المحتوى الفلسطيني ضحية أخرى للعدوان الإسرائيلي

21 يناير 2024
في رفح (فرانس برس)
+ الخط -

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يواجه المحتوى الفلسطيني عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، أزمة وصول ومطاردة وملاحقة بسبب القيود التي فرضتها غالبية هذه المنصات على كل ما له علاقة بفلسطين.
ووثقت مئات الانتهاكات الرقمية التي تعرض لها المحتوى الفلسطيني بسبب إما الحذف أو الحجب أو الحظر وحذف الحسابات نهائيا، ما انعكس بالسلب على نقل الرواية الفلسطينية في ظل تغلغل الرواية الإسرائيلية عبر منصات التواصل الاجتماعي أو الوسائل الإعلامية الدولية.
ولم تعد الانتهاكات التي تمس بالمحتوى الرقمي الفلسطيني تقتصر على منصات ميتا فقط أي "فيسبوك" أو "إنستغرام" بل باتت تطاول غالبية المنصات مثل منصة إكس (تويتر سابقاً) ومنصة تيك توك وغيرها، وهو ما يجعل التغطية الرقمية عبر هذه المنصات صعبة.
وإلى جانب ما سبق فإن منصات كثيرة ترتبط باتفاقيات تعاون مع الاحتلال الإسرائيلي تشمل حجب المحتوى الرقمي وحذف بعض الحسابات والتحريض عليها ومنعها من التغطية الإعلامية، علاوة على ذلك فإن الكثير من الناشطين الفلسطينيين فقدوا حساباتهم لمجرد نقل القصص من الميدان في غزة.
في هذا الإطار، يقول الناشط والصحافي الفلسطيني أحمد حجازي إن الحرب الإسرائيلية الحالية المتواصلة للشهر الرابع على التوالي شهدت تعزيزاً في القيود الرقمية الخاصة بالمحتوى الفلسطيني الذي ينقل التفاصيل اليومية المتعلقة بالحرب على غزة.
ويضيف حجازي لـ" العربي الجديد" أنه تعرض للحجب على منصات عدة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة يوم السابع من أكتوبر لأسباب متعددة، لكن في أغلبها تتمحور حول نشر المحتوى الخاص بالأحداث اليومية في القطاع على هذه الحسابات.
ويشير إلى أنه فقد قرابة 5 حسابات عبر منصات متعددة، تمكّن من استرجاع بعضها، لكن حسابات أخرى بقيت محجوبة نهائياً، كما أن محتوى وصول منشوراته إلى الجمهور انخفضت بشكل كبير، حاله حال أغلب المدونين والمغردين عن العدوان أو عن عملية طوفان الأقصى.
ويرى حجازي أن حجم انحياز منصات التواصل الاجتماعي لصالح الاحتلال واضح للغاية في الأوقات العادية ويرتفع بشكل أكبر خلال الفترات التي تشهد مواجهات وحروب، من خلال تقييد الوصول وخفض مستواه والتحذير المتواصل بالحجب أو الحذف لأبسط منشور، أو فيديو أو أي شكل من أشكال المحتوى الفلسطيني الرقمي.

استهداف المحتوى الفلسطيني

من جانبه، يقول مدير تحرير شبكة قدس الإخبارية باللغة الإنكليزية محمد أبو ناصر إن إدارات منصات التواصل الاجتماعي، وعلى وجه الخصوص "ميتا" و"تيك توك" كثفت من ملاحقة المحتوى الفلسطيني، "فمن جهة تحظر (ميتا) العديد من الحسابات والصفحات الفلسطينية التي تعمل على فضح جرائم الاحتلال الاسرائيلي خلال الابادة الجماعية الحاصلة في قطاع غزة والاجتياحات المتواصلة لمدن وقرى الضفة الغربية، ومن جهة أخرى تقيد ميتا وتيك توك وإكس حسابات وصفحات فلسطينية".
ويضيف أبو ناصر لـ "العربي الجديد" أن "منصة ميتا حذفت صفحات شبكة قدس الإخبارية العربية والإنكليزية على منصة فيسبوك التي تتعدى 10 مليون متابع وأيضاً حساب شبكة قدس الإخبارية - الإنكليزية على منصة إنستغرام  من دون إبداء أسباب".
ويشير إلى أن هذه المنصات تساهم في انتشار المحتوى العنصري الإسرائيلي وتحديداً محتوى جنود الاحتلال المتوغلين في قطاع غزة والذي يظهر بشاعة وحجم الجرائم التي يرتكبها الجنود بينما يدمرون البنية التحتية للقطاع ويفجرون أحياء بأكملها ويعتقلون الفلسطينيين بطرق حرمها القانون الدولي.

انتهاكات بالآلاف

من جانبها، تقول المنسقة الإعلامية لمركز صدى سوشال نداء بسومي إن المركز رصدوا أكثر من 17 ألف انتهاك للمحتوى الفلسطيني على المنصات الرقمية، وقد كان أبرزها على منصات  شركة ميتا ومنصة تيك توك، علاوة على حذف منصة ساوند كلاود عشرات المواد الإعلامية وبودكاست أنتجتها المؤسسات الصحافية الفلسطينية بشكلٍ أصيل، ما يهدد الأرشيف الرقمي الفلسطيني.
وتوضح بسومي لـ "العربي الجديد" أن  أكثر من 55 في المائة من الانتهاكات كانت من نصيب الصحافيين والمؤسسات الإعلامية، وقد تترجم ذلك بشكلٍ واضح في توجه المؤسسات إلى منصات أخرى غير ميتا وتيك توك، مثل منصة تليغرام بشكلٍ أساسي، وبشكلٍ أقل منصة إكس.

وبحسب المنسقة الإعلامية لمركز صدى سوشال فإن تقرير مجلس إشراف "ميتا" أشار إلى أن منصتي فيسبوك وإنستغرام حذفت مواد ومقاطع فيديو متعلقة بالاعتداء الإسرائيلي على مستشفى الشفاء، فيما تناول تقرير عن هيومن رايتس ووتش، أن ميتا أساءت استخدام "معايير المجتمع" لديها، وحذفت مواد ذات قيم إخبارية متعلقة بالعدوان الإسرائيلي على غزة، تحت غطاء معايير الأفراد الخطيرين والمنظمات الخطرة، والمحتوى العنيف، وغيرها.

التحريض بالعبرية

وفق بسومي فإن منصات التواصل الاجتماعي لا تنفذ ذات القدر من الرقابة الذي تنفذه على المحتوى العربي الفلسطيني على المحتوى العبري والتحريضي ضد الفلسطينيين، وقد بدا ذلك واضحًا وجليًا في رصد صدى سوشال أكثر من 30 ألف محتوى تحريضي باللغة العبرية ولغاتٍ أخرى، دون أن تتخذ منصات التواصل إجراءات لحذفها.
من جهته رصد مركز "حملة" مع نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي أكثر من 2.5 مليون حالة من الخطاب العنيف باللغة العبرية ضد الفلسطينيين على "إكس"، وهو رقم يعزوه إلى حقيقة أن المنصة ليس لديها مشرفون على المحتوى ناطقون بالعبرية. 

المساهمون