الأسبوع الماضي، قررت شركة "أمازون" تخصيص مراكز في مقراتها كي يستطيع الموظفون التنفيس فيها، فانتشرت السخرية في مواقع التواصل: "تأمين ظروف عمل آمنة للموظفين؟ كلا. تأمين غرف لكي يبكي الموظفون أحوالهم؟ نعم". يأتي ذلك بعد جدل كبير حول ما يعانيه موظفو "أمازون"، خصوصاً في قسم التوصيلات الذي يعدّ الأسرع في الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية.
في 23 إبريل/نيسان الماضي، أصدرت "أمازون" التي يملكها جيف بيزوس، اعتذارًا عن تغريدة نفت فيها مزاعم بعض العاملين في الشركة، تنتشر منذ عام 2018، بأنهم عملوا بجد لدرجة أنّهم أُجبروا على التبول في زجاجات بلاستيكية بسبب عدم إيجاد وقت للذهاب إلى الحمام. جاءت التغريدة من حساب "أمازون نيوز" ردًا على منشور من النائب الجمهوري مارك بوكان الذي علّق على مزاعم قدّمها رئيس قسم المستهلكين في "أمازون" ديف كلارك عن أن الشركة مكان عمل تقدّمي يحترم العاملين فيه ويقدّم للجميع وقت راحة. وقال بوكان: "إنّ دفع 15 دولارًا في الساعة للعمال لا يجعل الشركة مكانا تقدّميا للعمل عندما تجعل الشركة عمّالها يتبوّلون في زجاجات المياه"، لتردّ "أمازون" في تغريدة: "أنت لا تصدق حقًا التبول في الزجاجات، أليس كذلك؟" وأضاف الحساب في ذلك الوقت: "إذا كان هذا صحيحًا، فلن يعمل أحد معنا. الحقيقة هي أنّ لدينا أكثر من مليون موظف رائع حول العالم وهم فخورون بما يفعلونه، ولديهم أجور ورعاية صحّية رائعة منذ اليوم الأول".
لتعود الشركة وتعتذر في منشور: "كان هذا هدفًا خاصًا، ونحن غير راضين عنه، ونحن مدينون بالاعتذار للنائب بوكان". وأضافت: "أولاً، كانت التغريدة غير صحيحة. لم نفكر في العدد الكبير من السائقين لدينا وبدلاً من ذلك ركزنا بشكل خاطئ فقط على مراكز الإنجاز لدينا". أشارت الشركة إلى أنّ هذه المواقع تحتوي عادةً على عشرات الحمامات، ويمكن للموظفين الابتعاد عن محطة عملهم في أي وقت. وأضاف الحساب: "إذا كان لدى أي موظف في مراكزنا تجربة مختلفة، فإننا نشجعه على التحدث إلى مديره وسنعمل على إصلاحها".
اعترفت الشركة بخطئها، لا سيما بعد الكمّ الهائل من الانتقادات التي طاولتها على مواقع التواصل الإجتماعي والمنشورات التي تبادلها عدد كبير من نجوم هوليوود عن عدم صوابية ما يحصل مع الموظّفين. وقد علّلت الشركة الأمر بأنّ التغريدة لم تخضع للتدقيق المناسب قبل نشرها. أيضًا، اعترفت الشركة بأن سائقي "أمازون" على وجه الخصوص قد يواجهون صعوبة في العثور على دورات المياه بسبب حركة المرور أو الطرق الريفية في بعض الأحيان، وكان هذا هو الحال بشكل خاص خلال ذروة الإغلاق التام للمدن والمناطق جراء جائحة كورونا بحيث تم إغلاق العديد من الحمامات العامة.
لكنّ شركة "أمازون" ليست الأولى التي تعرّضت لانتقادات عديدة بسبب سوء معاملتها لموظّفيها. فقد تعرّضت شركة "آبل" لأمر مشابه عدّة مرات كان أبرزها عام 2019، حيث اتّهم تقرير صادر عن China Labour Watch، وهي مجموعة مناصرة غير ربحية، شركة "آبل" وشريكتها التصنيعية Foxconn بسلسلة من انتهاكات العمل، بما في ذلك حجب مدفوعات المكافآت والتراجع عن التدريب على السلامة وتوظيف عمال مؤقتين أكثر مما تسمح به القوانين الصينية. واستند التقرير إلى الملاحظات والوثائق التي جمعها محقّقون سرّيون يعملون في أكبر مصنع لهواتف "آيفون" في الصين في مدينة تشنغتشو. نفت الشركة عبر المتحدّثة باسمها لوري لودس معظم المزاعم، لكنّها أقرت بأنّها تجاوزت عدد العمال المتعاقدين الذي يسمح به القانون الصيني، والذي يحدد النسبة بـ10 في المائة. اتّضح لاحقًا انّ ساعات العمل أطول من المسموح به وظروف العمل قبل إطلاق الهواتف الذكية غالبًا ما تكون منافية لأنظمة العمل المصدّق عليها دوليًا. التسريب هذا أثّر كثيرًا على سمعة "آبل" والتي تُكافح جاهدةً لإظهار نفسها شركة إنسانية في تعاملها مع موظّفيها ومستخدميها حول العالم.