلاب في جامعة كولومبيا، إبريل 2024 (ليوناردو مونوز/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- احتجاجات طلاب جامعة كولومبيا بنيويورك دعمًا للفلسطينيين تواجه بتغطية إعلامية أمريكية سلبية واتهامات بمعاداة السامية، ردًا على العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ومطالبة بمقاطعة الأنشطة المرتبطة بإسرائيل.
- اعتقال حوالي مائة طالب بتهمة التعدي على ممتلكات الغير، وتفكيك خيام الاحتجاج بعد دفاع رئيسة الجامعة أمام الكونغرس ضد اتهامات بمعاداة السامية، مما أثار جدلاً واسعًا.
- تغطية إعلامية تحريضية من صحف كنيويورك بوست ونيويورك تايمز، تجاهلت وجود متظاهرين يهود وركزت على تصوير الحركة كمعادية للسامية، مع تجاهل تأثير المانحين الأثرياء على السياسات الجامعية وإلغاء نشاطات داعمة للفلسطينيين.

بينما تتواصل احتجاجات الطلاب في جامعة كولومبيا في نيويورك، يواصل الإعلام الأميركي تقديم معلومات وأخبار مجتزأة، بهدف تصوير المحتجين والأساتذة الجامعيين الداعمين لهذه التحركات، كـ"معادين للسامية".

اعتقالات في جامعة كولومبيا

وكانت الشرطة الأميركية قد اعتقلت نحو مائة طالب داعم للفلسطينيين في قطاع غزة، كانوا قد بدأوا احتلال باحات جامعة كولومبيا، بعد يوم على مداخلة لرئيسة الجامعة نعمت (مينوش) طلعت شفيق في الكونغرس، دافعت فيها عن نفسها من اتهامات بمعاداة السامية في المؤسسة التعليمية. وأعلن رئيس بلدية نيويورك إريك آدامز، الذي يتمتع بسلطة على الشرطة في المدينة أن "رجال الشرطة تدخلوا لضمان سلامة الحرم الجامعي والطلاب والموظفين، وقاموا بأكثر من 108 عمليات اعتقال وتأكدوا من أنه لم تحدث أي أعمال عنف أو إصابات".

واحتجاجًا على حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة، طالب هؤلاء الطلاب جامعة كولومبيا التي لديها برنامج تبادل مع تل أبيب، بمقاطعة جميع الأنشطة المرتبطة بدولة الاحتلال. وجاءت الاعتقالات بتهمة "التعدي على ممتلكات الغير" وتم تفكيك عشرات من الخيام التي نصبت الأربعاء في حدائق الحرم الجامعي، وقد جذبت عشرات المتظاهرين الآخرين الذين تواجهوا مع الشرطة خارج محيط الجامعة. كل ما سبق، استغلّه الإعلام الأميركي بمختلف اتجاهاته السياسية، لإعادة تهمة "معاداة السامية" إلى الواجهة في الجامعات الأميركية.

تغطية الإعلام

طبعاً كان للإعلام الفضائحي الدور الأبرز في التحريض، خصوصاً صحيفة نيويورك بوست، التي نشرت على غلاف عددها الصادر يوم الجمعة الماضي، صورة الشرطة تعتقل إحدى الطالبات التي ترتدي كوفية، من داخل حرم الجامعة، مع عنوانين: الأول هو "(جامعة) كولومبيا تنقضّ أخيراً على المتظاهرين المعادين لإسرائيل"، والثاني هو EVIC-TORY، الذي يدمج بين كلمتَي "فض (الاعتصام)" و"النصر"، علماً أنّ الصحيفة نفسها غطت الاحتجاجات في الجامعة منذ لحظتها الأولى بصفتها تحركات معادية للسامية.
في وسائل الإعلام الأكثر رصانة، لم تكن معالجة الاحتجاجات في الجامعة مختلفة كثيراً، إذ تجاهلت أغلب هذه المؤسسات الإعلامية وجود متظاهرين يهود بين الطلاب المعتصمين في الجامعة، في محاولة لتصوير كل هذا التحرك كتحرك معادٍ للسامية. 
على سبيل المثال، نشرت صحيفة نيويورك تايمز، منذ يوم الجمعة مقالات وتقارير تصوّر الحركة الاحتجاجية للطلاب، كتحرك "مخيف للطلاب اليهود" في الجامعة. ونقلت عن شباب وشابات "تقديرهم لردة فعل الشرطة"، وسط تلميح متكرر في النص إلى أن الهتافات التي يطلقها المحتجون تخيف اليهود، ومن دون أي إشارة إلى عشرات الطلاب اليهود المشاركين في الاحتاجاجات، الذين رفعوا لافتات وشعارات مناصرة للفلسطينيين في غزة.
وعكس الإضاءة على المتظاهرين اليهود الذين شاركوا في عشرات التظاهرات التي انطلقت في الشوارع الأميركية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فإن اليهود المتضامنين مع الغزيين غيّبوا تماماً تغطية الحركات الاحتجاجية في جامعة كولومبيا وباقي الجامعات الأميركية.

دور المانحين الأثرياء

في مراجعته لأداء الإعلام الأميركي في تغطية احتجاجات الجامعات، أشار موقع موندويس، إلى أن كل المؤسسات الإعلامية تجاهلت بشكل شبه كامل دور المانحين الأثرياء (أغلبهم مناصر للاحتلال) في التأثير على صياغات الخط السياسي لإدارات الجامعات. وعدّد الموقع مجموعة من النشاطات التي ألغيت، والضيوف المؤيدين للفلسطينيين الذين ألغيت دعوتهم إلى جامعات أميركية.

ومنذ بدء حرب الإبادة أعلن عدد من الأثرياء تجميد المنح لبعض الجامعات، بسبب هامش الحرية الذي منح للطلاب ضد الحرب. مثلاً قطع الملياردير ليزلي ويكسنر علاقاته مع جامعة هارفارد، وأوقف رونالد لودر تبرعاته لجامعة بنسلفانيا.
كذلك في الأسابيع الأولى للعدوان دعا مدير صندوق التحوط الملياردير بيل أكمان، ومعه عدد من المديرين التنفيذيين في كبرى الشركات الأميركية جامعة هارفارد، وجامعات أخرى، إلى الكشف عن أسماء الطلاب الذين وقعوا على خطاب يلوم إسرائيل على هجمات المقاومة الفلسطينية في عملية "طوفان الأقصى"، حتى يتمكن الرؤساء التنفيذيون من تجنب توظيفهم في شركاتهم.

المساهمون