اليوم العالمي لحرية الصحافة: مواقع محجوبة وصحافيون مصريون في السجون

03 مايو 2023
من مكاتب موقع مدى مصر المحجوب منذ عام 2017 (ديفيد ديغنر/ Getty)
+ الخط -

بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة هذا العام، يقبع في السجون المصرية أكثر من 40 صحافياً، ويتواصل حجب معظم المواقع الإخبارية المستقلة. واللافت أن 24 ساعة فقط تفصل هذه المناسبة عن استئناف اجتماعات مجلس الحوار الوطني بين ممثلي السلطة المصرية ومختلف القوى السياسية والمدنية في البلاد، وكان على رأس الضمانات التي طالبت بها القوى السياسية والوطنية والمعارضة إنهاء ملف سجناء الرأي، لكن لم تنفَّذ أي من الضمانات. وتجدر الإشارة إلى أن نقيب الصحافيين السابق ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، اختير منسقاً عامّاً في مجلس الأمناء الخاص بالحوار الوطني، وذلك بعد دعوة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في إبريل/نيسان الماضي، إلى حوار سياسي، وعبر مفاوضات بين الجهة الراعية للحوار متمثلة في مكتب رئيس الجمهورية وقيادة الحركة المدنية الديمقراطية.

ملف الحجب

اليوم لن يستطيع المواطن المصري الولوج لأكثر من 120 موقعاً إخبارياً مستقلاً، منذ انتهجت السلطات المصرية سياسة الحجب قبل نحو 6 سنوات، عدا موقع درب الذي رفعت السلطات قرار حجبه قبل أيام من انطلاق الحوار الوطني مع القوى السياسية والمدنية، لأن نقيب الصحافيين ورئيس تحريره، خالد البلشي، يشارك في الحوار. 
وكانت السلطات المصرية حجبت موقع صحيفة العربي الجديد في ديسمبر/كانون الأول 2015، ولا يزال محجوباً هناك. كما حاولت حجب بعض مواقع التواصل الاجتماعي، طبقاً لتقرير صدر في الأول من مايو/أيار الحالي عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير. التقرير حمل عنوان "انتهاكات تطغى على وعود الإصلاح"، ولفت إلى أن الحكومات تواجه صعوبة في حجب أو منع تطبيقات التواصل الاجتماعي المختلفة، لارتباط تلك التطبيقات بشبكات الاقتصاد والأعمال العالمية، وبالتالي تصبح تكلفة حجبها بشكل كامل، مرتفعة جداً، اقتصاديّاً وسياسيّاً على الحكومات، لكن السلطات المصرية انتهجت في السنوات الأخيرة مجموعة من الإجراءات، تشمل قوانين وتشريعات وممارسات، تقوم بها الحكومة ضد فئات واسعة من مستخدمي تطبيقات التواصل، وتسعى إلى تقييد مساحة التعبير التي تتيحها هذه التطبيقات للمستخدمين، وتقليل دور تلك التطبيقات في التأثير على السياسة وصناعة القرار في الدولة، والحد من تداول المعلومات خارج إطار الرواية الرسمية للدولة، لتصبح الدولة بأجهزتها المختلفة هي المصدر الرئيسي والوحيد لكل ما يدور في البلاد من أحداث.

اليوم لن يستطيع المواطن المصري الولوج لأكثر من 120 موقعاً إخبارياً مستقلاً

وأصدرت السلطات المصرية، على مدار السنوات الماضية، تشريعات من شأنها تقييد استخدام الإنترنت والتحكم فيه، التي يمثلها قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 الذي يفرض عقوبة الحبس والغرامات المالية على جرائم أخلاقية نسبية، منها "الاعتداء على قيم الأسرة المصرية وخدش الحياء العام".
كما أعطى قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018، الجهات القضائية والأمنية والمجلس الأعلى للإعلام، صلاحية حجب المواقع والحسابات التي يزيد عدد متابعيها على 5 آلاف متابع، لاعتبارات أمنية تمس الأمن القومي، أو في حالات نشر أخبار كاذبة، أو ازدراء الأديان والعقائد السماوية.
ورصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير 101 حالة انتهاك للحقوق الرقمية عام 2022، في زيادة بأكثر من 44 في المائة عن 2021، ما يعني مزيدا من القيود على حق الأفراد في التعبير واستخدام الفضاء الإلكتروني، وتكثيفا متصاعدا ومستمرا للإجراءات والممارسات التي تقوم بها السلطة والتي تهدف إلى محاصرة صناعة المحتوى وتبادل المعلومات في الفضاء الإلكتروني، وفقاً لتقرير المؤسسة.
وأشار التقرير إلى أن "الانتهاكات الأمنية وحجب المواقع تعد أكثر الانتهاكات شيوعاً في ما يخص الحقوق الرقمية في 2022"، إذ رُصدت 76 حالة قبض، أي 76 في المائة من إجمالي الحالات التي رُصدت هذا العام. 
جميع وسائل الإعلام المصرية تقريباً تعمل تحت الأوامر في مصر، حيث تخضع للسيطرة المباشرة إما من الحكومة أو المخابرات أو من بعض رجال الأعمال النافذين الذين يستثمرون في الإعلام خدمة لمصالح دوائر السلطة. وفي المقابل، تُحظر وسائل الإعلام التي ترفض الخضوع لسياسة الرقابة، كما كان الحال بالنسبة لموقع مدى مصر الإخباري المستقل، حيث لا يزال محجوباً منذ عام 2017.

ملف سجناء الرأي

مصر واحدة من أبرز دول العالم التي تجعل من الصحافة عملاً خطيراً، إذ لا تزال والمملكة العربية السعودية من بين البلدان العشرة التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين في العالم؛ يقبع في السجون المصرية 21 صحافياً، و11 صحافياً في السعودية، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن لجنة حماية الصحافيين، في 30 إبريل/نيسان الماضي. أفاد تقرير اللجنة بأن السجن طاول الصحافيين أكثر من أي وقت مضى بسبب قيامهم بعملهم العام الماضي، حين سجن نحو 363 صحافياً العام الماضي، وهو عدد قياسي جديد في العالم تجاوز العدد القياسي الذي وصل إليه السنة الماضية بنسبة 20 في المائة.
وخلال عام 2022، وثقت مؤسسة حرية الفكر والتعبير القبض على ما لا يقل عن 14 صحافيّاً في مصر. كما وثق المرصد العربي لحرية الإعلام استمرار حبس نحو 45 صحافياً نقابياً وغير نقابي حتى مارس الماضي.
كما رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير ما لا يقل عن 63 انتهاكاً تعرَّض لها المجتمع الصحافي والإعلامي خلال 47 واقعة مختلفة عام 2022، كانت على رأسها حالات القبض على الصحافيين أو مصادر صحافية، ووصل عددها إلى 23 حالة، بينها 9 حالات على الأقل لأشخاص كتبت عنهم الصحافة. وتليها القرارات والإجراءات القضائية الصادرة ضد الصحافيين بواقع ثماني حالات، في اثنتين منها حكم على صحافيين بالسجن في قضايا تتعلق بالنشر، رغم منع المادة 71 من الدستور توقيع أي عقوبة سالبة للحرية في "الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر والعلانية".

يقبع في السجون المصرية 21 صحافي

لم تتوقف الملاحقات الأمنية للصحافيين عند حد القبض والحبس لسنوات احتياطيّاً على ذمة قضايا نشر فقط، بل وصلت إلى حد إصدار أحكام قضائية مشددة على بعضهم، ففي 28 يونيو/ حزيران 2022 حكمت محكمة جنايات القاهرة، الدائرة الأولى إرهاب، على الصحافية علياء نصر الدين حسن عواض بالسجن 15 عاماً، في اتهامها في القضية رقم 4459 لسنة 2014 جنايات حلوان والمقيدة برقم 321 لسنة 2014 كلي جنوب القاهرة، والمعروفة إعلامياً باسم "كتائب حلوان"، فقد اتهمت بالانضمام إلى جماعة إرهابية والترويج لأغراضها، وإذاعة ونشر مقطع الفيديو المصور الخاص بـ"كتائب حلوان". كما قضت محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ بحبس المذيع في قناة الجزيرة مباشر مصر، أحمد طه القاضي، غيابيّاً، بالسجن المشدد 15 عاماً، في اتهامه بنشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح القومية في القضية رقم 1059 لسنة 2021 جنايات أمن الدولة طوارئ التجمع الخامس، والمقيدة برقم 707 لسنة 2021 كلي القاهرة الجديدة، والمتهم فيها رئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح، ونائبه محمد القصاص.
وتظل مصر في المساحة السوداء، حيث حالة الإعلام تنتقل من سيئ إلى أسوأ في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود، فقد تراجعت من المرتبة 166 في نسخة عامي 2020 و2021 على التوالي إلى المرتبة 168 عام 2022، بتراجع درجتين إضافيتين. 
 

المساهمون