الكسكسي سيّد موائد التونسيين في ليلة النصف من رمضان
إيمان الحامدي
يشترك التونسيون في طبق موحد في ليلة النصف من رمضان التي يحتفل بها التونسيون بنحو مميز عن باقي أيام الشهر الكريم، حيث يكون طبق الكسكسي سيد الموائد لدى كل الأسر بمختلف طبقاتها الاجتماعية.
وللتونسيين في ليلة النصف من رمضان عادات خاصة يجتهدون لإحيائها رغم الظروف الاجتماعية والصحية الصعبة. تبدأ الاستعدادات لإفطار ليلة النصف في وقت مبكر من يوم 14 من شهر الصيام باقتناء مستلزمات طبق الكسكسي من لحم الضأن والحمص والزبيب وبعض الحلوى للزينة.
واستعداداً لليلة النصف، تتأهب الأسواق بمعروض وافر للحم الضأن الذي حُرمَ إياه جزء من التونسيين بسبب الغلاء، وأيضاً اللبن الذي يُعَدّ مكملاً أساسياً لطبق الكسكسي، إلى جانب البخور والعطورات التي تستعمل في هذه الليلة.
وكسكسي "ليلة النص" كما يسميها التونسيون، أقرب إلى الكسكسي الذي يُعَدّ في ولائم الأفراح ويُطبَخ بعناية خاصة، اعتماداً على وصفات الجدات القديمة، مع إضافات تحترم خصوصية كل منطقة.
ويُطهى عادة بلحم الضأن، مع الحرص على أن تكون قطع اللحم كبيرة، ويزين بالحمص والزبيب والبيض المسلوق أو بعض قطع السكر أو الحلوى الملونة كدلالة على الفرح.
ويقول المؤرخ عبد الستار عمامو، إن لليلة النصف من رمضان طقوسها الخاصة في تونس، وهي طقوس لإشاعة الفرح والتآزر بين مختلف فئات المجتمع، مفسراً تقاسم الأسر لذات الطبق في كل محافظات البلاد بأن الكسكسي هو الطبق الموحّد لكل أهل البلد ولسكان شماليّ أفريقيا.
وبحسب عمامو، هي أيضاً الليلة التي يتصدق فيها التونسيون بعشاء أو كل مستلزمات إعداد وجبة الكسكسي على ضعاف الحال طلباً للرحمة لأمواتهم، فيقولون: "هذا عشاء فلان رحمه الله" أو "هذا عشاء الرحمة على فلان"، وهي عادة متوارثة منذ القدم لتمكين الفقراء من تقاسم وجبة الكسكسي الفاخر مع بقية الطبقات المقتدرة.
كذلك يقول عمامو إن ليلة النصف من رمضان هي مناسبة للاحتفال بختم القرآن وبدء ختمة ثانية تنتهي مع ليلة العيد، وعادة ما يرفق ختم القرآن عند التونسيين قديماً بالصدقات السخية، سواء في شكل طعام أو مساعدات مادية.
ومن عادات ليلة النصف أيضاً، ختان الأطفال حتى يتمكنوا من التعافي في ما بقي من أيام رمضان والاحتفال بلباس العيد في موعده، إلى جانب الاحتفال بمناسبات عائلية مثل الخطبة وتقديم هدية رمضان للعروس، التي عادة ما تكون قطعة حلي أو جزءاً من جهاز العروس من أطقم طعام أو غيرها.