"النار بالنار": علاقة اللبنانيين بالسوريين من وجهة نظر الدراما الحقيقية

23 ابريل 2023
ناقش "النار بالنار" معضلة معقدة (تويتر)
+ الخط -

بعد "القربان" الذي لم يحظَ بالاهتمام والرواج، و"أولاد آدم" الذي مثّل انطلاقة مهمة له، عاد رامي كوسا ليقدم واحداً من أفضل الأعمال في الموسم الرمضاني للعام الحالي تحت عنوان "النار بالنار"

ويمكن وصف "النار بالنار" تحت إطار الدراما المشتركة، السورية-اللبنانية، غير أنه يمثل إصرار كوسا على تقديم العلاقة المعقدة بين السوريين واللبنانيين، أو بين لبنان وسورية، التي أصابها ما أصابها جراء التدخل العسكري والأمني للنظام السوري في لبنان خلال الحرب الأهلية وما تبعها. 

وإن كان كوسا مرّ على هذه المسألة في "أولاد آدم" مرور الكرام من دون الغوص بالتفاصيل؛ فإن "النار بالنار" لم يُصنع إلا لمناقشة هذه المعضلة المعقدة، من مبدأ طرح وجهات النظر، وتبسيط الأسباب وردها إلى مسببها. 

بالتأكيد إن شخصية المرابي "عمران" التي أداها بكل إتقان الممثل السوري عابد فهد، لم يكن المراد منها إظهار جشع شخص نفعي يستفيد من مشاكل الآخرين ولديه ولع بالاستحواذ على الأموال بأي طريقة، مشروعة وغير مشروعة؛ فكان واضحاً ما مثلته شخصية "عمران" مما هو نفعي ومستفيد أمام كل من الشعبين اللبناني والسوري. ربما أراد رامي كوسا بتلك الشخصية السلطة في البلدين، أي كل طرف لا يهمه إلا الخروج رابحاً مهما كانت ظروف الأطراف الأخرى.

على جانبي شخصية "عمران" كانت "مريم" التي أدت شخصيتها كاريس بشار بحرفية، والتي فرت من بلادها بعد اختطاف زوجها إلى لبنان لتؤمن لها مفوضية الأمم هجرة إلى أوروبا، كانت تمثل سورية، أو بالأحرى المأساة السورية بكل ما فيها، فيما كان "عزيز" الذي مثله جورج خباز باقتدار يمثل الحالة اللبنانية الرافضة للسوريين مبررةً ذلك بأسباب عدة لا علاقة للسوريين، كشعب، أو لاجئين فيها إطلاقاً. 

سينما ودراما
التحديثات الحية

وحول القصة، دارت الشخصيات والخطوط ببراعة، لتذهب نحو تبسيط مادة يمكن اعتبارها توجيهية لكل من الشارعين اللبناني والسوري، حول أُس مشكلتهم أو مشاكلهم المتعددة، وإن كانت الإشارات الصريحة غائبة حول المسبب لهجرة ومأساة "مريم" وخط أو تغييب والد عزيز، فإن ضمنيتها أدت الغرض لفهم السياق، في الوقت الذي كان "عمران" المرابي غير آبه بمأساة أو معاناة أي منهما في ظل انشغاله بجمع المال، وإن أظهر جانباً إنسانياً في شخصيته، وذلك ذكاء من الكاتب لعكس الفطرة البشرية. 

ولا شك أن الحي الذي جمع سوريين ولبنانيين في منطقة من مناطق العاصمة اللبنانية بيروت، لم يكن يختلف من حيث الشكل والمضمون عن حيين في كل من سورية ولبنان بما فيهما من تراجع وفقر ومشاكل، وهذا ما يشير إلى طبقة وسطى باتت بفعل فاعل أقرب إلى الفقر، وربما تحت هذا الخط، وهذا الحي اختاره كوسا، بعيداً عن أماكن عيش الأقلية من أصحاب الأموال في كلا البلدين، الذين غالباً ما يكونون في السلطة أو إلى جانبها أو منتفعين منها.

في النهاية، يمكن القول إن "النار بالنار" يمكن فهمه في سياق ما لو كان "الماء بالماء"، فلا السوري له مصلحة في كره وأذية جاره، ولا اللبناني كذلك، النيران كانت بين المتنفذين والمنتفعين، الذين غالباً ما يقفون في مكان السلطة أو إلى جانبها، وهم أبعد ما يكونون عن عذابات البسطاء.

المساهمون