بريطانيا: إحياء ذكرى مئتي عام لأقدم مسرح جراحي في أوروبا

31 يناير 2022
كانت العمليات تجرى في ظروف سيئة (العربي الجديد)
+ الخط -

دشّن متحف هيرب وغاريت، في أقدم مبنى من مستشفى سانت توماس القديم وأحد المواقع الثقافية في لندن، عاماً من الأحداث الخاصة والمشاريع الجديدة احتفالاً بمرور مئتي عام على افتتاح أقدم مسرح جراحي باقٍ في أوروبا. ويصادف عام 2022 أيضًا الذكرى الستين لافتتاح المتحف.

ويتضمّن البرنامج، الذي بدأ في شهر يناير/كانون الثاني 2022، فعاليات لجذب الزوار من جميع أنحاء البلاد والعالم، بالإضافة إلى طلاّب المدارس والجامعات، وأبرزها مشروع بحثي يهدف إلى الكشف عن قصص الجراحين والممرضات والطلاب والمرضى، الذين عملوا ودرسوا أو وجدوا أنفسهم على طاولة العمليات في القرن الثامن عشر.

يتم الدخول إلى المتحف من بوابة واسعة في شارع سانت توماس، ثم يأتي درج خشبي لولبي ضيق، تروي جدرانه التسلسل التاريخي لمستشفى سانت توماس بدءاً من عام 1212، حين نُقل إلى الجانب الآخر من بلدة ساوثوورك بعد حريق لندن الكبير الذي دمّر المدينة. 

وكان المستشفى يتسع في عام 1553 لـ284 سريراً. وبين عامي 1693 و1702، بنيت طوابق إضافية لاستقبال أعداد أكثر بكثير من المرضى.

وفي تلك الفترة، أنشئت أيضاً كنيسة سانت توماس، واستخدمت عليتها لتخزين الأعشاب الطبية من عام 1703 ولغاية عام 1822، حين تحوّلت إلى غرفة عمليات للنساء.

وكان ذلك في زمن يجهل استخدام التخدير والمطهرات، وكان طلاب الطب يتزاحمون لمشاهدة بتر الأطراف وغيرها من العمليات، بينما تمدّد المريضة في وسط الغرفة على طاولة عمليات خشبية، ويُغطى وجهها كي لا ترى أعداد دارسي الطب الذين توافدوا للاستفادة ومشاهدة العملية. 

سينما ودراما
التحديثات الحية

تحمّل المرضى وجود هذا العدد من المشاهدين خلال محنتهم، لأنهم وثقوا في أنّهم يتلقون العلاج من بعض أفضل الجراحين في العالم، وكانوا جميعهم من الفقراء الذي يعجزون عن دفع التكاليف. أمّا الأثرياء فكانوا يخضعون للجراحة في المنزل. 

وكانت الجراحة هي الملاذ الأخير لمعظم المرضى، عندما يكون خيارهم الوحيد الموت، بسبب وضعهم الصحي الميؤوس منه، أو الخضوع للجراحة أملاً بالنجاة. لذلك، راح بعض الجراحين يستغلون غرفة العمليات كفرصة لممارسة تقنيات جديدة وصقلها.

وكان خطر الموت يزداد على يد الجراحين بشكل كبير، بسبب عدم فهم أسباب العدوى والتلوث والالتهاب. كما كانت المعاطف القديمة، التي يرتديها الجراحون أثناء العمليات، متّسخة بدماء العديد من المرضى وتفوح منها رائحة كريهة.

وكانت الجراحة تجرى من دون أي مخدّر أو تعقيم على الإطلاق، وباستخدام أدوات تقليدية ملوثة تنتقل من مريض إلى آخر من دون غسلها أو تعقيمها. ونادراً ما كان الجراحون يغسلون أيديهم قبل بدء الجراحة. وفي حال نجاح العملية، كان المرضى يموتون غالباً من الالتهابات نتيجة التلوث.

أمّا وسائل التخدير التي كانت تستخدم فهي الكحول أو الأفيون، وأحياناً كانوا يجمّدون أطراف المرضى أو يضغطون الأعصاب أو يخضعونهم للتنويم المغناطيسي.

في عام 1859، دخلت فلورنس نايتنجيل، المصلحة الاجتماعية والممرضة، مستشفى سانت توماس، وأنشأت في هذا الموقع مدرسة التمريض الشهيرة الخاصة بها.

مع انتقال مستشفى سانت توماس إلى موقع جديد في عام 1862، أُغلقت غرفة العمليات، ولم يتذكرها أحد لما يقرب من 100 عام. بيد أنّه في عام 1956، أعاد اكتشافها عالم الأعضاء والأثريات ريموند راسل أثناء فحص علية الكنيسة. وفي عام 1962، افتتح المتحف بدعم من الجراحين والممارسين الطبيين آنذاك، أي قبل 60 عاماً. 

وأبرز التطورات التي يحملها برنامج المتحف لعام 2022، إعادة إدخال نسخة طبق الأصل من الجناح القديم إلى غرفة العمليات، وإضافة التثبيت الصوتي والمرئي حول باب المدخل، ما يمنح الزائرين اختبار تجربة أقرب إلى الواقع حول كيفية جلب المرضى إلى المكان.

كذلك، تتضمن خطط الذكرى المئوية الثانية بحثاً جديداً حول الجراحين والمرضى والشخصيات الذين كانوا يشغلون غرفة العمليات، ما جعل حياتهم وأصواتهم في مقدمة عروض المتحف، إلى جانب معرض جديد يقوم بجولة في لندن، ومقدمة فيديو جديدة للمتحف وسلسلة من العناصر المستعارة من مجموعة مؤسسة جيز وسانت توماس، فضلاً عن تجربة الواقع المعزز داخل المتحف.

وسيضم برنامج الأحداث الجديد مجموعة من المتحدثين الضيوف لاستكشاف مكان مسرح العمليات القديم في تاريخ صحة المرأة. وتشمل الموضوعات الجراحة وغرفة العمليات الفيكتورية والموضوعات الطبية التي لم تناقش كثيراً آنذاك، مثل التهاب بطانة الرحم وانقطاع الطمث وعلاج ضحايا الاغتصاب من العصر الفيكتوري حتى اليوم وتشريح الجثة الافتراضي.

المساهمون