تصريحات راغب علامة... دائرة المال والعلاقات العامة

27 يونيو 2022
لم يوفّر طريقة للبقاء في دائرة الرجال النافذين (Backstage Production)
+ الخط -

طيلة 35 عامًا، عمل راغب علامة على توظيف علاقاته العامة من أجل مكاسبه الشخصية، لذا عند النظر إلى مسيرته الفنية، يصعب اختزالها بأغانيه وموسيقاه، رغم النجاح الكبير الذي حققه على هذا الصعيد. إلا أن اسم علامة ارتبط بتفاصيل كثيرة أخرى، أبقته دائماً تحت دائرة الضوء.

في مطلع تسعينيات القرن الماضي، تعرض الفنان اللبناني لمحاولة اغتيال في الأردن أثناء إحيائه حفل زفاف هناك. يعرف كثيرون من متابعي الساحة الفنية في تلك الحقبة تفاصيل الحادث، واسم رجل الأعمال الذي أمر بالجريمة، والأسباب الشخصية التي وقفت خلفها. ورغم خطورة ما حدث، فإن علامة عرف جيداً كيف يستثمر الحادث، فاستنجد بالإعلام، ما دفع رئيس مجلس الوزراء اللبناني وقتها، الراحل رفيق الحريري، إلى إرسال طائرة خاصة إلى الأردن لنقل علامة إلى بيروت، ومتابعة حالته الصحية.

هذه الحادثة تكشف بعضاً من مسار راغب علامة الذي بنى على أساسه اسمه جنباً إلى جنب مع أعماله الموسيقية. فمنذ تلك الحقبة عرف كيف يبني شبكة من العلاقات المتشابكة مع مركز القوة والسلطة في لبنان وخارجه، ولم يتوان عن الإعلان عن الموقف ونقيضه بشكل متكرر حد الملل. فالمهم بالنسبة له كان التفاعل مع الظروف التي تحيط به من أجل الكسب الإضافي، والبحث عن مقعد في الصف الأول من دون الاهتمام بمن يجلسون حوله أو يحيطون به.

نقفز إلى عام 2013، حين بدأت محاولة تداول اسم راغب علامة في التشكيلة الوزارية اللبنانية التي كلف بها رئيس الوزراء السابق تمام سلام. يومها أيضاً حاول علامة التسلق على هذه الأخبار وروج لها من خلال ماكينته الإعلامية، رغم أن كل ما أشيع كان مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة، إلا أن علامة ومعه شقيقه ومدير أعماله خضر علامة لعبا على هذه الأخبار، فقال علامة الأخ إنه لو كلف شقيقه بمنصب وزاري "فهو بالطبع سيختار وزارة خدماتية لأن هدفه أن يخدم الناس".

لكن خدمة الناس لم تكن فعلياً ما سعى إليه علامة الذي كوّن صداقات مع أبرز الوجوه السياسية اللبنانية المتورطة في ملفات الفساد. إضافة إلى ذلك، اشترى منزلاً في وسط بيروت التجاري مجاوراً لما يعرف ببيت الوسط، وهو المنزل الذي يملكه رئيس الوزراء  اللبناني السابق سعد الحريري. وقد انتشرت صور كثيرة لعلامة والحريري جنباً إلى جنب.

لكن الحريري لم يكن السياسي الوحيد الذي نسج معه علامة علاقة، بل كذلك وئام وهاب، ونواب مقربون من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وغيرهم كثيرين. ورغم اللقاءات الشخصية التي جمعته بكل هؤلاء والصور التي وثقت اللحظة، كان علامة يعود ليهاجم اللبنانيين بسبب انتماءاتهم السياسية، ولم يتردد بالركوب على موجة 17 تشرين (انتفاضة تشرين الأول/ أكتوبر 2019) ليصوّر نفسه كشخصية معادية للطبقة السياسية. وبين السياسة والعلاقات العامة، استنفد الفنان اللبناني كل الأساليب للبقاء في دائرة الرجال النافذين، فرأيناه على سبيل المثال متباهياً ومبتهجاً جنباً إلى جنب مع هشام طلعت مصطفى، الذي أدين بقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم، في عرس نجل مصطفى في مصر.

نسرد كل ما سبق، لنصل إلى اللحظة الراهنة. إذ قبل أيام أطل علامة في دردشة سريعة على قناة "أغاني أغاني" مع الزميل فراس حليمة، وكال المديح لقادة دولة الإمارات التي يعتبرها بلده، كما يقول، معلناً أنه يفضلّ القادة الإماراتيين على هؤلاء في لبنان. وعندما سأله حليمة عما إذا كان قد حصل على الجنسية الإماراتية أم لا، أكمل علامة المديح الذي بلغ حد التملّق، معلناً أنه عند حصوله على الجنسية سيعلن ذلك. لكن مجدداً عرف كيف يوصل رسائله من بيروت إلى مسامع المسؤولين في دبي وأبوظبي.

مناورة جديدة من علامة، تبقيه المغني العربي الوحيد الأذكى في تدوير الزوايا والسعي أو المحافظة على هدفين في الحياة: المال والعلاقات العامة.

المساهمون