شنّت نقابة الصحافة اللبنانية، في بيانٍ أمس الاثنين، لمناسبة الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، هجوماً على المحقق العدلي القاضي طارق البيطار وسلفه القاضي فادي صوان، منتقدة مسار التحقيقات، في موقف يدعم السلطات في البلاد.
وقالت النقابة: "سنة كاملة مرت على كارثة انفجار مرفأ بيروت، ولا يزال الجدل قائماً حول من استورد المواد المتفجرة ومن فتح الاعتماد ومن أدخل المواد إلى المرفأ ومن كان يسحب المواد من المرفأ والكثير الكثير من الأسئلة تطرح ولكن لا جواب، على الرغم من أن رئيس الجمهورية كان قد وعد اللبنانيين بأن التحقيق سوف يعلن خلال 4 أيام، وسيبين من هي الجهة التي قامت بهذا العمل الإجرامي أو على أقله يعلمنا ماذا حدث".
وأضافت "تم تعيين المحقق الأول فادي صوان فأرسلوا له قطاً مقطوع الرأس، فتخلى عن مهمته خائفاً، واعتذر عن المهمة التي كلف بها"، علماً أن القاضي صوان كفت يده عن القضية نتيجة طلب نقل الدعوى الذي تقدّم به الوزيران السابقان، النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، لـ"الارتياب المشروع".
وادعى صوان، في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين الثلاثة علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بجرم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وإيذاء مئات الأشخاص، وهو ما عرّضه حينها لهجوم شرس سياسياً وحزبياً ودينياً وإعلامياً.
واستكملت النقابة هجومها على القاضي البيطار، متهمةً إيّاه بأنه "مسيس وينفذ خطة مرسومة له"، ومنصبةً نفسها قاضيا يعطي ملاحظات لمحقق عدلي بأنّ "الإهمال في الوظيفة لا يمكن أن يصبح جريمة لأن الإهمال غير مقصود حتى يثبت العكس".
ولم تكتفِ نقابة الصحافة المحسوبة على المنظومة السياسية الحاكمة بذلك، بل رأت أن "تكبير بيكار الاتهامات لا يعني إلا شيئاً واحداً، أن هناك مخططاً يطاول الصالح بالطالح ليصل الملف إلى الإقفال".
وكان المحقق العدلي أصدر لائحة استدعاءات منها تكملة لما بدأه سلفه القاضي صوان، أضاف إليها وزير الداخلية السابق النائب نهاد المشنوق وقادة أمنيين وعسكريين، أبرزهم المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم المحسوب على "حركة أمل" و"حزب الله" الذي لاقى حملة دعم حزبية وطائفية وإعلامية بوجه القضاء.
وأثار بيان نقابة الصحافة اللبنانية موجة غضب في الأوساط الشعبية والصحافية وأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وشدد المدير التنفيذي لـ"المفكرة القانونية"، المحامي نزار صاغية، على أن نقابة الصحافة "حقرت القاضي البيطار، وتنمّرت عليه من دون أي دليل، وهي تراهن أنه ليس بوسعه الرد عليها بفعل موجب التحفظ"، لذلك "علينا جميعاً أن نرد ليس دفاعاً عنه وحسب إنما أيضاً إكراماً للضحايا وصوناً لحقوقنا بالحقيقة والعدالة".
"المفكرة القانونية" منظمة غير ربحية للأبحاث والمناصرة، تتخذ من بيروت مقرّاً لها، ولديها مكاتب في لبنان وتونس ومراسلون في عدد من الدول العربية.
كما أصدر "تجمع نقابة الصحافة البديلة" ومؤسسة "مهارات" بياناً مشتركاً، اليوم الثلاثاء، استنكرا فيه بيان نقابة الصحافة اللبنانية الذي كتب "بلغة بعيدة عن الصياغة المهنية بأدنى معاييرها، وبمضمون مفترٍ ومضلل يوجّه تهماً كيدية للمحقق العدلي، ويساهم في تضليل الرأي العام واستبعاد التهم الجرميّة عن المسؤوليات الناتجة عن انفجار المرفأ ومحاولة تبرئة المتورطين فيه".
وطالبا أعضاء مجلس النقابة الممثِّلين للصحف اللبنانية باتخاذ موقف واضح من البيان.
وسأل البيان المشترك: "هل مجلس نقابة الصحافة في لبنان غير مهتم بمسار العدالة في لبنان؟ هل هو غير معني بأن يلعب الإعلام دوره كخدمة عامة لا كوسيلة لتشويه المعلومات وبث الدعاية السياسيّة وعرقلة التحقيق والتصويب الشخصي؟".
"تجمع نقابة الصحافة البديلة" يضم عاملات وعاملين في المجال الإعلامي في لبنان لا تمثلهم النقابات الرسمية. أما "مهارات" فهي منظمة غير حكومية مقرها بيروت، تعمل كمحفز للمدافعة والنهوض في تطوير مجتمعات ديمقراطية تسودها مبادئ حرية التعبير، الوصول للمعلومات، واحترام حقوق الإنسان، وفق ما تفيد عبر موقعها الرسمي.