أثار مقال للكاتب توماس فريدمان في صحيفة ذا نيويورك تايمز الأميركية موجة واسعة من الغضب، بعد أن شبّه فيه الشرق الأوسط بـ"الغابة" و"مملكة الحيوان"، وسط سيل من الردود التي اتهمته وإدارة تحرير الصحيفة بالعنصرية ونزع الإنسانية.
وفي مقاله "فهم الشرق الأوسط من خلال مملكة الحيوانات" الذي نشر في 2 فبراير/ شباط الحالي، وتطرّق إلى حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة، شبّه فريدمان الولايات المتحدة بالأسد، فيما استعان بالحيوانات والحشرات، لوصف عددٍ من الجهات والتنظيمات في الشرق الأوسط.
وكتب: "هل هناك وصف أفضل للبنان واليمن وسورية والعراق اليوم؟ إنهم اليرقات. الحرس الثوري الإسلامي هو الدبور. الحوثيون وحزب الله وحماس وكتائب حزب الله هم البيض الذي يفقس داخل لبنان واليمن وسورية والعراق، ومن ثم يأكلها من الداخل إلى الخارج".
وشكّك فريدمان في وجود "استراتيجية مضادة تقتل الدبور بأمان وكفاءة دون إشعال النار في الغابة بأكملها"، في إشارة إلى المنطقة.
لكن التعليق الأكثر إثارة للجدل جاء في السطر الأخير الذي قال فيه: "أحياناً أتأمل أحوال الشرق الأوسط من خلال مشاهدة قناة سي أن أن، وفي أحيان أخرى أفضّل مشاهدة قناة أنيمال بلانت (عالم الحيوانات)".
وأطلقت العبارات الواردة في مقال توماس فريدمان سيلاً من الانتقادات عبر منصات التواصل الاجتماعي، من صحافيين وأكاديميين وناشطين.
واستعاد عدد من المعلقين مرّات سبق فيها للكاتب في "ذا نيويورك تايمز" أن أثار فيها الجدل بسبب آراء وصفت بالتحيّز والعنصرية والإسلاموفوبيا، فيما تساءل آخرون عن كيفية موافقة فريق التحرير على نشر مقال من هذا النوع.
وذكّر الباحث والأكاديمي الفلسطيني عبد الهادي العجلة، عبر منصة إكس، بالانتقادات التي وجهها المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد لتوماس فريدمان، واصفاً مقالاته عن الشرق الأوسط بأنها "سطحية واستشراقية".
وكتب العجلة: "منذ أن بدأت قراءة المقالات والتحليلات باللغة الإنكليزية، اتضح لي أن آراء فريدمان كانت خاطئة دائماً، وتحليلاته سطحية وغير دقيقة وعنصرية ومتناقضة. ومن المخزي أن تستمر صحيفة ذا نيويورك تايمز بنشر مثل هذه القمامة".
In 1989, Edward Said warned us about the shallow, racist, and orientalist perspectives of Thomas Friedman. Said believed Friedman felt entitled and authorized to advocate for extreme measures in the region. Since I began reading articles and analyses in English, it has become… pic.twitter.com/NHtw13fNkU
— Abdalhadi Alijla عبد الهادي العجلة (@alijla2021) February 3, 2024
وأشار المدير التنفيذي للجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز، عبد أيوب، عبر "إكس"، إلى ازدواجية المعايير في ما يتعلق بالعنصرية ضد العرب.
وكتب: "قل هذا عن أي فئة أخرى وشاهد ردة الفعل، سيُطرَد توماس فريدمان قبل أن يجفّ حبر مقالاته"، متابعاً: "إن انطلاقة موسم الانتخابات تذكير بأن العنصرية المناهضة للعرب وكراهية الإسلام هي السائدة، ولهذا السبب فإن هذه القمامة (أي المقال) مقبولة من الجميع، ولن يكون هناك أي محاسبة".
Go ahead and say this about any other people and see the reaction - @tomfriedman would be fired before the ink dries.
— Abed A. Ayoub (@aayoub) February 3, 2024
This election season kickoff is a reminder that anti-Arab racism and Islamophobia are mainstream. That’s why this trash is acceptable to so many, and there will… pic.twitter.com/TqMS3jgWae
بدورها، وصفت المحررة السابقة في "ذا نيويوركر"، إرين أوفربي، المقال بأنّه "عنصري لدرجة أنه كان من الممكن نشره في در ستورمر (صحيفة كانت تصدر في ألمانيا خلال الحقبة النازية) أو في إذاعة رواندا قبل الإبادة الجماعية عام 1994"، مضيفةً: "إنه أمر مهين بشكل مروع، ويجب طرد فريدمان".
كذلك، انتقدت "الكسل غير المفهوم في الاعتراف بالدور الذي لعبه الجيش الأميركي لعقود من الزمن في المساعدة على زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط".
this @nytimes column by thomas friedman comparing countries in the middle east to animals, pests & insects is so virulently racist it could have run in der sturmer or on radio rwanda pre-‘94 genocide
— Erin Overbey (@erinoverbey) February 3, 2024
it’s appallingly offensive & friedman should be fired pic.twitter.com/9Rc7HHmfkg
وكرّرت الكاتبة الباكستانية فاطمة بوتو الاتهام لفريدمان بالعنصرية، وخاطبته عبر "إكس" بالقول: "أيها الأحمق العنصري الجاهل تماماً: هؤلاء بشر، وفشلك في إدراك ذلك جزء من السبب وراء رؤيتنا لبلدك وهو يوافق على الإبادة الجماعية للرجال والنساء والأطفال طوال 120 يوماً".
Through the animal kingdom? Friedman, you absolutely ignorant, racist dolt: these are human beings and your failure to recognise this is part of why we are watching your country sanction the genocide of men, women and children over 120 excruciating days. pic.twitter.com/6HI6HjdLQs
— fatima bhutto (@fbhutto) February 3, 2024
وانتقد المذيع الأميركي البريطاني مهدي حسن الخيارات التحريرية لإدارة "ذا نيويورك تايمز"، متسائلاً: "ألم يفكر أي محرر أو كاتب عنوان في صحيفة ذا نيويورك تايمز الليبرالية مرتين قبل أن ينشر هذا الهراء، ومع عنوان كهذا، من فريدمان؟".
Did no editor or headline writer at the ‘liberal’ New York Times think twice before publishing this drivel, with this headline, from Friedman? https://t.co/zrVzQE4CMs
— Mehdi Hasan (@mehdirhasan) February 3, 2024
وكان مقدم البرامج ذو الأصول الهندية قد تعرّض لحملة واسعة من مؤيدي دولة الاحتلال في الولايات المتحدة، بسبب تعليقاته المنددة بالعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزّة من خلال البرنامج الذي كان يقدّمه عبر قناة MSNBC.
كذلك، ندّدت الصحافية والمذيعة الأميركية رانيا خالق بإدارة الصحيفة وكتبت: "إنه عام 2024، وقد وافق محررو ذا نيويورك تايمز على تشبيه توماس فريدمان للعرب والإيرانيين بالحشرات".
وأضافت في منشور آخر: "لقد انتهيت من محاولة إقناع هؤلاء الأشخاص والمؤسسات بأنني إنسان، وأن أفراد عائلتي بشر، وأن المنطقة التي أتيت منها مليئة بالأشخاص الذين يستحقون الحياة والسعادة والحرية. من الآن فصاعداً، علينا أن نعمل على بناء وسائل إعلامنا ومؤسساتنا وحركاتنا وأحزابنا".
I am done trying to convince these people and institutions that I’m human, that my family members are human, that the region I come from is full of people who deserve life and happiness and freedom.
— Rania Khalek (@RaniaKhalek) February 4, 2024
Enough.
From now on it’s about building our own media and institutions and… pic.twitter.com/AslCblG6Aq