المحاكمة الرابعة: النقاط الأضعف في النظام القضائي الأميركي

21 ديسمبر 2020
شون إليس عند إطلاق سراحه المشروط عام 2015 (كرايغ إف والكر/ Getty)
+ الخط -

في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، أطلقت شبكة "نتفليكس" مسلسلاً وثائقًيا بعنوان "المحاكمة 4" (Trial 4)، من إخراج ريمي بوركل Remy Burkel، موزّعًا على 8 حلقات. يتناول المسلسل قصّة الأميركي المنحدر من أصول أفريقية، شون أليس Sean K.Ellis، المراهق الذي تمّ اعتقاله في عام 1993 بتهمة جريمة قتل، تبيّن لاحقًا أنّه لم يرتكبها. 

اعتقل أليس بعدما قال بالصدفة إنّه كان في نفس المكان الذي قتِل فيه الشرطي من ولاية بوسطن، المحقق جون موليغان، داخل سيّارته بخمس رصاصات على وجهه في 26 سبتمبر/ أيلول عام 1993. كان أليس مراهقًا عندما تمّ توجيه التهم إليه. الشاب المتردد الخجول الخائف، والذي لا يستطيع الكلام بشكل متواصل بسبب مشكلة في النطق والتأتأة كان يعاني منها، وجد نفسه داخل محكمة ضخمة يواجه فيها دائرة شرطة بوسطن بكلّ طاقتها وقوّتها. وبعد أنْ فشلت أول محكمتين في ربط خيوط الأدلة مع بعضها البعض، بسبب غياب الأدلة الدامغة التي تشير إلى تورّط أليس، دين أخيرًا في المحاكمة الثالثة في عام 1995. 

الفريق الذي كان مسؤولاً عن التحقيق في قضيّة أليس، وهم رجالٌ بيضٌ كانوا يعملون محققين في شرطة بوسطن، دينوا لاحقًا بجرائم فساد منظمة، وشبكة تعاون مع تجّار المخدرات. إذْ كان هؤلاء المحققون يقومون بتزوير مذكّرات مداهمة واعتقال من أجل أن يدخلوا إلى البيوت ويسرقوا كلّ شيء فيها. كما أنَّ القائمين على قضيّة أليس وهم ضباط الشرطة الثلاثة كينيث أسيرا وجون برازيل ووالتر روبينسون كانوا يقومون بمصادرة المخدرات من الناس الذين يقومون بتوقيفهم، ثم بيعها مرّة أخرى إلى شبكات متعددة، إضافة إلى نهب البيوت أثناء المداهمات والفساد الإداري وممارسة الجنس مع القاصرات وتزوير الشهود والأدلة. طُرِد الرجال الثلاثة من دائرة الشرطة وتعرّضوا للسجن بتهم مختلفة عام 1997، ولكنَّ أليس كان قابعاً في السجن بعد اتهامه بجريمة أشرف عليها نفس هؤلاء الضباط الفاسدين. 

المحامية روسماري سكابيشيو Rosemary Scapicchi، اطلعت على قضيّة أليس واكتشفت كمية كبيرة من الثغرات في جمع الأدلة أمام هيئة المحلّفين. أظهرت سكابيشيو أنَّ الشهود الذين جلبتهم هيئة التحقيق ضد أليس مشكوك بأمرهم، إذْ إنَّ الشاهدة الأساسية التي ادّعت أنها رأت أليس وهو قريب من سيارة موليغان، هي قريبة والتر روبينسون، كما تحققت المحامية البارعة من أنّ الشاهدة تعرّضت للضغط والابتزاز المالي من أجل تغيير شهادتها. إذْ تظهر الفيديوهات أنها لم تتعرف على أليس عندما عرضوا عليها المتهمين كي تميّز صورة المتهم أول مرّة، ولكنْ روبينسون أعادها إلى السيارة وطلب منها أن تشير إلى صورة أليس. 

الشاب الأسود الضعيف، الذي كبر في حيّ فقير وضمن أسرة تعاني فيها الأم من إدمان المخدرات، وجد نفسه وحيدًا أمام كلّ جبروت الشرطة. أخيرًا في المحاكمة الرابعة التي جرت في عام 2015 تم إطلاق سراح أليس بعد 22 عامًا في السجن بكفالة مالية، بعدما أثبتت المحامية تورّط الضحية موليغان نفسه في عمليات فساد واسعة قامت شرطة بوسطن بإخفاء كلّ الوثائق بخصوصها. 

"المحاكمة رقم 4" وثائقي يظهر تراكب النقاط الأضعف في النظام القضائي الأميركي مع الخاصرة الأضعف في المجتمع الأميركي... أي المواطنين السود.

المساهمون