الملكة إليزابيث في الثقافة الشعبية: من البيتلز إلى "نتفليكس"

09 سبتمبر 2022
نالت هيلين ميرين جائزة أوسكار عن دور الملكة في "ذا كراون" (دومينيك ليبسكي/ Getty)
+ الخط -

كانت الملكة البريطانية إليزابيث الثانية مولودةً جديدة، عندما حصلت على أوّل إهداء كتابي لها، من مؤلف "ويني ذا بوه" أي أي ميلني، ولم تكن قد تجاوزت الثالثة عندما ظهرت على غلاف مجلة نيوزويك الشهيرة في عام 1929، بحسب مجلة فانيتي فير.

منذ ذلك الحين، وحتّى وفاتها، يوم أمس الخميس، في 8 سبتمبر/ أيلول، عن 96 عاماً، صارت ملكة بريطانيا واحدةً من أشهر الشخصيات في العالم، وأيقونة يعرفها الناس من مختلف الأجيال على امتداد الكوكب.

ترافقت سنوات إليزابيث على العرش مع التطوّر الهائل الذي عرفته الوسائط الحديثة، مثل التلفزيون، وما تبع ذلك من اهتمام متزايدٍ بالمشاهير عموماً، وبأفراد العائلة المالكة خصوصاً. نتيجةً لذلك، ظهرت الملكة بشكل دائمٍ في الثقافة الشعبية وتكرّرت الإشارة إليها في السينما والتلفزيون والموسيقى أكثر ربّما من أيّ شخصٍ آخر في العالم.

بعد وفاتها، نستعرض أبرز المحطات التي ظهرت فيها الملكة الراحلة في الثقافة الشعبية، بحسب مجلة "فانيتي فير".  

  • 1969: تحية من البيتلز

أدرجت فرقة البيتلز أغنيةً من 26 ثانية بعنوان "هِر ماجستي" (جلالتها) في ألبوم "آبي رود". آنذاك صرّح مؤلّف الأغنية بول مكارتني، لأحد الصحافيين، أنّه كتب "اللحن القصير" في اسكتلندا كمزحةٍ في الأساس..

تقول الأغنية: "جلالتها فتاة جميلة / لكن ليس لديها الكثير لتقوله / صاحبة الجلالة فتاة جميلة / لكنها تتغيّر من يوم لآخر / أريد أن أخبرها أنني أحبها كثيراً / لكن يجب أن يمتلئ كرشي بالنبيذ / صاحبة الجلالة فتاة جميلة / يوماً ما سأجعلها مُلكي".

على الرغم من نبرة السخرية التي تغلّف اللحن، لكن عاد مكارتني في عام 2015 ليقول في مقابلة مع مجلة إسكواير إنّه كان منجذباً للملكة في سنّ أصغر. أضاف: "عندما كنا صغاراً كانت امرأة جميلة... كانت أعمارنا تقارب 11 عاماً، فيما كانت تبلغ من العمر 21 عاماً وتتمتع بمظهر جيد".

في عام 2002، أدّى مكارتني أغنيته في حدائق قصر باكنغهام، خلال الاحتفال باليوبيل الذهبي لوصول الملكة إلى العرش.

لم يكن ذلك الظهور الوحيد للملكة في أعمال البيتلز، إذ تمّت الإشارة إليها في أغنيات مثل "بيني لاين" و"فور يو بلو" و"مين مستر مسترد".

  • 1969: فشل إعلامي ذريع

سعت العائلة المالكة لاكتساب مودّة الجمهور عبر اقتحام عالم الثقافة الشعبية من دون نجاح.

في عام 1969، أصدرت العائلة فيلماً وثائقياً يعرض لقطات لهم وهم يقومون بحفلة شواء، ويتناولون الشاي، ويقضون الوقت سوياً. لكنّ الفيلم جاء بنتائج عكسية ـ حيث هاجم النقاد امتيازات العائلة المالكة وانعدام حساسيتهم، إلى حدٍّ اضطرت معه الملكة إلى حظر الوثائقي بعد مرّة واحدة على عرضه.

وبعد خمسين عاماً، وتحديداً في عام 2019، تطرّق مسلسل "ذا كراون" إلى هذه الحادثة في إحدى حلقات موسمه الثالث.

  • 1977: "حفظ الله الملكة"

تحوّلت أغنية فرقة سكس بيستولز المثيرة للجدل "غود سايف ذا كوين" (حفظ الله الملكة)، الصادرة في عام 1977، إلى أغنية مبغضي إليزابيث الثانية.

نفى أعضاء الفرقة مراراً أن تكون الأغنية قد كتبت حول إليزابيث بالتحديد، لكنّ غلاف الألبوم والعرض الذي قدّمته الفرقة على مركبٍ يحمل اسم الملكة آنذاك، أضعف من حججهم.

في البداية ظهر وجه الملكة على الألبوم وقد تمّت تغطية عينيها وفمها باسم الفرقة وباسم الأغنية "غود سايف ذا كوين".

ثمّ قام مدير الفرقة، مالكولم ماكلارين، بعرضٍ استفزازي للصحافة، حيث استأجر قارباً يحمل اسم الملكة لخوض رحلةٍ عبر نهر التايمز قبل يومين من أن تنطلق الملكة برحلة مماثلة. شرب أعضاء الفرقة الكحول على متن القارب، وغنّوا خلال عبورهم بالقرب من مجلس النواب أغنية "أناركي إن ذا يو كاي"، والتي كانت دعوة للأناركية في المملكة المتّحدة. وفي النهاية، قرّرت الشرطة إنهاء الأمر، وحاصرت قواربها أعضاء الفرقة، وأجبرتهم على إنهاء حفلتهم المتنقّلة.

لاحقاً في ذلك العام، حظرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الأغنية تماماً، ووصفت كلمات مثل "حفظ الله الملكة / هي ليست بشراً" بأنّها استعراض لـ"ذوقٍ غايةٍ في السوء".

مع ذلك أصرّ العضو في الفرقة جون ليدون، والمعروف باسمه الفني جوني روتن، أنّه لا يملك موقفاً من الملكة إليزابيث شخصياً، وتمنّى ألّا يتم استخدام النشيد بشكل غير لائق عند وفاتها. في عام 2017، اعتبر ليدون أنّ الأغنية "تتعلق بالوضع السياسي القائم، والمطالبة بطاعة نظام ملكي لا أؤمن به. لكنّها إنسان وسأفتقدها كإنسان عاش على كوكب الأرض".

  • 1984: دمية ساخرة

امتدّ هذا الموقف الحاد من الملكية إلى الشاشة الصغيرة عبر برنامج دمى ساخر، يحمل اسم "سبيتينغ إيمج" (صورة طبق الأصل)، اشتهر في ثمانينيات القرن الماضي بنقده اللاذع للطبقة السياسية والمشاهير، وكذلك العائلة المالكة.

لم تكن أسرة إليزابيث الهدف الوحيد للبرنامج، إذ سخر القائمون عليه من شخصيات مثل مارغريت تاتشر ورونالد ريغان وكثيرين غيرهم. مع ذلك فإنّ الموقف الفظّ للبرنامج من أفراد العائلة المالكة، ولا سيّما الملكة، كان مؤشراً على تغيّر ثقافي في النظرة إلى النظام الملكي.

على الرغم من توقّفه في عام 1996، إلّا أنّ البرنامج أعيد إحياؤه أواخر عام 2020، لتظهر فيه دمى شخصياتٍ جديدة من بينها حفيد إليزابيث، الأمير هاري، وزوجته ميغان ماركل.

  • 1985: لوحة لوارهول

قال الفنان الشهير آندي وارهول يوماً: "أريد أن أكون مشهوراً مثل ملكة إنكلترا". وفي عام 1985، وجّه الرسام والمصمّم الأميركي تحيّة إلى إليزابيث الثانية عبر 4 أعمال تظهر فيها، وتستند إلى صورة بورتريه شهيرة لها التقطها المصوّر بيتر غروغون، وأصدرت في اليوبيل الفضي لتولّيها الحكم.

وفي عام 2012، اشترت الملكة أعمال وارهول الأربعة وضمّتها إلى المجموعة الملكية، وعرضتها لاحقاً خلال معرض في قلعة وندسور.

(أولي سكارف/ Getty)
  • 1988: على خشبة المسرح

قدّم المخرج آلان بينيت على خشبة المسرح في عام 1988، مسرحية بعنوان "إيه كويستشن أوف أتريبيوشن"، حول خيانة المستشار أنتوني بلانت للملكة، وعمله جاسوساً للاتحاد السوفييتي قبل انكشاف أمره.

في عام 1992، حوّلت المسرحية إلى مسلسل قصير حاز عدّة جوائز بافتا.

  • 1992: الملكة مواطنةٌ عادية؟

ما الذي ستفعله الملكة إذا أُجبرت فجأة على العيش كأيّ مواطن بريطاني عادي من الطبقات الدنيا؟ هذا ما تخيّلته الكاتبة سو تاونسند في روايتها الشهيرة "الملكة وأنا".

تدور الأحداث في عالمٍ متخيّل، يطرد فيه الحزب الحاكم آل وندسور من قصر باكنغهام، ويطلب منهم أن يشمّروا عن سواعدهم لتأمين لقمة عيشهم.

تنجح الكاتبة في خلق عالم غريب ومضحك، تضطر فيه الملكة، الغارقة في العمل، للسكن في أحد بيوت الطبقة العاملة، ويتوجّب عليها تعلّم وضع ميزانية للمعاش التقاعدي الحكومي. بينما يطيل ابنها الأمير تشارلز شعره على شكل ذيل حصان ويتم إرساله في وقتٍ لاحقٍ إلى السجن.

  • 2002: الرقص مع جورج مايكل

لم ترقص الملكة في الواقع مع الموسيقي جورج مايكل، ولكن في فيديو كرتوني لأغنية تحمل اسم "شوت ذا دوغ"، حيث تظهر الملكة وهي ترقص مع المغنّي البريطاني على شرفات قصر باكنغهام. وكان مايكل قد كتب الأغنية كنوعٍ من الاحتجاج على الحروب الأميركية مطلع القرن الحالي، وانتقاداً للرئيس الأميركي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير.

وكانت الملكة قد سبق أن التقت مايكل في عام 1985، إذ إنّها كانت من كبار معجبيه وفقاً لمذكرات مدير أعمال مايكل السابق، برايان موريسون، الذي كتب أنّ "الملكة قضت وقتاً طويلاً في الاستماع إلى قصصهم". بدوره، أكّد مايكل لقاءه بالملكة للصحافيين، واصفاً إياها بـ"اللطيفة جدّاً والصغيرة".

  • 2003: جوني إنغلش ينقذ العرش

قدّم الممثل البريطاني روان أتكينسون، المعروف بشخصية مستر بين، في عام 2003 فيلمه "جوني إنغلش"، والذي تدور أحداثه في أجواء كوميدية.

تسرق مجوهرات التاج الملكي البريطاني، ويقتل أهمّ عملاء جهاز المخابرات البريطانية، من قبل رجل يؤمن بأحقيته بالعرش بدلاً من الملكة. عندها تطلب المساعدة من جوني إنغليش، أحد أفشل رجال المخابرات، بإيقاف محاولة السيطرة على الملك، وإنقاذ عرش إليزابيث.

وكان أتكينسون قد سخر مراراً من أفراد العائلة المالكة في أعماله التلفزيونية والسينمائية. ففي سكتش من عام 1990، يلتقي مستر بين بوالدة الملكة. لكنّ الممثل البريطاني عبّر في أكثر من مناسبة عن حبّه للعائلة المالكة، وأنّ منبع نكاته هو "التقدير لهم"، واصفاً إياهم بأنّهم "مصدر للإلهام وللكوميديا​​".

  • 2006: بداية عصر بيتر مورغان للتكريم

كتب بيتر مورغان سيناريو فيلمه "ذا كراون"، وهو يتخيل ما يجري خلف أبواب باكنغهام المغلقة، لينفّذه المخرج ستيفن فريزر في عام 2006، بمشاركة الممثلة البريطانية هيلين ميرين بدور الملكة إليزابيث. دمج الفيلم، الذي منح ميرين جائزة أوسكار أفضل ممثلة وتقدير الملكة، بين الحقيقة والخيال ليرسم صورةً عن كيفية تعامل إليزابيث الثانية مع الموت المأساوي للأميرة ديانا في عام 1997.

على الرغم من أنّ شعبية الملكية تراجعت إثر وفاة ديانا، ووصف الجمهور تفاعل الملكة مع الحادثة بالبارد، إلّا أنّ الفيلم تمكّن من إثارة التعاطف معها من جديد.

  • 2012: مغامرة مع جيمس بوند

حقّقت الملكة نجاحاً أكبر في الثقافة الشعبية ​​في عام 2012، عندما تعاونت مع المخرج داني بويل والممثل دانيال كريغ، في إعلان دعائي فكاهي مستوحى من سلسلة جيمس بوند الشهيرة، بهدف الترويج لحفل افتتاح أولمبياد 2012 في لندن.

في الإعلان، يصل بوند (دانيال كريغ) إلى قصر باكنغهام لاصطحاب الملكة، ويرافقها على متن طائرة مروحية إلى الاستاد الذي يحتضن حفل الاحتفال، قبل أن ننتقل إلى لقطات حقيقية تظهر فيها وهي تدخل إلى موقع الاحتفال، برفقة الأمير فيليب.

  • 2016: إلى "نتفليكس"

قدّمت منصة نتفليكس، أحد أكثر الأعمال دقّة حول النظام الملكي وعالم العائلة الحاكمة خلف الأبواب المغلقة، في مسلسل "ذا كراون".

كلّف إنتاج الموسمين الأولين من العمل الذي ألّفه بيتر مورغان، ما قيمته 130 مليون دولار، واستعين فيه بمؤرخين وخبراء في الإتيكيت لضمان الدقّة والواقعية.

سينما ودراما
التحديثات الحية

ولعبت النجمة البريطانية كلير فوي دور الملكة إليزابيث الثانية بإتقان، وفازت بجائزتي إيمي في عامي 2018 و2021.

اليوم، ينتظر الجمهور الواسع للمسلسل خامس أجزائه، والمتوقّع صدوره في وقتٍ لاحقٍ من هذا العام.

  • 2018: الصف الأوّل في أسبوع الموضة بلندن

ظهرت الملكة لأوّل مرة في أسبوع الموضة في لندن، عام 2018، حيث جلست جنباً إلى جنب مع مديرة تحرير مجلة فوغ، آنا وينتور، في الصف الأول في آخر أيّام الاحتفال.

(يوي موك/ Getty)

وقدّمت الملكة جائزة تحمل اسمها ومخصّصة للمصممين البريطانيين، للمصمّم ريتشارد كوين. وفي وقت لاحق، قال كوين للصحافة إنّ "الملكة أبدت اهتماماً حقيقياً وعبرت عن استمتاعها بالعرض".

المساهمون