النقد في "دفاتر السينما" مُجدّداً: ارتباكٌ مُنتَظَر

16 يونيو 2021
مشاهدو "غراند ريكس" في باريس (19/ 5/ 2021): نبضُ حياةً (جيوفري فان دِرْ هاسِّل
+ الخط -

 

فرنسيون كثيرون يفرحون بعودة النبض إلى صالات السينما في مدنهم. يُستشفّ فرحهم هذا من أشكالٍ مختلفة للتعبير. حشودهم في الصالات دليلٌ. استعادتهم تقاليد المُشاهدة، وما يحيط بها من لقاءات في مقاهٍ ومطاعم وملاهٍ، دليلٌ آخر. الصحافة تكشف شيئاً من الفرح أيضاً. المجلات السينمائية تقول بعضاً منه، فأعدادها الشهرية الجديدة صادرة في يونيو/ حزيران 2021، وإتمام بعضها حاصلٌ عشية موعد افتتاح الصالات (19 مايو/ أيار 2021). مجلات، كـ"دفاتر السينما"، تُغيِّر قليلاً من سيرتها المعروفة قبل كورونا، ومتطلّباته وشروطه المفروضة على النتاج السينمائي، إنتاجاً وتوزيعاً ومُشاهدة. التغيير غير جديد، إذْ يستعيد مساراً مهنيّاً للمجلة، ولمجلات أخرى. الصالات مفتوحة. المشاهدون يتوافدون بأعدادٍ كبيرة إليها. المواكبة ـ الصحافية والسينمائية والنقدية والتحليلية ـ أساسية في المشهد برمّته.

35 صفحة تنشرها "دفاتر السينما" في عددها الأخير (777، يونيو/ حزيران 2021). يكتب ماركوس أوزال، رئيس تحريرها، أنّ هذا العدد جاهزٌ للطباعة في اليوم التالي لافتتاح الصالات. العدد نفسه يُشبه احتفالاً بعودة النبض السينمائي المعتاد إلى المجلّة أيضاً، لا إلى الصالات فقط. الجزء الخاص بالوسائط الأخرى للمُشاهدة باقٍ وضروري، فمنصّات مختلفة وعديدة مستمرة في رفد السينما بإنتاجاتٍ وعروضٍ، وفي منح المُشاهدين نوعاً آخر من المُشاهدة. الإصدارات (أسطوانات وكتب)، تمتلك حيّزها، وهذا غير ممسوس.

 

 

يكتب أوزال: "بالنسبة إلى دفتر النقد، بالمعنى الدقيق للكلمة، نحن سعداء للغاية بتمكّننا من إعادة ملئه مُجدّداً بأفلام ستُشَاهَد على شاشة كبيرة". يُضيف أنّ هذا حاصلٌ بطريقة مختلفة، فالدفتر المذكور "يُغطّي أكثر من ثلث العدد". بأسلوب مفعم بأملٍ وفرحٍ كبيرين، يُكمِل أوزال الاحتفاء بحدثٍ (افتتاح الصالات)، يواجِه استثناءً غير مسبوق في تاريخ السينما (إغلاق الصالات أشهراً طويلة ولفترات عدّة): "لتكن الصفحات اللاحقة (على افتتاحيته) احتفالاً بارتباكٍ، جعلته هذه الأشهر الأخيرة، فعلياً، أمراً نادراً وثميناً: ارتباك الاختيار، الذي أصبح مُمكناً، مرّة أخرى".

ارتباكٌ ينبثق من تورّط ثقافي وفكري بالكتابة عن أفلامٍ تطرح تساؤلات، وعن قضايا تُثيرها أحوالٌ واشتغالات، وعن صُور يصنعها محترفون وكبار، إلى جانب مبتدئين يخطون أولى خطواتهم، وفيها شيءٌ من سحرٍ وجمالٍ. ارتباكٌ يُشبه ارتباك سينمائيين يُنجزون أفلاماً، تواجه عالماً مضطرباً وقلِقاً ومُثقلاً بأسئلة معلّقة وإجابات غير شافية. ارتباكٌ يُريد أنْ يكون النقدُ مساحةَ حوار، وأنْ يكون الناقد صوتاً يُضاف إلى فيلمٍ، بتساؤلاته وسجالاته وتأمّلاته.

بهذا، تعود "دفاتر السينما"، وغيرها من المجلات المتخصّصة في فرنسا، إلى عهدٍ سابق على كورونا، بحثاً في مفاصل صنيعٍ فني، يحمل في عمقه معرفةٍ، تجعل مُكتسِبَها يطرح أسئلة، ويُثير نقاشات.

المساهمون