أخيراً، عُرض الفيلم الروائي "فرحة"، للمخرجة دارين ج. سلّام، ضمن برنامج "النكبة في السينما" (تنظمه مؤسسة فيلم لاب - فلسطين بالشراكة مع بلدية رام الله). "فرحة" مستلهم من قصة حقيقية لفتاة تحمل اسم رضيّة، كانت تعرّفت إليها وإلى حكايتها، والدة المخرجة في سورية.
العمل الذي أثار احتجاجات إسرائيلية عند عرضه على منصة نتفليكس يحكي قصة فتاة فلسطينية في سن الرابعة عشرة، تتعرّض قريتها لهجوم من قوات صهيونية. وخشية على حياتها، يخفيها والدها في غرفة المونة (مخزن الطعام) الذي تشهد من خلال فتحة في بابه عملية إعدام عائلة فلسطينية مكوّنة من أب وأم وبنتين صغيرتين، بينما يترك طفل مولود حديثاً وحده على الأرض حتى يموت.
دارين سلّام، وفي أكثر من مناسبة، لفتت إلى أن قصة فيلمها تستند إلى أحداث حقيقية، ولا تمثّل سوى "نقطة في بحر" من معاناة الفلسطينيين في عام 1948، مؤكدة أنها أرادت صنع عمل إنساني تروي فيه "قصة فتاة تحوّل حلمها من التعليم إلى النجاة بحياتها، حكاية هي أشبه بالفرحة التي سُرقت من الشعب الفلسطيني".
بدورها، قدمت الفنانة الشابة كرم طاهر أداءً لافتاً عند تجسيدها لشخصيّة فرحة، في حين لا يمكن تجاهل الدور المتميز للفنان أشرف برهوم (الأب)، والحضور اللافت رغم قلة المشاهد للفنان الفلسطيني علي سليمان في دور الصهر (الجاسوس).
كان هدف المخرجة "فتح عيون العالم على هذا الحدث المفصلي بالمنطقة العربية والعالم كله، وأن أقول إن هذه الأرض لم تكن أرضاً بلا شعب، إنما كانت أرضاً لشعب لديه حياة وأحلام وطموح وتاريخ".
وتمّ تصوير الفيلم في بلدتي عجلون والفحيص جنوب وشمال الأردن، للشبه بين منازلهما ومنازل القرية الفلسطينية حيث تدور قصة الفيلم.
بدوره، لفت حنا عطا الله، مؤسس "فيلم لاب - فلسطين"، ومدير مهرجان "أيام فلسطين السينمائية" الدولي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن اختيار الأفلام الروائية الفلسطينية والعربية، جاء لكونها تعالج موضوع النكبة من زوايا مختلفة، وهي "الزمن الباقي" للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان، و"فرحة" للمخرجة الأردنية دارين سلّام، و"باب الشمس: الرحيل" للمخرج المصري يسري نصر الله، عن نص للروائي اللبناني إلياس خوري، فيما يختتم البرنامج بفيلم "عائد إلى حيفا" للمخرج العراقي قاسم حول، وهو روائي من إنتاج الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1982، عن الرواية الشهيرة التي تحمل الاسم ذاته للكاتب الفلسطيني غسّان كنفاني.
يشير عطا الله إلى أن حضور النكبة في السينما الفلسطينية والعربية لا يرقى لمستوى الحدث نفسه، وإن كان هناك إيحاءات في عديد الأفلام حولها، خاصة في السينما الروائية التي هي محور برنامج "النكبة في السينما"، ويتواصل حتى الأسبوع الأول من الشهر المقبل، فالأفلام الأربعة تتناول النكبة كحدث، وليس ما قبل أو ما بعد الحدث.
وكان البرنامج، الذي يعرٍض مساء كلّ ثلاثاء فيلماً في قاعة المسرح البلدية لدار بلدية رام الله، انطلق بعرض "الزمن الباقي".
يبدأ الفيلم من عام 1948، من خلال شخصية فؤاد (صالح بكري)، فيما يقع اختيار المخرج الفلسطيني على شخصية رجل مسلح جاء من العراق، يبدو تائهاً لكنه يمشي في الشارع بحركات عسكرية وبعدة القتال. يسأله فؤاد وصديقان يجلسان في المقهى عن طريقه، فيجيب إنه ذاهب إلى طبريا للقتال، وعندما يجيبونه بأنها تحررت، يطلب طريق حيفا، في إشارة إلى شكل المشاركة العربية في حرب فلسطين.
في عام 2009، وعند عرض الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي، وصف سليمان فيلمه بـ"سيرة شخصية لعائلته معالجة سينمائياً".