المغرب: غضب من مسلسل "كاينة ظروف" بسبب وفاة متبرعة بالأعضاء

18 ابريل 2023
طمأن الأخصائيون إلى أن التبرع سريع وآمن (يوتيوب)
+ الخط -

أثار مسلسل "كاينة ظروف" الذي تعرضه القناة المغربية الأولى خلال شهر رمضان 2023 غضباً واسعاً بعدما اختار القائمون عليه موت الشخصية التي بادرت إلى التبرع بكليتها. وحذّر الغاضبون من أن مثل هذا المشهد قد يتسبب في عزوفٍ عن التبرع في الوقت الذي صارت فيه العملية آمنة وسريعة.  

وفي مشاهد المسلسل تظهر الشابة "زهور" وهي تعاني من مضاعفات صحية نتيجة تبرعها بكليتها لأخيها، ما تسبب في وفاتها. 

وتسببت فكرة وفاة شخص بعد مبادرته إلى التبرع بالأعضاء في غضب واسع بين الأخصائيين والمتتبعين، الذين اعتبروا تمرير هذه الفكرة خطراً على مستقبل التبرع بالأعضاء، لأنه يمرر معلومة خاطئة ويخيف المتبرعين في المستقبل بالرغم من أن العملية آمنة. 

وحرص الأخصائيون خلال الضجة على طمأنة الناس بأن التبرع بالأعضاء خطوة آمنة صحياً، لأن الأخصائيين لا يجرون عملية النقل إلا من أشخاص أصحاء أصلاً، وهم يغادرون المستشفى في يوم واحد إلى ثلاثة أيام، ويتمتعون بصحة جيدة حالياً ومستقبلاً. 

ما الذي أغضب المغاربة من "كاينة ظروف" بالضبط؟ 

كتب الصحافي أنس عياش: "لا أدري أيّ شيطان ركب كاتبة مسلسل "كاينة ظروف" كي تدمر بمشهد كهذا جهوداً يبذلها كثيرون على مدار العام لإشاعة ثقافة التبرع بالأعضاء! مشهدٌ صادم في مسلسل أحيا كثيراً من معاني التضامن والإنسانية، ثم نَسَفها سريعاً بضربةٍ قُبيل النهاية". 

أستاذ طب الكلي، طارق الصقلي الحسيني، كتب "كم خاب ظني وظن من حاورتهم حين اختار الساهرون على المسلسل أن يكون الموت مصير المتبرعة. لقد جانبوا الصواب بهذا الاختيار الدرامي، وضاع بذلك أملنا أن يكون لهذا "العمل الفني" دور تحسيسي إيجابي يساهم في نشر ثقافة التبرع بالأعضاء لدى المغاربة".

وتابع: "أتأسف لوضع الإنتاج الإعلامي المغربي الذي ينقل رسائل سلبية مغلوطة ويغفل عن رسائل إيجابية ومبادئ إنسانية مهمة. فالإنتاج الإعلامي ليس مجرد ترفيه أو إثارة أو تسلية، بل هو أداة قوية لتشكيل الرأي العام والثقافة الشعبية وتوجيههما نحو الإيجابية والتقدم. لكن هيهات!". 

ووجه الأخصائي سهام غضبه نحو كل من المخرج والمؤلفة على حد سواء، قائلاً عبر "فيسبوك": "كفانا عبثاً! يجب أن يتحمل المخرج إدريس الروخ والمؤلفة بشرى مالك وغيرهم مسؤوليتهم في إنتاج محتوى إعلامي يعزز القيم المجتمعية الإيجابية ويساهم في نشر الوعي والتوعية حول قضايا مهمة، مثل التبرع بالأعضاء. يتعين عليهم توجيه رسائل إيجابية للجمهور وتشجيعه على المشاركة في العمل الخيري وبث روح المواطنة بدل نشر السلبية في عقول المواطنين".

وأصرّ على أنه "لا يشفع هنا حسن النية، فالضرر المترتب عن هذا المسلسل واقع لا محالة، وأول المتضررين هم المرضى الذين يأملون في غذ أفضل لن يكون ممكناً إن لم تتطور ثقافة التبرع بالأعضاء في بلادنا".

بدورها، صرّحت رئيسة الجمعية المغربية لمحاربة أمراض الكلي، أمال بورقية، لموقع "لالة بلس" بأن المسلسل مرّر مغالطات عدة، و"هذا خطير ونحن لا نقبل ضربنا لهذه الدرجة. لأنهم يضربون المغاربة بهذه الرسائل غير الدقيقة".

وأوضحت أن "أصعب شيء هو الحديث عن موضوع طبي من دون مصادر طبية لنمرّر المغالطات للمتلقي. هل هدفنا تخويفهم من التبرع؟ خصوصاً عائلاتهم؟ هل الهدف ترك المرضى المحتاجين من دون مساعدة؟ أم الهدف هو ضرب عمل كافحنا من أجله لسنوات عدة في هذا المجال؟".

ودوّن أستاذ أمراض الكلي، محمد بنغانم الغربي: "كم خاب ظننا في هذا الشهر الكريم لقيام مسؤولي مسلسل "كاينة ظروف" بتضليل وتخويف الرأي العام وتعريض مرضى عديدين لفقدان فرص حيوية للعلاج".

وتابع: "نتمنى من الوكالة المسؤولة عن القطاع التلفزي أن تقوم بواجبها وأن تقوم إدارة التلفزة الوطنية بإعادة النظر في استعمال المال العام. فلا يُقبل العبث بمصلحة المرضى ومصلحة المجتمع ومصلحة الوطن".

هذا رد مؤلفة "كاينة ظروف" على جدل "زهور"

ردّت مؤلفة "كاينة ظروف"، بشرى مالك، على الضجة حول مشهد موت المتبرعة بقولها إنها كانت واعية به أثناء الكتابة، وأنها لم تقل إن الشابة ماتت بسبب التبرع بل بسبب إهمالها لنفسها. 

وقالت مالك في حديث لموقع العمق المغربي "لقد كنت واعية بهذه المسألة أثناء الكتابة. ولهذا لم أقتل زهور في المستشفى، إذ ما قتلها هو إهمالها لصحتها"، "أخ زهور كان يشجعها باستمرار على الذهاب إلى الطبيب لكنها كانت ترفض وتقول إنها ستنتنظر حتى موعد الزيارة العادية". 

وتابعت "أردت أن أقول للناس لا تهمل صحتك. الحرارة والإرهاق علامتان لمشكل صحي وليست مجرد أعراض عابرة تزول بالنوم، وأن العقارات وأرصدة البنوك لا تساوي الصحة". 

ونَأَت مالك بنفسها عن تهمة تخويف الناس من التبرع بالأعضاء، مقدمة أمثلة مثل الوفاة أثناء الولادة وحوادث السير، قائلةً إنهما لا يخوفان الناس من الإنجاب أو الحصول على رخصة سياقة.

الأخصائيون: التبرع بالأعضاء آمن جداً

حرص الحسيني في تدوينته على التأكيد على أن "التبرع بالكلية بين الأقارب الأحياء يتم في احترام تام لشروط صارمة تضمن أولاً وقبل كل شيء سلامة المتبرع الذي يستأنف حياته العادية أياماً قليلة بعد التبرع. كما أن نسبة نجاح عملية زرع الكلية لدى المتلقي تفوق 90 في المائة. المعطيات الطبية والإحصاءات متوفرة بسهولة إلا لمن فضل التغاضي عنها".

من جانبها، أكدت بورقية أن "الشيء المهم الذي يجب أن نعرفه هو أن المتبرع الحي لا يمكنه أن يتبرع إلا إذا كان في صحة جيدة، وكانت عنده نتائج تحاليل جيدة، وليس عنده أي مشكلة حالياً أو في المستقبل".

وتابعت مطمئنةً إلى تطور طب التبرع بالأعضاء: "نجري الآن تحاليل جد مهمة ودقيقة مع التطور الطبي والعلمي ونعرف حتى المشكلة التي يمكن أن تقع عند المريض حالياً ومستقبلاً"، "حتى الألم الذي كان يتبع التبرع لم يعد موجوداً بسبب التطور الطبي". 

وأضافت أن "استخدام الروبوت جعل المتبرع قادراً على الخروج من المستشفى في ظرف 24 ساعة، وكذلك الإنسان المستفيد من التبرع يمكنه الخروج بعد ثلاثة أيام".

وأكّدت بورقية أن دراسات بيّنت أن "الناس يكونون بصحة جيدة ولا تظهر فيهم أي مشاكل في الكلي ويكونون من أحسن الناس صحةً في المجتمع، لأن الإنسان الذي نختاره قبل التبرع نكون متأكدين من صحته".

المساهمون