تحديات رقمية تواجه الصحافيين الفلسطينيين

تحديات رقمية تواجه الصحافيين الفلسطينيين

25 ابريل 2024
الصحافية دعاء الباز مع زميلة لها في رفح، 7 مارس 2024 (جهاد الشرافي/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- بدأت حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة في 7 أكتوبر، مما أسفر عن استشهاد 140 صحافيًا واعتقال العشرات، مع استمرار الصحافيين في تغطية الجرائم عبر منصات التواصل الاجتماعي.
- تعاني الصحافة الفلسطينية من تحديات كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي بسبب التعاون بين هذه المنصات والسلطات الإسرائيلية، مما أدى إلى زيادة الانتهاكات الرقمية بحق المحتوى الفلسطيني 14 ضعفًا في 2023.
- يُنصح الصحافيون بتوثيق حساباتهم، تغيير كلمات المرور بانتظام، تطبيق المصادقة الثنائية، واستخدام برامج تشفير البيانات لحماية المعلومات الحساسة وتفادي الانتهاكات الرقمية.

مع بدء حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان الصحافيون والعاملون في المجال الإعلامي في دائرة الاستهداف المباشر، إذ استشهد 140 منهم إلى الآن، وما زال العشرات معتقلين. ومع ذلك، يصر الصحافيون الفلسطينيون على مواصلة تغطية الجرائم الإسرائيلية بحق شعبهم، ويعتمدون بشكل أساسي على منصات التواصل الاجتماعي في ذلك، بعدما دمرت قوات الاحتلال مقار عملهم، واستهدفت البنى التحتية للاتصالات والإنترنت.

لكن المهمة ليست سهلة؛ فرضت منصات التواصل الاجتماعي تحديات جسيمة على الصحافيين الفلسطينيين، عبر تعاونها مع وحدة السايبر في الجيش الإسرائيلي والنيابة العامة الإسرائيلية، وشددت رقابتها على الصفحات والحسابات الإعلامية، من دون استثناء حتى المحادثات الخاصة على "ماسينجر" والمشفرة على "واتساب". وتضاعفت الانتهاكات الرقمية بحق المحتوى الفلسطيني بمقدار 14 ضعفاً خلال عام 2023، مقارنة بالانتهاكات الرقمية الموثقة عام 2022، وتصاعدت حدّة الانتهاكات الرقمية ضد المحتوى الفلسطيني، وممارسة مزيد من الحجب للمنشورات الفلسطينية، والانحياز للاحتلال الإسرائيلي في إبادته للفلسطينيين، وفقاً لما رصده مركز صدى سوشال في تقريره السنوي الذي أصدره في مارس/آذار الماضي.

تأسس مركز صدى سوشال في سبتمبر/ أيلول 2017، لرصد وتوثيق الانتهاكات الرقمية ضد المحتوى الفلسطيني، ويعمل على دعم الحقوق الرقمية الفلسطينية، وينشط في التصدي للمحتوى الزائف والاحتيالي على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.

فما هي أبرز التحديات الرقمية؟ وكيف يمكن مواجهتها؟

القيود على الصفحات الإعلامية وحسابات الصحافيين الفلسطينيين

وفقاً لمركز صدى سوشال، فإن هذه القيود تشمل: تقليل الوصول وإرسال المنشورات إلى الجزء الأسفل من الصفحة الرئيسة، وتصنيف الحساب على أنه حساب مزعج (spam)، وعدم الظهور في قائمة البحث، وفرْض قيود على التفاعل وتوجيه الرسالة، ومنع نشر المنشورات والبث المباشر، ومنع تمويل الإعلانات، وصولاً إلى حذف الصفحة. فرض تغيير منصات التواصل الاجتماعي سياسات المحتوى ومعايير المجتمع مزيداً من القيود على المحتوى والأخبار الفلسطينية، ومن ضمن توثيق "صدى سوشال" للانتهاكات جاءت أكثر من 45% منها بحق الصحافيين والمؤسسات الإعلامية. هذه الانتهاكات انعكست على أدائهم الصحافي، وشعبية وصولهم، واعتبار الصحافة مصدر دخل لهم. فعلى منصة تيك توك، حُجب العديد من الصفحات الإعلامية الفلسطينية، وحُذفت مقاطع فيديو لناشطين، وحُذفت حسابات بشكل كلي، مثل صفحة آمنة خندقجي، وهي الصفحة الفلسطينية الأكثر متابعة في "تيك توك" قبل أن تعيدها، ومقطع فيديو للإعلامية منى حوا. وتابع "صدى سوشال" حملة واسعة من شركة ميتا تجاه شبكة قدس الإخبارية، وهي واحدة من أكبر الشبكات الإخبارية في فلسطين، بأكثر من عشرة ملايين متابع على صفحتيها عبر "فيسبوك" باللغتين العربية والإنكليزية. حذفت الشركة الصفحتين على "فيسبوك"، وحذفت حساب الشبكة باللغة الإنكليزية على "إنستغرام"، وأدخلت رابط قناة الشبكة على "تليغرام" في خوارزميات الحظر، فمنعت إرساله عبر المحادثات الخاصة ونشره في المنشورات والقصص وحذفت كل محاولات الشبكة لإعادة إنشاء صفحات جديدة، ما اضطر شبكة قدس الإخبارية إلى اعتماد قناة تليغرام كمنصة أساسية في العمل خلال تغطيتها لحرب الإبادة.

يمكن تخطي هذه القيود عبر تعريف الحساب على أنه حساب عامل في الصحافة، من خلال التوجه للضبط والإعدادات وتعبئة المعلومات، وتعريف المؤسسة الإعلامية على أنها مؤسسة عاملة في مجال الإعلام وتوثيق عمل الصفحة لدى منصات "ميتا" وتقديم الأوراق الثبوتية اللازمة، والاطلاع على تحديثات معايير المجتمع والخصوصية دورياً، والتناول الحذر للمحتوى الذي يتضمن النساء والأطفال وكذلك المحتوى السياسي مثل أسرى الحرب، والاهتمام بتفاصيل الملكية الفكرية، والتدقيق في الأخبار قبل نشرها.

اختراق الحسابات

تعرض الصحافيون الفلسطينيون لنوعين أساسيين من اختراق الحسابات: انتحال صفة شركة "ميتا" أو إدارة "فيسبوك" أو "إنستغرام" وإرسال رسالة تحذيرية للمستخدمين بأن الحساب مهدّد نتيجة "انتهاك معايير المجتمع" مرفقة برابط للدخول إليه وتأكيد الهوية، وهو الذي يمكّن المخترقين من الدخول إلى الحساب، وهجمات سيبرانية استهدفت مستخدمي "واتساب" في فلسطين، تحثهم على إرسال رموز تأكيد الدخول إلى الهواتف.

ويمكن تفادي الاختراق عبر فصل البريد الإلكتروني المستخدم للحسابات الرقمية عن البريد الإلكتروني المستخدم للعمل أو الأمور الشخصية، والتأكد من تغيير كلمات المرور دورياً للحسابات كلها، وعدم استخدام كلمة مرور واحدة لجميع الحسابات، وتطبيق المصادقة الثنائية على الحسابات، والانتباه إلى أن المنصات لن تتواصل مع المستخدمين عبر الرسائل الخاصة أو المنشورات في قائمة المراجعات لإخبارهم بانتهاكهم معايير المجتمع، بل سترسل إشعاراً ضمن الصفحة والحساب، ويجب عدم الضغط على أي رابط مشبوه.

الاعتقال

تعرض ناشطون وصحافيون للاعتقال من قبل السلطات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية كافة، وكذلك من قبل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وفتشت أجهزتهم المحمولة وحساباتهم الرقمية.

بشكل أساسي وقانوني، يمنع على أي جهة تنفيذية إجبار أي شخص على فتح أجهزته وحساباته من دون مذكرة قانونية من النائب العام بذلك. ويجب حفظ البيانات بشكل غير متصل بالإنترنت، والفضل بين الجهاز المستخدم للعمل وذلك المستخدم للشؤون الشخصية، واستخدام برامج تشفير البيانات والمعلومات، وفي حالة التخزين السحابي، يفضل الاعتماد على البرامج التي تتيح حذف الملفات والبيانات بعد فترة محددة تلقائياً.

انتشار الشائعات والأخبار الزائفة

هذه مشكلة عالمية تبرز في الحروب والصراعات. لذا، يجب التأكد من مصادر المعلومات بدقة قبل نقل أي معلومة أو خبر، ويمكن الاستعانة ببرامج الذكاء الاصطناعي في ذلك، وكذلك برامج البحث العكسي عن الصور ومقاطع الفيديو. كما تتوفر منصات عربية عدة تعمل على التحقق من الأخبار، وأبرزها "مسبار" و"كاشف" و"تيقن" و"تحقق".

تراجع منصات وصعود أخرى

خلال حرب الإبادة الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة، تراجعت قوة منصات مثل "فيسبوك" لمصلحة منصة تليغرام، سواء على صعيد التغطية الإخبارية أو حتى توجهات المستخدمين في استقاء المعلومات.

وفي هذا السياق، شدد مركز صدى سوشال على أهمية الوجود الإعلامي كمؤسسة أو كفرد على المنصات كافة، واستهداف كل الجمهور المحتمل على هذه المنصات، فلكل منصة متابعون تختلف شرائحهم العمرية واهتماماتهم. ويمكن الاطلاع على التحديثات الدورية التي تصدرها المؤسسات المعنية بالواقع الرقمي في فلسطين، مثل "آيبوك"، والتي توضح كيفية عمل كل منصة وتوجه الجمهور الفلسطيني نحوها، للاستفادة منها في صياغة المحتوى الإخباري. ومن الضروري مراعاة سياسات كل منصة، وعدم استخدام نفس المحتوى والصيغة على كل المنصات، فما هو مقبول في "تليغرام" قد يكون محظوراً في سياسات شركة ميتا المالكة لـ"فيسبوك" و"إنستغرام" و"ثريدز" و"واتساب".

المساهمون