قالت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق إنّ الأجهزة الأمنية تقوم بعمليات تضييق شديدة على الصحافيين الأجانب القادمين إلى البلاد، عبر فرض سلسلة إجراءات معقّدة من قبل هيئة الإعلام والاتصالات ومركز العمليات الوطني وقيادة العمليات المشتركة.
ويدخل صحافيون أجانب يعملون لصالح صحف ومواقف ومحطات فضائية أجنبية إلى العراق بشكل رسمي ووفقاً للأصول، بهدف كتابة القصص وإجراء المقابلات مع سياسيين أو قادة أمنيين أو حتى مواطنين، لكنّهم يتعرضون إلى مضايقات أثناء تنقلهم بين المدن العراقية.
وذكرت الجمعية، ويديرها مجموعة من الناشطين والصحافيين في مجالات حرية الرأي والتعبير، في بيان، أنّ "القوات العراقية احتجزت في سيطرة كاسك، قرب سنجار بمحافظة نينوى، كادر قناة بي بي سي، المؤلف من أربعة صحافيين هم جيريمي فرانسيس وماركوس جون وكارا لويز ونيكي روبرت، بحجة عدم امتلاكهم كتاباً من قيادة العمليات المشتركة، على الرغم من حصولهم على إذن من هيئة الإعلام والاتصالات ومركز العمليات الوطني".
كذلك، ذكر البيان أنّ قوة أمنية على "حاجز سيطرة الصقور (يقع عند المدخل الغربي من العاصمة بغداد) منعت طاقماً صحافياً أجنبيا آخراً من الوصول إلى مدينة الفلوجة، بحجة عدم امتلاكهم كتاباً من قيادة العمليات المشتركة أيضاً، فيما قامت سلطات مطار بغداد الدولي بمصادرة إحدى الكاميرات من فريق صحافي روسي يرأسه فلاديمير كوثنكوب، على الرغم من حصوله على موافقة هيئة الإعلام والاتصالات".
وبحسب الجمعية، فإنّ "هيئة الإعلام والاتصالات أضافت مؤخراً تعقيداً جديداً، يقضي بتقديم تعهد من قبل الفريق الأجنبي محمولاً بالختم الرسمي للوسيلة التي يعمل فيها، على الرغم من علم الهيئة بعدم امتلاك معظم الوسائل الأجنبية مكاتب رسمية في بغداد، ما يجعل الإجراء تعجيزياً، فضلاً عن مطالبة الصحافي بتقديم تأشيرة الدخول عند تقديم الطلب للحصول على كتاب الهيئة، مع أن التأشيرات للمواطنين الغربيين تكون فور وصولهم إلى المطار وفق قرار مجلس الوزراء السابق".
وانتقدت الجمعية تدخلات هيئة الإعلام والاتصالات بفرض التنسيق معها على الصحافيين القادمين من الخارج، معتبرةً إياه "خرقاً قانونياً ودستورياً، إذ ليس من مهام الهيئة سوى تنظيم الأطياف الترددية الخاصة بالبث". كذلك، اعتبرت ما يجري "عمليات تضييق ممنهجة من قبل ثلاث جهات، اثنان منها مرتبطتان بشكل مباشر برئيس الوزراء (مركز العمليات الوطني، قيادة العمليات المشتركة)، وأخرى له صلاحية تعيين رئيسها وأعضائها (هيئة الإعلام والاتصالات)، ضد الصحافيين الأجانب"، واصفةً الأمر بأنّه "عملية منع رسمي غير معلن".
ودفع هذا التضييق برابطة الصحافيين الأجانب إلى إصدار بيان، طالب "رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني برفع هذه الإجراءات، والقضاء على الروتين والتشعب بالصلاحيات لحماية حرية العمل الصحافي في البلاد".
من جهته، قال رئيس المرصد العراقي للحريات الصحافية، هادي جلو مرعي، إنّ "ما يحدث مع الصحافيين الأجانب أقل بكثير ممّا يجري مع الصحافيين المحليين داخل العراق، والذين يتعرضون لتضييق كبير من قبل السلطات، وتحديداً السلطات الأمنية، تصل إلى حد الانتهاكات وضربهم في الشوارع ومصادرة كاميراتهم ومعداتهم".
ورأى مرعي في حديثٍ مع "العربي الجديد" أنّ "هدف الصحافة هو نشر المعلومات وإيضاح المواضيع الغامضة وكتابة القصص عن الناس والبلدان، بالتالي فإن معاملة الصحافيين الأجانب بطريقة سيئة يدفعهم إلى كتابة سيناريوهات عن الأوضاع البوليسية في البلاد، وإن الخاسر الأكبر من كل ذلك هي السلطة نفسها".
ولفت إلى أن "الاجتهادات التي يتبناها أحياناً موظفون وعناصر أمن هي التي تفضي إلى المشاكل مع الصحافيين، وأن الصحافي الأجنبي طالما أنه دخل بصفة رسمية إلى البلاد، فإن من حقه التجوال في عموم البلاد والعمل على الملفات التي يريد فتحها".
من جانبه، بيَّن عضو نقابة الصحافيين العراقيين، أيسر اليوسف، أنّ "المخاوف التي تدفع السلطات الأمنية والسياسية والدوائر الحكومية من معاملة الصحافيين الأجانب بقسوة وتضييق، هي نابعة من معلومات خاطئة يغذيها إعلام الأحزاب"، موضحاً لـ"العربي الجديد" إن "الإعلام الحزبي المسيطر في العراق يروج لفكرة أن الصحافيين الأجانب يمارسون أدوارا شريرة تخدم أجندات خارجية".
وأكمل اليوسف، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "نقابة الصحافيين والمنظمات الصحافية لطالما أكدت أهمية احترام حق الحصول على المعلومة سواءً للصحافيين المحليين أو الأجانب"، مشيراً إلى أن "السلطات العراقية تتعامل مع الصحافي بطريقة قاسية، وتعتبره عدواً أو نداً لأن هذه السلطات تجهل القانون العراقي والعمل الصحافي بشكلٍ كامل".