بعد توثيقه قيام الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالاعتداء على عدد من الشبان، الجمعة الماضي، في منطقة باب الزاوية في الخليل جنوب الضفة الغربية، قال الصحافي الفلسطيني نضال النتشة إنه تعرّض للتهديد من الأجهزة الأمنية وناشطين من حركة فتح بسبب الفيديو.
وأوضح النتشة لـ"العربي الجديد" ملابسات تصويره الفيديو الذي انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وتهديده لاحقا، حيث أكد أنه وبعد انتهاء فعالية مساندة للقدس والأقصى على دوار ابن رشد، مساء الجمعة، توجه مع عدد من الصحافيين إلى منطقة باب الزاوية القريبة، حيث توقعوا اندلاع مواجهات في المكان مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقال النتشة إنه كان ينتظر بمكتب أحد زملائه ولاحظ وجود مركبتين للأجهزة الأمنية الفلسطينية، ووثق لحظة ضرب ثلاثة من الشبان في المنطقة أثناء إخلائها من المدنيين.
النتشة أكد أنه وبعد انتهاء الحدث، تواصل مع أحد الشبان حيث أخلي سبيلهم بعد نصف ساعة فقط، وأكد له الشاب أن ما حصل إثر قيام أفراد الأمن بإخلاء المنطقة من الشبان، وأنه حاول الدفاع عن شقيقه الصغير الذي كان يتعرض للضرب، فلاقى هو الآخر وشقيقه الثالث نصيبا من الاعتداء.
ما حصل، بحسب النتشة، في اليوم التالي أن صحافيا آخر اتصل به محاولا طرح نفسه كوسيط بينه وبين أجهزة الأمن والشبان الذين تعرضوا للضرب، وتم تحديد موعد للقاء في منطقة باب الزاوية وفي مكان قريب من وقوع الحادثة، إلا أنه حين وصل فوجئ بأن الصحافي المذكور والأمن لم يكونا في المكان، بل تواجد الشبان الذين تعرضوا للضرب، إضافة إلى شبان آخرين حاولوا الاعتداء عليه قبل أن يحتمي بالمتواجدين في الحي.
وقال النتشة إنه فوجئ بتغيير الشاب لروايته، رغم أنه كصحافي يسجل المكالمات التي يجريها ويملك تسجيلا صوتيا للمكالمة معه، مشيرا إلى أن الشبان قالوا له: "كان يجب عليك أخذ إذن منا قبل التصوير، وأنت تعرّض سلامتنا للخطر والاعتقال من جيش الاحتلال، نحن لا نقوم بضرب الحجارة"، ورد النتشة، بحسب أقواله، بأنهم فعلا لم يقوموا بضرب الحجارة وأن المواجهات لم تكن قد اندلعت في الأساس، وكل ما صوره هو اعتداء الأجهزة الأمنية عليهم.
وتابع النتشة أنه وبعد أن احتمى بالمتواجدين في المكان حضرت قوات الأمن الوطني وتبعهم أفراد من الاستخبارات، والصحافي الذي اتصل من أجل ترتيب اللقاء، إضافة لقرابة 15 ناشطا من حركة فتح.
وأضاف أن اتهامات وجهها أفراد الأمن والضباط له، إضافة إلى تحريض الشبان الذين كان الأمن اعتدى عليهم. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل هدده نشطاء من حركة فتح بالقول: "ممنوع عليك الوصول إلى باب الزاوية إطلاقا"، وقال أحدهم حسب النتشة إنه في حال قدم إلى المكان فإنه سيقوم بإعطاء 30 فتى أموالا لملاحقته في المكان، وقال شخص آخر: "سأقوم بكسر رجليك، وسأمنع كل الصحافيين من الوصول إلى باب الزاوية"، كما تم تهديده بالتوجه إلى النيابة والقضاء العشائري.
النتشة وأمام ما حصل من تهديد وضغوط، خصوصا تغيير الشبان لروايتهم، اضطر كما قال لنشر بيان توضيحي يتبنى رواية الأجهزة الأمنية، أن ما حصل كان على خلفية فض شجار حصل في المنطقة، وقام بحذف البيان لاحقا عن صفحته على فيسبوك وأعلن تعرّضه للتهديد.
وقال النتشة إنه توجه لاحقا إلى نقابة الصحافيين وأطلعهم على ما حصل، وقدم شكوى ضد الصحافي الذي استدرجه للقاء الشبان والأجهزة بتلك الطريقة، كما قدم شكاوى في مؤسسات حقوقية، على رأسها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، كما أكد أنه سيطلع عائلته على الأمر في ظل تهديده بالتوجه إلى القضاء العشائري.
ودان صحافيون فلسطينيون تعرّض زميلهم النتشة للتهديد بالاعتداء من قبل جهات أمنية فلسطينية وشخصيات من حركة فتح في الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة؛ على خلفية توثيقه اعتداء الأجهزة الأمنية على شبان في منطقة باب الزاوية بالخليل، مساء أول أمس الجمعة.
وأكدت مجموعة من الصحافيين نشروا بيانا موحدا على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وقوفهم إلى جانب النتشة، معتبرين أنه لم يتجاوز الأخلاقيات والمعايير الصحافية، بل نقل الرواية كما جرت، وأن الشبان المعتدى عليهم في الحادثة غيّروا إفادتهم بتحريض من جهات أمنية لاتهام النتشة بتزييف الحقيقة.
كما طالبوا رئيس الوزراء وزير الداخلية محمد اشتية بالمحاسبة الفورية لكل من هدده، وطالبوا الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان والمؤسسات الحقوقية كافة بتوفير حماية إضافية له، ونقابة الصحافيين بضرورة اتخاذ موقف لا لبس فيه يعلن الدعم الصريح له والمتابعة الكاملة لقضيته على المستويات كافة.
من جانبه، نشر الناشط ورئيس تجمع شباب ضد الاستيطان، عيسى عمرو، على صفحته على فيسبوك توضيحا حول الأمر وقال: "نعم قوات الأمن الوطني كانت تمنع المواجهات في منطقة باب الزاوية وقتها، ولكن هناك إجماع من أهالي باب الزاوية وأصحاب المحلات التجارية بالطلب من قوات الأمن بمنع المواجهات حفاظا على المنطقة من التهجير والتفريغ، وهنا توجد وجهات نظر متعددة، أنا شخصيا مع الحفاظ على المحلات التجارية ضمن برنامج نضالي واضح وعدم ترك فراغ والسماح للفوضى.
وتابع، على الأجهزة الأمنية عدم الخوف وعدم الخجل وعدم محاولة تجميل صورة الذي تفعله، خصوصا إذا كانت هناك قناعة بالفعل الذي قاموا به، باعتقال ثلاثة أشقاء بسبب دفاعهم عن أخيهم من الاعتقال لأن الأمن الوطني طلب منه مغادرة موقع المواجهات باب الزاوية (وقال الشاب للأمن الوطني أنه من سكان المنطقة ولا يريد المغادرة) وكانت ردة فعل الأمن الوطني عنيفة وخارجة عن القانون باحتجاز شقيقيه).
وأضاف عمرو، الأخ الصحافي نضال النتشة قام بتصوير حدث الاعتقال ونشره، وسبب الاعتقال هو منع الأمن للمواطنين من التواجد في منطقة المواجهات، والأمن الوطني سببه وجوده الرئيسي هو منع المواجهات، وليس بسبب وجود "طوشة" بين العائلات أو أصحاب البسطات، هناك عشرات شهود العيان... وأي محاولة لتشويه الصحافي نضال النتشة أو تهديده فهي جريمة يعاقب عليها القانون الفلسطيني".