انتصار الشراح... رصيد أربعة عقود

03 اغسطس 2021
من أبرز وجوه الكوميديا النسائية (فيسبوك)
+ الخط -

منذ بداية مسيرتها الفنية، التي انطلقت قبل قرابة أربعة عقود، مثّلت الممثلة الكويتية انتصار الشراح، التي رحلت قبل أيام، أحد أبرز الوجوه الكويتية والخليجية، خصوصاً أنّها شاركت في عشرات من المسلسلات والمسرحيات والسهرات التلفزيونية، وشاركت مع أسماء أخرى بارزة، مثل عبد الحسين عبد الرضا، وحياة الفهد، وسعاد عبد الله، ومريم الغضبان.

بدأت مسيرة الشراح عام 1980، حينما شاركت في مسرحية "باي باي لندن" التي تُعد إحدى أهم المسرحيات الخليجية التي صورت واقع الطبقة الوسطى والغنية في الخليج، بعد الطفرة النفطية. لعبت الشراح في هذه المسرحية دوراً لافتاً كفتاة مراهقة من الطبقة الوسطى، تذهب مع والدتها إلى العاصمة البريطانية لندن للحاق بوالدها (عبد الحسين عبد الرضا) الذي ذهب إليها بغرض الراحة والاستجمام.

وضع هذا الدور الفنانة الشابة، آنذاك، على خريطة الفن الكويتي والخليجي، إذ قامت بالتمثيل في مسلسلات متنوعة في الثمانينيات، منها "خرج ولم يعد" و"الأسوار" و"عاد ولكن" و"المغامرون الثلاثة". لكنّ نجوميتها الحقيقية في الثمانينيات كانت في المسرح؛ إذ قامت بالمشاركة في مسرحيات كوميدية مهمة، أبرزها "أرض وقرض" و"الدكتور صنهات" و"الكرة مدورة" و"لولاكي".

مثلت مرحلة التسعينيات في الكويت، وهي المرحلة التي تلت الغزو العراقي للبلاد، نقلة كبيرة لانتصار الشراح في مسيرتها الفنية؛ إذ أصبحت الفنانة الكوميدية الأولى في الخليج، متفوقة على حياة الفهد وسعاد عبد الله. شاركت الشراح في مسلسل "قاصد خير" عام 1993 أمام الفنان عبد الحسين عبد الرضا، في دور "مرزوقة سيسم" الذي أصبح في ما بعد أيقونة شعبية في الكويت. ثم شاركت في مسلسلات "لن أمشي طريق الأمس"، و"الدعوة عامة"، و"يوميات متقاعد". أما على صعيد المسرح، فقد لعبت دور البطولة في المسرحية السياسية "انتخبوا أم علي" والتي تحكي عن ترشح امرأة كويتية لعضوية البرلمان، وذلك أثناء الصراع السياسي العنيف آنذاك حول السماح للمرأة بالاقتراع والترشح للبرلمان من عدمه في منتصف التسعينيات. كما شاركت في المسرحية السياسية الأخرى "بشت المدير"، التي تطرقت إلى الفساد والبيروقراطية في وزارات الدولة في الكويت في فترة ما بعد الغزو العراقي للبلاد.

وشكلت الشراح ثنائياً كوميدياً مع الفنان الكوميدي داود حسين، إذ لعبا دور البطولة في مسرحية "انتخبوا أم علي" ومسلسلي "بوقلبين" و"الرقص فوق الجمر".

بعد ارتدائها الحجاب عام 2002، بدأ المنتجون بالابتعاد عن الشراح شيئاً فشيئاً. لكنّها عادت بقوة إلى التمثيل بعد ثلاث سنوات من بوابة المنتج والفنان عبد العزيز المسلم، الذي منحها أدواراً كبيرة في مسرحه ومسلسلاته؛ فمثلت في مسرحية الرعب الكوميدية "البيت المسكون" وفي المسلسل التراثي "فريج صويلح"، لتعود إلى الكوميديا عبر مسلسلات أخرى، أبرزها "العقيد شمة" والذي يتحدث عن دخول المرأة إلى السلك العسكري في الكويت.

ولعبت الشراح بعد عام 2010 عدداً من الأدوار في المسلسلات الدرامية، أبرزها المسلسل الجماهيري "بنات الثانوية" و"شر النفوس" و"لا موسيقى في الأحمدي" كما لعبت أدواراً كوميدية في "مسرح البلام" مع الفنان حسن البلام.

تحولت الشخصيات التي لعبتها الشراح طوال سنوات في المسرح والفن الكويتي، مثل "سميرة بنت شارد بن جمعة" في "باي باي لندن" و"مرزوقة سيسم" في "قاصد خير" و"أم علي" في "انتخبوا أم علي" إلى أيقونات فنية وعلامات ثقافية لا يمكن محوها في التاريخ الشعبي للكويت وللخليج العربي. كما ساهمت الممثلة الراحلة بشكل كبير في دخول المرأة إلى مجالات محظورة سابقاً، وهي الكوميديا النسائية، إذ غالباً ما كانت تمثيل الأدوار الكوميدية محصوراً على الرجال فقط.

اقتحمت الشراح المسرح السياسي، الذي ميّز الكويت، في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، بقوة، وكانت أدوارها أحد العوامل المهمة التي ساهمت في الوعي الشعبي لإدخال المرأة إلى المجال السياسي الذي ظل محظوراً عليها حتى عام 2005.

المساهمون