يحضر الممثل اللبناني جان قسيس حالياً في مسلسل "الثمن"، مقدماً دور طبيب متخصص في علاج سرطان الأطفال. عمل معرب عن التركي "ألف ليلة وليلة"، يقوم ببطولته إلى جانب باسل خياط، ورزان جمال، ونيقولا معوض، وآخرين، من إخراج التركي فكرت قاضي.
يقول جان قسيس لـ"العربي الجديد" إن المسلسل يطرح حكاية امرأة تتعرض للاستغلال العاطفي والجنسي، من أجل تحقيق ذكورية رجل يظن نفسه مرجعاً فلسفياً لأفكار النساء، باعتبار كل واحدة منهن امرأة سيئة السمعة. يضيف قسيس: "هناك أكثر من محور متشابك في المسلسل، يسير مع القصة الرئيسية، مثل الخيانات الزوجية والنظر الدونية للنساء، والحلقات التي لم تعرض بعد من العمل ستكشف أسراراً وأحداثاً".
قسيس الذي شارك سابقاً في مسلسل آخر معرب عن التركية، هو "ع الحلوة والمرة"، يشير إلى أنه لا يعرف سبباً محدداً وراء الإقبال حالياً على تعريب الأعمال التركية، نافياً أن يكون قلة نصوص الأعمال الطويلة. ويؤكد: "سبق للدراما اللبنانية أن قدمت عملين دراميين طويلين، أولهما مسلسل العاصفة تهب مرتين (1994)، ووصل إلى 176 حلقة، من تأليف الكاتب شكري فاخوري، وبعدها مسلسل سقف العاصفة (250 حلقة)، وهما من إنتاج تلفزيون لبنان، في الوقت الذي كان فيه فؤاد نعيم رئيساً لمجلس الإدارة".
ولا يرى قسيس مانعاً من تقديم أعمال درامية عربية أصلية أم معربة، في معرض إجابته عن سؤال حول جماهيرية الأعمال المعربة بسبب جرأتها، متسائلاً: "إلى متى سنبقى نقدم أعمالاً محكومة بالتزمت الذي أصاب الفن العربي في السنوات الأخيرة؟ وإلى متى سنسمح لأنفسنا بمشاهدة القبل في الأفلام السينمائية ونرفضها في الدراما؟ أنا مع الجرأة بشرط أن تخدم النص والفكرة، وألا تقدم بصورة مبتذلة، وأن تكون مدروسة بإطار العمل الدرامي والروائي، وعندما يتم توظيف المشهد الجريء أو الكلمة أو الشتيمة بشكل صحيح، ستخدم سياق الأحداث". وضرب قسيس المثل بالجرأة التي قدمها الفنان زياد الرحباني في مسرحيته "بالنسبة لبكرة شو؟": "في المسرحية مشهد يتلفظ زياد الرحباني به بشتيمة، وهو مناسب لسياق الأحداث، حتى تشعر كمشاهد إن لم يتلفظ بها، ستشتمه أنت".
شغل قسيس منصب نقيب الممثلين اللبنانيين لثمانية أعوام متتالية، وحصل أخيراً على شهادة دكتواره عن رسالة عنوانها "فلسفة القناع المسرحي"، حول القناع المسرحي الإغريقي والصيني والياباني، وينوي نشرها في كتاب.
يعلق على تراجع الحضور المسرحي العربي بالقول: "لم يصل المسرح العربي إلى مرحلة يبني فيها لنفسه منصة عالية وثابتة، وما زال يتأرجح بين الأعمال الجيدة ودون المستوى. بات عرضة لتناقضات متراكمة وفقاً للتحركات السياسية والاجتماعية والإنسانية، ويحتاج حتى يحلق عالياً بمحتواه إلى استقرار اقتصادي وسياسي وأمني. نحن في العالم العربي لدينا مشاكل لا تنتهي تؤثر على جودة المسرح".
ويرفض القول إن المسرح فقد القدرة على تقديم المتعة للجمهور، مشيراً إلى أن عصر العولمة التهم كل شيء، موضحاً: "المسرح ابن الدهشة، وعندما تخفت الدهشة يخفت المسرح، ولا يجب النظر إلى الأزمة السياسية والاقتصادية كشماعة لتعليق خيبة المسرح عليها، لأن المحتوى الذي يعبر عن الناس سينتشر مهما كانت الظروف، فالناس تبحث دائماً عما ينفس عنهم ويحكي وجعهم".
وحول تأثير الفنان اللبناني على ما يشهده بلده من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وإنسانية، يقول: "لا أحد يصدق فعلياً كذبة تأثير الفنان إعلامياً، لأننا نعيش جواً سياسياً فنياً سوداوياً، فالعصابات التي تحكم عندنا اليوم تستطيع أن تسيطر بشكل كامل على إرادة الناس، بدليل أن التحرك الشعبي لثورة 17 تشرين 2019، قوبلت بالقمع والقوة ونتج عنها ضحايا، ولم نتمكن من فعل أي شيء؛ فتصريحاتنا كفنانين لم تسمن ولم تغنِ من جوع، لأننا بكل بساطة ضحية ظروف دولية وإقليمية متشابكة".
ومع ذلك، يرفض قسيس اتخاذ المسار الذي سلكه بعض الفنانين اللبنانيين، بنقل إقامتهم إلى بلدان أخرى. ويعلق قائلاً: "أرفض نهائياً فكرة الهروب من لبنان، مع تقديري الكامل لكل الدول التي تستقبل اللبنانيين وتمنحهم امتيازت كثيرة، لكنني لا أتخلى عن مواطنتي وهويتي مطلقاً. لا أمانع السفر لكل الدول لكي أعرض لهم فني وثقافتي وإبداعي، لكن سيبقى لبنان وطني الذي أنطلق منه إلى العالم".
ينشغل قسيس حالياً بتصوير مشاهده في مسلسل "بيرلا" المقرر عرضه في الموسم الدرامي الرمضاني المقبل، من إنتاج شركة مروى غروب، ويجمعه بماريتا الحلاني، وجو صادر، ولمى لاوند، وروز الخولي، وطارق قنيش وآخرين. المسلسل من تأليف لبنى مرواني وإخراج أحمد حمدي.