بريطانيا توافق على تسليم جوليان أسانج إلى الولايات المتحدة

17 يونيو 2022
من وقفة تضامنية سابقة في لندن رفضاً لتسليم أسانج إلى واشنطن (فيكتور زيمانوفيتش/الأناضول)
+ الخط -

وافقت الحكومة البريطانية على تسليم مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج إلى الولايات المتحدة لمواجهة اتهامات بالتجسس، رغم أنه لا تزال أمام أسانج فرصة للاستئناف. 

وكانت المحكمة العليا قد أحالت ملف ترحيل أسانج وتسليمه إلى واشنطن على وزارة الداخلية في شهر إبريل/نيسان الماضي، لتعطي وزيرة الداخلية بريتي باتيل اليوم الضوء الأخضر لتسليمه.

أوضح الناطق باسم وزارة الداخلية البريطانية، أنه "في هذه القضية لم تجد محاكم المملكة المتحدة أن تسليم أسانج سيكون قمعيا أو ظالما أو يشكل تجاوزا للإجراءات". وأضاف أن المحاكم البريطانية "لم تجد أن تسليمه لن يكون متوافقاً مع حقوقه الإنسانية بما في ذلك حقه في محاكمة عادلة وفي حرية التعبير(...) وأنه أثناء تواجده في الولايات المتحدة سيعامل بشكل لائق بما في ذلك ما يتعلق بصحته".

ويطالب القضاء الأميركي بتسلّم أسانج لمحاكمته، بتهمة نشره اعتبارا من 2010 أكثر من 700 ألف وثيقة سرية عن أنشطة عسكرية ودبلوماسية أميركية لا سيما في العراق وأفغانستان.

وقد يحكم عليه بالسجن لمدة 175 عاما.

وبإمكان مؤسس موقع ويكيليكس الاستئناف مستعيناً بقوانين مرتبطة بالحق في حرية التعبير، ودوافع تسليمه السياسية.

أما موقع ويكيليكس فدان من جهته توقيع وزيرة الداخلية البريطانية قرار تسليم مؤسسه أسانج، معتبراً أنه "يوم مظلم لحرية الصحافة"، وأعلن أنه سيستأنف القرار.

وكتب حساب ويكيليكس على تويتر: "وافقت وزيرة الداخلية البريطانية (بريتي باتيل) على تسليم ناشر ويكيليكس جوليان أسانج إلى الولايات المتحدة، حيث قد يواجه حكما بالسجن لمدة 175 عاما". وأضاف أنه "يوم مظلم للصحافة وللديمقراطية البريطانية وسيتم استئناف القرار".

من جهتها، أكدت المحامية جينيفر روبنسون التي تدافع عن أسانج أنه سيقدم استئنافاً إلى القضاء البريطاني خلال 14 يوما "وإذا لزم الأمر أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان". وأضافت "ما زلنا ندعو إدارة (الرئيس الأميركي جو) بايدن إلى إسقاط هذه القضية بسبب التهديد الخطير الذي تمثله لحرية التعبير في جميع أنحاء العالم وفي الولايات المتحدة، ونواصل دعوة الحكومة الأسترالية إلى التحرك وحماية هذا المواطن الأسترالي وهو في خطر".

كذلك قالت زوجته ستيلا أسانج في بيان الجمعة إن "أي شخص في هذا البلد يهتم بحرية التعبير يجب أن يشعر بالخجل الشديد لأن وزيرة الداخلية وافقت على تسليم جوليان أسانج إلى الولايات المتحدة، الدولة التي تآمرت لاغتياله". وأضافت أن "جوليان لم يرتكب أي خطأ. لم يرتكب أي جريمة وليس مجرماً. إنه صحافي وناشر ويعاقب على قيامه بعمله".

وفي حال سمح بالاستئناف، فقد لا تُعقد جلسة حتى أوائل 2023 كما قالت كيت غولد الشريكة في مكتب المحاماة "بيندمانز" المتخصصة في قضايا تسليم المجرمين، لوكالة برس أسوسييشن. وأضافت أنه إذا رُفض الاستئناف فقد يتم تأخير تسليمه لأسباب صحية إذا كان جوليان أسانج "مريضا جدا وليس في حالة تسمح له بأن يستقل طائرة مثلا".

وقالت إن أسانج "لديه أيضاً إمكانية استئناف قرار التسليم لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان إذا كان ذلك ضرورياً لتجنب ظلم حقيقي". ويمكنه اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وهي إجراءات قد تستغرق سنوات".

كذلك علمت العربي الجديد من مصدر مطلع على التشخيص النفسي الذي خضع له مؤسس موقع ويكيليكس في وقت سابق في سجنه أن فريق الطب النفسي حذّر من تسليمه نظراً للتشخيص الذي توصّل إليه. 

مع صدور قرار وزيرة الداخلية بالموافقة على تسليم أسانج إلى واشنطن، تتواصل الأسئلة وعلامات الاستفهام حول سياسة وزيرة الداخلية، ومعها الحكومة البريطانية، بالتعامل مع اللاجئين، واللاجئين السياسيين، ما يزيد من الانتقادات الموجهة إليها. خصوصاً أن الموافقة على تسليم أسانج تأتي في الأسبوع نفسه الذي أعطت فيه الحكومة الضوء الأخضر لترحيل المهاجرين المتسللين إلى أراضي المملكة المتحدة إلى رواندا، رغم أن الرحلة الأولى لم تقلع.
وتعارض العشرات من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان وحرية الصحافة بما في ذلك منظمة العفو الدولية، واتحاد الحريات المدنية، وهيومن رايتس ووتش، ومراسلون بلا حدود ترحيل أسانج من بريطانيا، على اعتبار أن هذه الخطوة تشكّل تهديداً خطيرًا على حرية الصحافة في الولايات المتحدة وخارجها، وخطراً على حياة أسانج نفسه.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وحالياً يقبع مؤسس موقع ويكيليكس في سجن بيلمارش في لندن، منذ ثلاث سنوات من دون إدانته بأي جريمة. ولا تزال منظمة العفو الدولية ترفض منحه صفة "سجين رأي" رغم اعترافها بأنه كان هدفاً "لمحاكمة ذات دوافع سياسية" من قبل الولايات المتحدة، كما تقرّ بأن أسانج معتقل بشكل تعسفي، وأن مقاضاته تشكل تهديدًا خطيرًا لحرية الصحافة. لكن يبقى مبهماً سبب امتناعها عن منحه وضع سجين الرأي بشكل فوري، وسط شكوك وتساؤلات حول مواجهتها لضغوط أو مخاوف.
من جهتها، نشرت مفوضة مجلس أوروبا لحقوق الإنسان دونجا مياتوفيتش رسالة في 18 مايو/أيار الماضي وجّهتها إلى وزيرة الداخلية البريطانية تطالبها فيها بعدم تسليم أسانج. وسلطت الضوء بشكل خاص على أن لائحة الاتهام التي أصدرتها الولايات المتحدة ضد أسانج أثارت أسئلة مهمة حول حماية أولئك الذين ينشرون معلومات سرية للصالح العام، بما في ذلك المعلومات التي تكشف انتهاكات حقوق الإنسان. وخلصت إلى أن السماح بتسليم أسانج سيكون له تأثير مخيف على حرية وسائل الإعلام. 
وتتشابه حالة أسانج اليوم مع سيناريو الاسكتلندي غاري ماكينون قبل 10 سنوات. واتهم ماكينون الذي كان يعمل في شمال لندن باختراق أجهزة حواسيب عسكرية أميركية، وحواسيب وأنظمة تابعة لوكالة الفضاء "ناسا". إلا أن وزيرة الداخلية البريطانية آنذاك، تيريزا ماي، أوقفت إجراءات تسليمه إلى الولايات المتحدة في اللحظة الأخيرة، لكن يبدو أن باتيل لن تخطو خطوة ماي.

وتتراجع حرية الصحافة في المملكة المتحدة، وفق منظمة مراسلون بلا حدود التي أشارت في تقريرها عن أوضاع حرية الصحافة في العالم إلى أنّ الاقتراحات التشريعية المقلقة والقيود الواسعة على حرية المعلومات والاحتجاز المطول لجوليان أسانج والتهديدات لسلامة الصحافيين في أيرلندا الشمالية أثّرت على سجل حرية الصحافة في المملكة المتحدة. وأضاف التقرير أنّ المناخ السياسي المقلق يستمرّ في التأثير على حرية الصحافة في البلاد، بما في ذلك اقتراح يقضي بإصلاح قوانين الأسرار الرسمية الذي قد يؤدي إلى سجن الصحافيين بتهمة "التجسس".
ويواجه الصحافيون قيوداً مشدّدة في الحصول على معلومات بموجب قانون حرّية المعلومات في المملكة المتحدة. ووجّهت أصابع الاتهام إلى مكتب مجلس الوزراء، لإهدار أموال دافعي الضرائب على وحدة سرّية تساعد في منع توفير أي معلومات لطلبات حرية المعلومات كما تدرج أسماء صحافيين في القائمة السوداء لتمنع طلباتهم المتعلقة بحرية المعلومات. وقد كشفت التحقيقات التي أجراها موقع "الديمقراطية المفتوحة" على الإنترنت كيف ساعدت هذه الوحدة في قمع المعلومات الحساسة حول قضايا هامّة مثل حريق برج غرينفيل وفضيحة الدم الملوث.

المساهمون