ثقي بجمالكِ وتثقّفي

16 ابريل 2014
عدم ثقة الفتاة بجمالها له تأثير كبير في حياتها
+ الخط -
تقف الفتاة أمام المرآة وتتخيّل لو أنّها أنحف أو أطول أو أنّها تُشبه هذه الفنانة أو عارضة الأزياء الشهيرة. ونادراً ما نرى سيدة أو فتاة لا تهتم بمظهرها الخارجي. حتّى أنّ البعض منهنّ يُبالغن في ارتداء الماركات العالمية أو شراء مساحيق تجميل باهظة الثمن والقيام بعمليات تجميل قد تكون ناجحة وقد تكون فاشلة، وأحياناً تُشوه المظهر الطبيعي للمرأة، ما يؤثّر في ثقتها بنفسها وجمالها وأنوثتها ويزعزعها. وثمة من لا يعرن جمالهنّ أيّ اهتمام على اعتبار أنّ "جمال الروح" أو "جمال العقل" أهمّ.

بعض الدراسات، وهي غير دقيقة لأنّها على عيّنات عشوائية، تقول إنّ قلّة من النساء يثقن بجمالهنّ، مهما بلغن من مراتب الجمال. لكنّ المعالج النفسي إيلي ابو شقرا يؤكّد أنّ الأمر نسبيّ. ويعيد أسباب عدم ثقة بعض الفتيات بجمالهنّ إلى "عوامل عديدة أهمّها التربية، ابتداءً  من الطفولة". ويتابع في حديث لـ"العربي الجديد": "تبدأ المشكلة في كيف يرى الوالدان ابنتهما وكيف تكون صورة الأم. فإذا كانت الوالدة جميلة تسعى الابنة إلى تقليدها. وإذا كان شكلها الخارجي أقلّ جمالاً فهي تخاف أن تكبر لتصير مثلها".

ويُضيف أبو شقرا: "العامل الثاني هو اجتماعي. فالفكرة العامة أو التصوّر عن الجمال يختلف من عصر إلى آخر. في القرن 18 مثلاً، كان الجمال أن تكون المرأة ممتلئة. أمّا اليوم فالجمال أن يكون جسم المرأة نحيفاً.. فتقوم الفتاة بمقارنة جسمها بأجساد عارضات الأزياء أو الفنانات ذوات القوام الجذاب والجميل، وتُحاول تقليدها".

ويكمل أبو شقرا شارحاً "أين تبدأ مأساة الفتاة التي تفقد ثقتها بجمالها؟"، فيقول: "بالطبع كلّ جسم يختلف عن الآخر. وهنا تصطدم الفتاة أو المرأة بعدم حصولها على النتيجة التي ترغب فيها، فتقع في حالة من عدم الثقة بالنفس".

وبرأيه أنّ ثقافة المرأة تلعب دوراً أساسياً في هذا الجانب: "خلال فترة المراهقة تسمع الفتاة الكثير من التعليقات، من أصدقاء وأقرباء وشبّان وشابات، ما يولّد داخلها تصوّراً عن نفسها. فإذا كان سلبياً تفقد الفتاة بعض الثقة بنفسها وتبدأ في التركيز على شكلها الخارجي لاستعادة ما تظنّه خسائر". ويستطرد: "هنا فإنّ الفتاة المثقفة تعرف كيف تداوي كلمات الآخرين، أما التي شخصيتها أضعف وثقافتها أقلّ فتقع في فخّ ما تسمعه وتستسلم".

ويُشدد أبو شقرا على أنّ "عدم ثقة الفتاة بجمالها له تأثير كبير في حياتها. فهي قد تروح تهرب من العلاقات الاجتماعية وتنزوي. وفي أحيان كثيرة هذا قد يؤثّر على حياتها الزوجية في ما بعد".

بحسب أبو شقرا لا بّد من إظهار الفارق بين التصوّر الحقيقي للشخصية وبين الشخصية المرسومة في داخل الفتاة: "يجب أن ننفي التصوّرات الآتية من الطفولة، وأن نفتح باباً في توظيف طاقات الفتاة أو المرأة على اهتمامات عديدة تختلف عن المظهر الخارجي، مثل التعلّم والعمل والاهتمام بالفن،ّ وأحياناً كثيرة تكون وسيلة الدفاع في توظيف الطاقة بتنمية الجوانب المختلفة من الشخصية مثل جانب المرح".

هكذا تصير قدرة المرأة على اكتساب الثقافة طريقاً كي تصير أجمل، في نظر نفسها أوّلاً، وفي نظر الآخرين أيضاً.

 

المساهمون