تشكيليو غزة يجسدون الحق في التنقل والسفر

08 ديسمبر 2022
حضر جواز السفر بقوة (العربي الجديد)
+ الخط -

تجمّعت تفاصيل المعاناة اليومية التي يتعرض لها أهالي قطاع غزة، والمتعلقة بالحق في السفر والتنقل بحُرية، في لوحات تشكيلية عُرضت اليوم الخميس في قاعة مركز رشاد الشوا، غربي مدينة غزة.

وتعاون عدد من الفنانين التشكيليين، خلال المعرض الفني الذي نظمته الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالِم) وجامعة الأقصى بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، لإظهار الانعكاسات السلبية التي طاولت المواطنين جرّاء عدم السماح لهم بالتنقل بالحرية التي كفلتها لهم القوانين والمواثيق الدولية.

واختارت منال الرزاني التعبير عن ذلك الحق من خلال تصوير جواز السفر مثل مبنى مهجور ومُهدم، نبتت عليه شتول الصبار، فيما أحاط به اللون الأحمر، في دلالة على الحروب، والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، والتي تمثلت كذلك في الطائرة الحربية السوداء، التي توسطت اللوحة التشكيلية.

أما الفنان محمد اشنيورة، فقد عَبّر من خلال لوحته عن شخص مُحبط يحمل شنطة السفر أمام المعبر المُغلق، وقد جَسّد في الشخص المواطن الفلسطيني، المحروم من حقه في التنقل والسفر، وحقه في العلاج، وقد وضع لوحة فوق بوابة المعبر المغلق، كُتِب عليها "لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة".

وتبيّن اللوحة، وما يجاورها من لوحات، وفق تعبير اشنيورة لـ"العربي الجديد"، أن لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه، وحرية اختيار مكان إقامته، ولكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، ولا يجوز تقييد هذه الحقوق بأية قيود، غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، أو حقوق الآخرين وحرياتهم.

وتعددت أساليب التعبير في زوايا المعرض، إذ اختار البعض تجسيد الواقع الأليم، المتعلق بالمنع من السفر، عبر لوحات قاتمة، ضجت بملامح الحرب والإغلاق والطائرات الحربية والقيود المفروضة. وظهر معها جواز السفر الفلسطيني مُمزقاً أو مهجوراً في لوحات عدة.

بينما اختار بعض الفنانين، ومنهم بلال الحصيني، التعبير عن الأمل والتطلع إلى المستقبل، حيث صور أسرة فلسطينية تستظل بشجرة وسط أجواء طبيعية، وتنظر إلى طائرة تُحلق فوق مطار غزة، وهو بكامل طاقته التشغيلية، إلا أن قيوداً لا زالت تلفهم بالشجرة، رغم الألوان الزاهية المُحيطة بهم، فيما شبه الفنان محمد أبو جميزة الحق في التنقل بحصان حطم جدار المزرعة التي حُبس فيها، وانطلق حُراً، ورسمت ريتال زيادة سُلماً طويلاً صعدت عليه طفلة باتجاه الطائرة.

وحمل طفل في لوحة رسمها محمد مشعل لعبة طائرة، من خلف جدار الفصل العنصري الإسرائيلي، الذي حال بينه وبين الكُرة الأرضية، بينما جسد وائل زيادة لحظات الانتظار، لأشخاص جلسوا على حقائب سفرهم، وقد غلبهم النُعاس، في دلالة على مدة الانتظار الطويلة.

صورة طير الحَمام الأبيض في القفص كذلك تصدرت لوحات المعرض، وقد رُسمت إلى جانبها فتاة مقيدة تتطلع إلى الحُرية، كذلك كلمة "مرفوض" التي وُسم بها شخص ممنوع من السفر، علاوة على رسم حُطام مطار غزة باللون الأسود، ومُقارنته في هيئته السابقة بألوان زاهية.

ويأتي المعرض على هامش الفعالية الإبداعية لتكريم الفائزين والمشاركين في مسابقة الحق في التنقل والسفر، فيما دارت اللوحات التشكيلية التي جرى عرضها في فلك ذلك الحق تأكيداً على أهميته، خاصة في ظل تواصل الحصار الإسرائيلي المُطبق على قطاع غزة منذ ستة عشر عاماً.

وسبقت افتتاح المعرض مجموعة كلمات، شددت على الحق في التنقل والسفر، حيث أوضح نائب المفوض العام للهيئة المستقلة، سلامة بسيسو، أن الحق في التنقل والسفر كفلته كل الشرائع السماوية، والقوانين والمواثيق الدولية، من دون أي قيد أو شرط، موضحًا في الوقت ذاته أن الاحتلال الإسرائيلي يمنع ذلك الحق من خلال المعابر والحواجز التي تقطع أوصال الوطن.

فيما بين رئيس جامعة الأقصى، أيمن صبح، أنه من حق أهالي غزة العيش بكرامة، والحرية في التنقل والسفر، في ظل الأزمات التي يعيشها الشعب الفلسطيني، والتي تسبب بها الاحتلال الإسرائيلي في كل المدن الفلسطينية، بينما أوضحت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في فلسطين، فرانشيسكا ألبانير، أهمية تمتع كل مواطن بحقوقه كاملة، وفي مقدمتها الحق في التنقل والسفر.

ويتعرض الحق في التنقل والسفر إلى جملة من الانتهاكات، منها حرمان عدد من المواطنين من الحصول على جوازات سفرهم بذريعة الاعتبارات الناجمة عن الانقسام، إلى جانب الانتهاكات الإسرائيلية، التي تناقض التزاماتها بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني، وخصوصاً اتفاقية جنيف الرابعة، من خلال فرض قيود على حركة السكان المدنيين، ومنع المرضى من الوصول إلى المستشفيات، كما تحرم طلبة غزة من الوصول إلى جامعات الضفة، وحزمة من الانتهاكات غير المتوقفة.

المساهمون