برامج "التابوهات" في لبنان... الجنس لرفع نسب المشاهدة

20 نوفمبر 2021
عادت رابعة الزيات ببرنامج جديد (فيسبوك)
+ الخط -

بين موسم تلفزيوني وآخر تنشط حركة البرامج الاجتماعية، أو تلك التي تصبُّ في خانات ما يُعرف بـ"المُحرمات" والتي شهدت عصرها الذهبي منتصف التسعينيات.

بداية الألفية الجديدة، شكلت هذه البرامج نواة المحطات التلفزيونية التي كانت تسعى لجذب المشاهد عبر طرق مختصرة. لم تستند هذه البرامج إلى أي أسس علمية، ولا حتى إلى أسس اجتماعية أو قانونية، بل كانت مُجرَّد طرح يعلوه الصراخ داخل الاستديو، وأحيانًا البكاء والسب والشتم. قبل أسبوع، أطلقت محطة "الجديد" اللبنانية، برنامج "فوق 18" للمقدمة رابعة الزيات القادمة من تجارب ضعيفة على الصعيد الفني والاجتماعي بعدما عملت لثلاث سنوات في محطة "لنا" السورية.

تعود الزيّات إلى برامج الحوارات التي تطرح مسائل اجتماعية، وبرأيها أن هذه البرامج أو الطروحات لا تزال تستحوذ على اهتمام المشاهد العربي في عصر تُشكل مواقع التواصل الاجتماعي وفضاءات الإنترنت فيه الهدف الأوحد، أو الوجهة الأساسية للمعرفة. لكن تأتي محاولة المحطة ومقدمة البرنامج كتجربة أخرى اليوم، ربمّا تعود ثمارها في رفع نسبة المشاهدة.

في المقابل يغيب عن المحطة ردود الفعل الشاجبة للبرنامج بعد الحلقة الأولى، والتي تناولت مسألة "الجنس قبل الزواج" وفتحت الباب على ظاهرة لم تمكن مقدمة البرنامج ولا ضيوفها، ومن بينهم "أخصائيون"، من الوصول إلى الهدف أو زيادة في معلومات تفيد المشاهد أو أقله توضح الصورة ولو قليلاً في نهاية المعادلة. محاولات بائسة بين المتحاورين، تفلت دفة إدارة الحوار بين قناعة الأغلبية المحافظة في المجتمع أن مقاربة الموضوعات الجنسية عيب أو حرام، مقابل من يتوجه لهؤلاء بالتخلف والتنظير والوعظ إلى آخر السبحة في مناقشة تبدو عقيمة من الدقائق الأولى للعرض. وبدا واضحاً من فراغ النقاش أن الهدف الأساسي منه هو فقط زيادة نسب المشاهدة وخلق مقاطع يمكن تداولها على مواقع التواصل.

عام 1994 قدم الطبيب اللبناني زياد نجيم برنامج "الشاطر يحكي"، وكان أول من كسر طوق المحرمات على الشاشة الصغيرة، وأثار موجة من الانتقادات تسأل عن السبب من وراء طرح قضايا التعنيف والمثلية الجنسية، والزواج من ديانة مختلفة والطائفية. لكن نجيم الذي رفع سقف الحرية يومها خرج بعد سنوات من اللعبة التلفزيونية وعاد لمزاولة عمله كطبيب.
وكانت تجربة زافين قيوميجيان في تلفزيون لبنان، وبعدها محطة "المستقبل" اللبنانية جيدة في هذا النوع من البرامج، خصوصاً أن زافين كان يغوص بعمق وتحليل مع أخصائيين لمناقشة أو طرح الظاهرة، ويقوم أحيانًا بمساعدة من خلال برنامجه ومتابعة الحالات التي تتطلب التركيز والعناية.

وفي السنوات الأخيرة، حمل مالك مكتبي مسؤولية أو متابعة هذا النمط بطريقة هادئة، أمهلته للصمود حتى اليوم بعد أكثر من عقد على توليه إدارة برنامج "أحمر بالخط العريض"، وكذلك فعل زميله نيشان ديرهارتيونيان عندما دخل المزاد وقدم قبل عامين "أنا هيك". هكذا تحاول بعض المحطات التلفزيونية العمل اليوم، لتبلغ مساحة واسعة من التنميط والاستهلاك، والعودة بالصورة إلى عقدين من الزمن، والقول إن البرنامج يطرح الفكرة ولا يتبنى ردة الفعل حولها.
 

دلالات
المساهمون