كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من معهد "جارفان" للأبحاث الطبية في أستراليا، أن المُستقبِل الذي يساعد في الحفاظ على الطاقة عندما يكون الطعام شحيحاً، قد يكون المفتاح لنهج أكثر أماناً لعلاج السمنة المرتبطة بالنظام الغذائي بالذات.
في الدراسة التي نشرت يوم 11 مايو/أيار الجاري في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز" أوضح المؤلفون أنّ منع مُستقبِل معين من جزيء الببتيد العصبي NPY، الذي يساعد الجسم على تنظيم إنتاج الحرارة، يمكن أن يزيد من التمثيل الغذائي للدهون ويمنع زيادة الوزن، بناء على النماذج التجريبية و"الخزعات" التي جرت في الأنسجة الدهنية لأفراد يعانون من السمنة المفرطة. يعمل مستقبل Y1 كمكبح لتوليد الحرارة في الجسم، ووجد الباحثون أنّ حجب هذا المستقبل في الأنسجة الدهنية يحول الدهون التي تخزن الطاقة إلى دهون تحرق الطاقة. وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، أوضحت المؤلفة المشاركة في الدراسة، يان تشوان شي، من جامعة "نيو ساوث ويلز" الأسترالية، أنّ معظم الأدوية المستخدمة حالياً لعلاج السمنة، تستهدف الدماغ لكبح الشهية، ويمكن أن تكون لها آثار جانبية شديدة تحد من استخدامها.
لكن الدراسة الحالية، تكشف عن نهج بديل يستهدف الأنسجة الدهنية بشكل مباشر، ما قد يوفر طريقة أكثر أمانا للوقاية من السمنة وعلاجها. يمكن أن تؤدي السمنة المفرطة إلى مضاعفات طبية خطيرة، بما في ذلك مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أنواع السرطان، وبينما تعد التغييرات في نمط الحياة ضرورية لفقدان الوزن، فإنّ الأدوية هي خيار علاجي مساعد بل حاسم في بعض الحالات، وفق الدراسة.
في الدراسة الحالية، درس الباحثون مستقبلات Y1 التي يتحكم فيها الببتيد العصبي NPY (منظم التمثيل الغذائي) الذي يتم إطلاقه في الجسم في حالة الجوع للمساعدة في تقليل استهلاك الطاقة وزيادة تخزين الدهون. وتبين للفريق أنّ مستقبلات Y1 تم إنتاجها بمستويات أعلى في الأنسجة الدهنية للأفراد الذين يعانون من السمنة المفرطة، ثم أوقف الباحثون هذا المستقبل باستخدام العلاج التجريبي "BIBO3304" الذي سبق تجريبه على فئران التجارب في المعمل. يلعب الببتيد العصبي Y دوراً حاسماً في حالات انخفاض إمدادات الطاقة، حيث يساعد في تخزين الدهون كآلية للبقاء.
ومع ذلك، يمكن أن تؤدي هذه التأثيرات إلى تفاقم زيادة الوزن التي يسببها النظام الغذائي، ما يؤدي إلى السمنة وعدد من الأمراض المصاحبة لها. أوضحت المؤلفة المشاركة في الدراسة أنّ الفئران التي تم إعطاؤها BIBO3304 واتباع نظام غذائي غني بالدهون معاً، انخفض مستوى اكتساب الدهون لديها خلال سبعة أسابيع بحوالي 40 في المائة أقل من الفئران التي تتبع نظاماً غذائياً عالي الدهون من دون العلاج التجريبي. وأرجعت الباحثة هذا الانخفاض الكبير في مستوى اكتساب الوزن إلى زيادة توليد حرارة الجسم ومن ثم تقليل كتلة الدهون، ما يشير في النهاية إلى أنّ استهداف مسار مستقبل Y1 قد يؤدي إلى زيادة التمثيل الغذائي للدهون ويقلل من زيادة الوزن.
ووفقاً للدراسة فإنّ معظم العلاجات الحالية المستخدمة في علاج السمنة من خلال استهداف الجهاز العصبي المركزي، يمكن أن تكون لها آثار جانبية نفسية أو آثار خطيرة على القلب والأوعية الدموية، وهو ما يفسر سحب أكثر من 80 في المائة من هذه الأدوية من السوق. لذلك، تعد الدراسة الحالية دليلاً مهماً على أنّ حجب مستقبلات Y1 في الأنسجة من دون التأثير على الجهاز العصبي المركزي، فعّال في منع السمنة عن طريق زيادة حرق الطاقة. وتكشف هذه التقنية عن نهج علاجي جديد يحتمل أن يكون أكثر أماناً من الأدوية الحالية التي تستهدف الشهية.