تبادل دونالد ترامب وداعمه الثري إيلون ماسك مجموعة من نظريات المؤامرة والأفكار المتطرفة، شبّها فيها المهاجرين غير القانونيين بـ"الزومبي"، ونددا بـ"الانقلاب" على الرئيس الأميركي جو بايدن مع تعيين نائبته كامالا هاريس مرشحة عن الحزب الديمقراطي للبيت الأبيض، خلال حديث عبر منصّة إكس أخرته مشكلات فنية.
وكان مالك منصّة إكس وعد بقضاء وقت "ممتع جداً" مع مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة، لكن الواقع أنه أتاح لترامب استعادة مواضيع حملته الانتخابية بحضور محاور متعاطف مصمّم على عدم نقض ادّعاءاته. وقد أشارت شبكة "سي أن أن" الأميركية إلى أن ترامب ردد أكثر من 20 ادعاء كاذباً خلال هذه المقابلة.
ووعد الرئيس السابق مرّة جديدة بـ"أكبر عملية ترحيل في تاريخ" الولايات المتحدة، مردّداً ادّعاءه الخاطئ بأن تدفق المهاجرين بأعداد كبيرة في عهد جو بايدن سبّب زيادة الجرائم. ووافقه إيلون ماسك الرأي قائلاً: "لدينا أشخاص يتدفقون وكأنها نهاية العالم بأيدي الزومبي"، مشبهاً الوضع على الحدود الأميركية بفيلم "وورلد وور زد".
وبعدما بقيت علاقة ماسك بترامب معقدة لفترة طويلة، بات يؤيده علناً منذ تعرضه لمحاولة اغتيال الشهر الماضي. بعد ساعات قليلة من تعرّض دونالد ترامب لمحاولة اغتيال خلال تجمّع انتخابي في بنسلفانيا، في 13 يوليو/ تموز، أطلّ الملياردير ورجل الأعمال إيلون ماسك عبر منصته إكس، معلناً دعمه للمرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأميركية، وكتب: "أنا أؤيد الرئيس ترامب بالكامل، وأتمنى له الشفاء العاجل". وجاء إعلان ماسك الصريح ليؤكّد ما تناقلته تقارير متعدّدة في وسائل الإعلام الأميركية خلال الأشهر الماضية عن عودة المياه إلى مجاريها بين الرجلين، بعد تقلبات عدة مرّت بها علاقتهما خلال السنوات القليلة الماضية.
ووصف صاحب شركتي "تسلا" و"سبايس إكس" منافسة ترامب في السباق إلى البيت الأبيض كامالا هاريس بأنها مرشحة "اليسار المتطرف". وشكك ترامب في شرعية ترشيح هاريس، في وقت يجد صعوبة في التصدي لموجة الحماسة العارمة التي أثارتها منذ دخولها الحملة. ورأى الرئيس السابق البالغ 78 عاماً أن سحب بايدن ترشيحه لولاية ثانية على خلفية مخاوف حول وضعه الصحي كان "انقلاباً".
هجوم إلكتروني يسبق مقابلة ترامب وماسك
تابع أكثر من مليون مستخدم البث المباشر للمقابلة على المنصّة التي سبق أن أقصي منها ترامب بعدما اجتاح أنصار له مبنى الكابيتول في واشنطن في السادس من يناير/ كانون الثاني 2021. وبدأت المقابلة بعد تأخير لأربعين دقيقة بسبب مشكلات فنية عزاها ماسك إلى هجوم إلكتروني، فتحدث عن "هجوم ضخم لحجب الخدمة" من خلال إغراق خوادم الشركة بهدف تعطيلها. وقال إيلون ماسك عند انطلاق المقابلة أخيراً: "هذا الهجوم الضخم يُظهر أن هناك معارضة كبيرة لمجرد أن يستمع الناس إلى ما يقوله الرئيس ترامب".
وكان هذا الهجوم محرجاً لـ"إكس" ومالكها، وذكّر بالفشل الذي لحق بالمنصة عندما شهدت مشكلات فنية عرقلت بث انطلاق حملة المرشح الجمهوري السابق رون ديسانتيس عبرها.
ومنذ استحواذ إيلون ماسك على منصّة تويتر التي بدّل اسمها إلى "إكس" وإعادة تفعيل حساب ترامب عليها، تواجه انتقادات تأخذ عليها تساهلها حيال التضليل الإعلامي، واتهامات بأنها باتت قناة لليمين الراديكالي. وقبل ساعات من بدء الحديث، وجه مفوّض الشؤون الرقمية في الاتحاد الأوروبي تييري بروتون تحذيراً إلى ماسك في رسالة ذكّره فيها بواجب الاعتدال على الشبكة الاجتماعية وتجنّب "تضخيم المحتوى الخطير".
مجرد حديث بين رفيقين ثريين
تبادل الرجلان الثريان على مدى ساعتين الحديث على غرار رفيقين يدردشان في مقهى، من غير أن يبديا أي تعارض في آرائهما. وسخر ترامب من التغير المناخي، معتبراً أن ارتفاع مستوى المحيطات سيؤدي إلى "المزيد من الأملاك على الشاطئ". غير أن ذلك لم يمنعه من الإشادة بسيارات تسلا الكهربائية "الرائعة" التي ينتجها محاوره. وأيده ماسك الرأي قائلاً: "ليس الوضع وكأن المنزل يشتعل على الفور"، مهنئاً ترامب على "تغريداته الأسطورية".
واغتنم ترامب المقابلة ليشيد بعلاقاته مع القادة المتسلطين أمثال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. وأكد أنه في حال عودته إلى الرئاسة، ستكون الولايات المتحدة أكثر أماناً. وأضاف: "أحد الأمور التي سنقوم بها هو أننا سنبني قبّة حديدية"، في إشارة إلى نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي. وأجابه ماسك: "أعتقد أن الناس لا يدركون حجم مخاطر حرب عالمية ثالثة".
وبدا وكأنه يروج لتوليه منصباً في إدارة مقبلة برئاسة ترامب، شارحاً أنه يود المشاركة في لجنة "تتثبت من أن أموال دافعي الضرائب تُنفق بصورة نزيهة". وأيد ترامب مثل هذا الاحتمال، وهنأ إيلون ماسك على التسريحات الجماعية التي قام بها داخل منصة إكس عندما تسلمها. وأشاد به قائلاً له: "إنك أفضل من يمكنه خفض التكاليف".
وقبل أقل من ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية، ختم ماسك المقابلة محذراً من التحديات المطروحة فيها. وخاطب ترامب: "أعتقد أننا عند منعطف في مصير الحضارة، وأعتقد أن علينا سلوك الطريق الصحيح". وأضاف: "أعتقد أنك الطريق الصحيح".
ادعاءات كاذبة متواصلة
إلى جانب الادعاءات الكاذبة التي كررها ترامب في لقائه مع إيلون ماسك، أنه أعاد مشاركة منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يزعم بأن منافسته الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية كامالا هاريس استخدمت الذكاء الاصطناعي من أجل إضافة حشد من المؤيدين إلى صورة لها خلال تجمع انتخابي في ميشيغان الأسبوع الماضي.
وكتب المرشح الرئاسي الجمهوري في سلسلة منشورات الأحد على منصته تروث سوشال: "هل لاحظ أحدكم أن كامالا مارست الغش في المطار؟ لم يكن هناك أحد في استقبالها عند الطائرة، وقد استخدمت الذكاء الاصطناعي وأظهرت حشداً هائلاً من المؤيدين المزعومين، لكنهم لم يكونوا موجودين". وأضاف في منشور ثانٍ: "لم يكن هناك أحد هناك".
وأظهرت لقطات حية وصور للعديد من وسائل الإعلام، بما في ذلك وكالة فرانس برس، المؤيدين في المطار يندفعون إلى المدرج لاستقبال هاريس وشريكها في بطاقة الترشح الديمقراطية تيم والز. وكتبت الصفحة الرسمية لحملة هاريس على منصة إكس: "هذه صورة حقيقية لحشد من 15 ألف شخص في تجمع هاريس-فالز في ميشيغان". وشاركت الحملة نسخة أصلية من الصورة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" مؤكدة أنه "لم يتم تعديلها بواسطة الذكاء الاصطناعي بأي شكل من الأشكال".
وقام الخبير في جامعة دريكسل، ماثيو ستام، بتحليل الصورة لوكالة فرانس برس وتوصل إلى أن برنامجه المتخصص "لم يجد أي دليل على أنّ الصورة جرى إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي". وتحدث هاني فريد من جامعة كاليفورنيا في بيركلي لوكالة فرانس برس أيضاً أنّ برنامجين مصممين لتقفي آثار الذكاء الاصطناعي لم يكشفا أي دليل على استخدام هذه التقنية في الصورة.
وتداولت حسابات اليمينيين وأصحاب نظرية المؤامرة على وسائل التواصل الاجتماعي هذا الادعاء الزائف قبل أن يصل إلى ترامب الذي أعاد مشاركة منشور للمعلّق المحافظ تشاك كاليستو يركز على عدم وجود انعكاس للحشد على جانب الطائرة. واعتبر خبراء أنّ الحشد ربما لم يكن منعكساً انعكاساً مباشراً بسبب المسافة بينه وبين الطائرة إضافة إلى زاوية الانعكاس.
(فرانس برس، العربي الجديد)